انفلات السلاح يوسع الاحتقان الطائفي في سوريا

تشهد سوريا منذ عدة أيام حالات من الانفلات الأمني وخاصة في محافظة حمص في المنطقة الوسطى، وقد كانت هذه الحالة نتيجة هجوم قام به مسلحون من عشيرة بني خالد بعد ما وجد أحد أبناء العشيرة مقتولاً في منزله هو وزوجته، كما وجدت عبارات طائفية على جدار منزله ما أثار أبناء عشيرته فهجموا على أحياء في مدينة حمص يسكنها أغلبية من أبناء الطائفة العلوية متهمين إياهم بالجريمة، فقاموا بترويع السكان وحرق الممتلكات وإطلاق الرصاص على المنازل مما تسبب بوقوع جرحى وهروب بعض العائلات من منازلهم خشية على حياتهم.

وقد وثقت بعض الصور وجود عناصر من الفصائل التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة السورية المؤقتة مع العناصر المهاجمة، قام بنشرها بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين نشر آخرون صوراً ومقاطع لعناصر تساعد السكان وتحميهم.

أدت التطورات بمحافظة حمص لاتخاذ قرار حظر التجول في مدينة حمص لضبط الوضع الأمني فيها ولكن هذا الاجراء لم يعد كافياً من وجهة نظر أبناء الطائفة العلوية التي تتعرض للانتهاكات المستمرة منذ تاريخ 08/12/2024 وحتى اليوم تحت مسمى الفلول، بالاضافة لما حدث في آذار الماضي من مجازر طالت أبناء الطائفة في الساحل ومحافظتي حمص وحماه على يد عناصر تابعة لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقته، بالاضافة لحالات التغييب القسري والاعتقالات التي تقوم بها عناصر الحكومة وما يسمى بالحالات الفردية من قتل وخطف للنساء العلويات وإرسالهن لأسواق السبايا في محافظة إدلب، ما أجج الموقف بعد أحداث حمص الأخيرة فأطلق الشيخ «غزال غزال» رئيس ما يعرف باسم «المجلس الاسلامي العلوي في سوريا والمهجر» نداءً للاعتصام السلمي في كل سوريا ضد هذه الأوضاع الغير قانونية والتي لا ترسم مظهر الدولة على القيادة السورية الحالية ،لعدم قدرتها على ضبط هذه التصرفات وعدم تكرارها بعد استمرار مظاهر العنف في البلاد من الساحل إلى السويداء وشرق الفرات وكل المناطق حيث يتواجد  الأقليات.

وتمت الاستجابة لدعوة الاعتصام منذ صباح يوم 25/11/2025 في كل مناطق الساحل وحمص وريف حماه منددة بالانتهاكات ومطالبة بوقف الاعتداءات الطائفية وتحرير المعتقلين.  وقد حمل المشاركون لافتات تطالب باللامركزية بعد صبر طويل على المماطلة في ضبط الانتهاكات.

لم يمر الامر دون مهاجمة المعتصمين من قبل مؤيدي السلطة المؤقتة السورية.

ففي اللاذقية شهدت ساحة دوار الزراعة خالصة إطلاق نار على المعتصمين ووقوع إصابات وثقتها الكاميرات ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي جبلة شهد دوار العمارة حالة من الاشتباكات بالسلاح الأبيض تم الاعتداء به على المعتصمين كما تبعه  بعض حالات الاعتقال غير الرسمي ذكر منها اعتقال الشاب وليد حماد في شارع الملعب دون مذكرة توقيف، وفي طرطوس أيضاً خرجت مظاهرة تم مواجهتها بالاعتداء ولأسباب طائفية معلومة على  تمثال الشيخ صالح العلي  قائد ثورة الساحل السوري ضد الاحتلال الفرنسي ،وحدث  الامر عينه في كل من حمص وحماه  .

وفي المقابل خرجت مسيرات مؤيدة للسلطة السورية تجولت في مناطق العلويين مطلقين هتافات طائفية.

إن ما تشهده سوريا هو حالة انفلات أمني كبير يتحمل مسؤوليته أولاً الحكومة الحالية بعدم سيطرتها على السلاح لدى مؤيدي هذه السلطة وما يفعلونه من انتهاكات وعدم كفاءتها بالتعامل مع الأحداث كدولة، بل كجماعة مسلحة تسيطر بالسلاح والترهيب والتطرف الديني الذي لا يجلب على المجتمع السوري الا التفكك والمزيد من الويل.

 الدولة السورية اليوم بحاجة للغة العقل والقانون الغائب منذ سقوط النظام السابق وتعطيل الدستور لصالح تحكيم أهواء رجال السلاح والعقليات الطائفية.

سومر الفيصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *