عن مقاومة العدوّ الخارجي والفتنة الداخليّة

عن مقاومة العدوّ الخارجي والفتنة الداخليّة

تحلّ ذكرى التحرير لتعيدنا الى تاريخٍ مضى شكّل محطّةً يفتخر بها اللبنانيّون، حين أرغموا الاحتلال الإسرائيلي على جلاء جيشه بالقوّة، فخرج مذلولاً، وهو ما لم يحصل له منذ تأسيس هذا الكيان الغاصب، بعد أن أوهمنا بأنّه الجيش الذي لا يُهزم.

إنّ لهذا الانتصار أباً وأمّاً هما المقاومة التي وُلدت من رحم ظلم الاحتلال وقدّمت التضحيات، ونمت على الرغم من المواجهات التي خاضتها مع الخارج المتآمر مع العدو، والداخل الذي يملك أجندات خارجيّة، وقد امتهن التنازل والخنوع، وارتهن لمشغّليه، وهؤلاء يتبدّلون بتبدّل المراحل والمصالح.

وحين نتحدّث عن المقاومة، فإنّنا نتحدّث عن مجموعةٍ من الأحزاب الوطنيّة التي اختارت ألا تستسلم لما يُكتب لبلدها في المؤتمرات وما يحاك له من مؤامرات، ومنها الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي خرج منه أبطالٌ لم يخشوا المواجهة، وما بَخِلوا بتضحية، وما تراجعوا أمام الشهادة، وعلى رأسهم الشهيدة سناء محيدلي، رمز المرأة اللبنانيّة البطلة.

نتذكّر 25 أيّار 2000، ونؤكّد استمرار التزامنا بما يمليه علينا ضميرنا وشعورنا الوطني، علماً أنّ ما قمنا به في ذلك الحين هو واجب علينا، لا نمنّن به أبداً. فهذا إيماننا، وهذا واجبنا، وهو ليس موقفاً موسميّاً يتغيّر مع تغيّر موازين القوى، فدعمنا للمقاومة يبقى نهجاً لا نتراجع عنه، وقد تعرّضنا مراراً لضغوطات وإغراءات فتشبّثنا أكثر بقناعاتنا.

ونتذكّر 25 أيّار 2000، ولا نعتبره سوى محطة في مسيرة مستمرّة، والمحطة التالية هي تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ووقف الانتهاكات الإسرائيليّة لسيادة لبنان، جوّاً وبرّاً، وهو ما يمنح شرعيّة للمقاومة كي تستمرّ حتى إنجاز مهمّتها، بل لنقل رسالتها.

وإذا كان البعض يظنّ أنّ في مشهد التحوّلات الإقليميّة من هو قادر على إلغاء دور المقاومة والقضاء على وجودها، فهو واهم، إذ أنّ أيّ تحوّل محتمل يجب أن تكون أهداف المقاومة في صلبه.

لقد شهد لبنان، منذ العام 2000 وحتى اليوم أحداثاً كثيرة، وكان في المرحلة الممتدّة من العام 2005 ومستمرّة حتى اليوم الكثير من المآسي والصعوبات، وبدل أن يوحّد ما حصل اللبنانيّين زادت التفرقة بينهم، خصوصاً نتيجة قانون الانتخاب الذي اعتُمد ولا يزال، وقد كرّس سياسة الزواريب، وغذّى مشاريع التقسيم.

من هنا، وبالتوازي مع نهج مقاومة العدوّ، لا يجب أن نتخلّى عن مقاومة مشاريع الفتنة التي تنمو في أرضٍ جعلها قانون الانتخاب خصبة طائفيّاً. وعلى هذين النهجين نستمرّ، ومن أجل لبنان سنقاوم، ومن أجله سنخوض المواجهات، ولا بدّ أن يكتب لنا الانتصار ما دمنا والحقّ أكثريّة…

رئيس الجمهوريّة السابق العماد اميل لحود