«سوريا».. واقتراب الحرب الأهلية؟!

تعيش سوريا عموماً والجزء الغربي منها بشكل خاص حالة من الغليان المبطن بالسلمية بعد ارتفاع حدة التوتر الطائفي فيها مؤخراً.

شهدت الأراضي السورية عموماً ارتفاع حرارة الأحداث فشهدت حلب اندلاع معارك ما بين قوات حكومة الجولاني وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» في مناطق التماس في حيي الأشرفية والشيخ مقصوط استمرت عدة ساعات إلى أن تم إيجاد صيغة للتهدئة قبل الانفجار الكبير بعد ارتفاع شدة التهديدات من قبل مؤيدي الطرفين ومن قبل وزير الخارجية التركي الذي هدد قسد في حال تأخر تنفيذ اتفاق 10 آذار والذي تنتهي مهلته نهاية هذا العام أي خلال أيام من الآن.

أما في الجنوب فنرى العدو الإسرائيلي يسرح ويمرح في جنوب سوريا مرتكباً كل أنواع الانتهاكات من اعتقالات إلى اعتداءات مباشرة على السكان في أرياف القنيطرة ودرعا وريف دمشق أحياناً ويقابل هذا كله دعم غربي تكلل باعتراف ترامب بملكية هضبة الجولان لكيان الاحتلال بشكل نهائي ورسمي ويقابل ذلك صمت رسمي من الحكومة المؤقتة واعتراف ضمني بالقرار عبر الخريطة التي نشرتها خارجيتها والتي تم حذف الجولان ولواء اسكندرونة منها.

ورغم كل ذلك تبقى حكومة الجولاني ومؤيدوها مشغولون بالداخل الذي يثبت كل يوم فشلهم في إدارة ملفاته وانشغالهم بشد العصب الطائفي على الأقليات لتغطية هذا الفشل، وتلعب هذه الحكومة على حافة الهاوية بالانجرار لحرب طائفية قد تودي بالبلد كلها إلى منطقة اللاعودة ولا وطن.

شهدت حمص يوم الجمعة 28/12/2025 تفجير عبوة داخل مسجد الامام علي بن أبي طالب في حي وادي الدهب والذي راح ضحيته 8 شهداء وعشرات الجرحى وقد تبنى هذا العمل الارهابي فصيل يطلق على نفسه اسم «أنصار السنة» وقد لحق هذا العمل العديد من المواقف الدولية المستنكرة لهذه الجريمة واحتقان كبير في الشارع السوري، وازداد الاحتقان بشكل طائفي في اليوم التالي بعد تشييع الشهداء وانشغال الناس على وسائل التواصل الاجتماعي بتغطية التشييع من وسائل إعلام السلطة المؤقتة والتي أصرت بكل وسائلها على عدم توصيف الذين قضوا بالتفجير بأنهم شهداء بل أصروا رغم كل الانتقادات على وصفهم بالضحايا والقتلى ما أشعل وسائل التواصل رفضاً لهذا التمييز الطائفي والعنصري، وهو ما أدى لاحقاً لخروج الشيخ غزال غزال رئيس المجلس الاسلامي العلوي في سوريا في بيان مصور يدعو فيه أبناء طائفته وكل سوري يرى نفسه مظلوماً بالخروج يوم الأحد 28/12/2025 للإعتصام السلمي والمطالبة بالفدرالية السياسية ورفض الاعتداءات المتكررة من قبل عناصر الدولة من الساعة 12 ظهراً حتى الخامسة مساءً، وهو ما حدث فعلاً فقد لبى أبناء الطائفة العلوية النداء في مناطق تواجدهم في حمص وريف حماه والساحل السوري ولكن نزل بالمقابل الشارع المؤيد للجولاني وحدثت عدة اشتباكات وانتهاكات بحق المتظاهرين فيما أكدت القيادات الأمنية مقتل عنصر من عناصرها في اللاذقية التي شهدت المشهد الأعنف والذي انتهى بنزول المدرعات لفض الاعتصام وانتشر الكثير من الفيديوهات من قبل نشطاء لمصابين تم اطلاق النار عليهم من قبل القوى الامنية في مشافي اللاذقية واستشهاد العديد والكثير من الاصابات في مدينتي اللاذقية وجبلة، فيما شهدت طرطوس توثيق بعض الاعتقالات للمتظاهرين ولكن بشكل أقل من باقي المناطق.

وبهذا السيناريو مع الكثير من عمليات التجييش الطائفي تسير سوريا اليوم بخطى سريعة باتجاه الحرب الأهلية الشاملة في الشمال والشرق مع قسد والجنوب مع السويداء التي تبقى محاصرة منذ اندلاع احداثها في الشهر الخامس وفي وسط وغرب سوريا، بينما ينسى الجميع أو يتناسى أن سوريا اليوم وضعت تحت البند السابع وفي حال ارتفاع مستوى العنف فيها فهذا يعرضها للتدخل الدولي المباشر وتكرير سيناريو ليبيا فيها.

كل الاحتمالات تبقى مفتوحة لنرى ماذا سيكون مصير ملف قسد الذي يفترض فيه الحسم خلال أيام والذي سيحدد مصير الكثير من الملفات السياسية الأخرى المعلقة في سوريا كلها.

سومر الفيصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *