حكاية عمر من النضال

ثمانيةٌ وستون عاماً من العمر،

وخمسون عاماً من الانتماء،

ليست حكاية تُروى،

ولا ذكرى تُستعاد،

بل زمن صُنع بالمواجهة.

انتميت يوم كان الانتماء ثمنه غالياً،

ويوم كان الصمت خيانة،

والحياد تراجعاً،

والتراجع سقوطاً.

ناضلتُ

لا من على الهامش،

ولا من خلف الستار،

بل في قلب الصراع،

حيث يُمتحن الرجال،

وتنكشف المواقف.

ناضلتُ

حين كانت الكلمة تُحاسَب،

وحين كان الموقف يُلاحَق،

وحين كان الفعل

إمّا شرفاً…

وإمّا انكساراً.

لم أطلب وساماً،

ولا رتبة،

ولا موقعاً.

لأن من اختار هذا الحزب

يعرف أن الانتماء

ليس سلّماً للصعود،

بل التزاماً بالصمود.

وفي هذا الصراع،

لم نكن وحدنا.

كان معنا رفقاء

لم يساوموا،

لم يناوروا،

لم يبحثوا عن مخارج جانبية.

رفقاء

أكملوا الطريق حتى آخر نفس،

وسقطوا لأنهم رفضوا

أن ينحنوا.

أقولها بوضوح:

الذين سقطوا

لم يكونوا ضحايا،

كانوا شهوداً

على زمنٍ اختار فيه كثيرون

السلامة بدل الكرامة.

وأقولها بمرارة:

أثقل ما في الصراع

ليس القمع،

ولا الخسارة،

بل الغياب…

غياب من كان يجب

أن يكون هنا اليوم.

لكن غيابهم

ليس مبرراً للتراجع،

بل سبباً إضافياً للبقاء.

وهنا،

لا مجال للتردّد،

ولا عذر للصمت،

ولا شرعية للتخاذل.

وهنا،

نعود إلى قول

حضرة الزعيم المؤسِّس:

«إن لم تكونوا أحراراً من أمةٍ حرة،

فحرياتُ الأمم عارٌ عليكم.«

هذه ليست حكمة للتزيين،

بل إدانة

لكل من يختبئ،

ولكل من يساوم،

ولكل من يبرّر الهروب.

واليوم،

بعد هذا العمر،

وباسم من رحلوا،

وباسم من بقوا،

وباسم من لم يولدوا بعد،

أقولها اليوم

لا كخطاب…

بل كعهد:

لن نضعف،

لن نعتكف،

لن ننحرف.

لن نستسلم،

لن نخضع للأمر الواقع،

لن نموت… ولو سقط الجسد

عصام أبو فاعور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *