الحزب السوري القومي الاجتماعي، لماذا أُنْشِئ، وما هي الأسباب التي جعلت من المعلم العظيم أنطون سعاده إلى إنشائه.
بعد انقضاء ثلاثٍ وتسعين سنة على تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي،
تبقى الأسباب الموجبة لتأسيس حزب،
هي نفسها المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأخطار المحدقة بالأمة السورية. وهي نفسها الحلول والحقائق التي أطلقها سعاده العظيم.
إن السؤال الأساس الذي طرحه سعاده بعمق لتحديد أسباب هذا الويل، هو نفسه اليوم وكان دافع سؤال سعاده بعد الحرب العالمية الأولى هو ما شاهده في سورية من ويلات وقهر واحتلالات ومجاعة وانقسام شعبي ومناطقي، ونعرات، وأحقاد دينية، ومذهبية.
هل تغيّر هذا الواقع المزرى اليوم؟ للحقيقة، نعم ولا.
أما الجواب (لا)،
فلأننا اليوم نشهد أمتنا تمرّ بمرحلة من أخطر مراحلها وأكثر خطورة من الحرب العالمية الأولى.
لأن في الحرب العالمية الأولى كانت هناك حروب بين الدول الاستعمارية على أرضنا وحرب بين المحتل التركي وجيوش الحلفاء.
أما الآن فعلى الأرض السورية احتلال يهودي يسعى بكل قوته للتوسع في الوطن السوري واحتلال تركي واستعماري يسرق خيرات بلادنا ويسعى لتكون السرقة أكبر، والآن يُمارَس بحق شعبنا أبشع أنواع الإبادة التي لم يحصل في التاريخ مثلها.
هذه غزة شهداؤها وجرحاها وأشلاء أطفالها شهادة على ذلك،
وهذا جنوب لبنان دمارُه وقتل مواطنيه شاهد على ذلك وهذه الحرب المجنونة على الشام، سواء من اليهودي أو التركي والحرب المذهبية المدمّرة تخبر بمدى الويل الحاصل.
وهذا العراق، والاحتلال التركي والأمريكاني، وغارات العدو اليهودي وعشرات الآلاف من الشهداء تحدثنا عن الويل والأهوال التي حلّت في بلادنا السورية.
وهذه أمتنا مقسّمة كياناتٍ ودولًا وممالكَ وإمارات وهذا شعبنا منقسم دينيًا ومذهبيًا،
ومتناحر ومتحارب بأبشع أنواع الحروب.
ومن أسباب الويلات فقدان السيادة القومية وضياع الهوية القومية ومعناها،
وانقسام شباب الامة وانجرارهم خلف المؤسسات الكيانية والدينية المتعصّبة الباطلة.
أما الجواب (نعم)، فقد تغيّرت حقائق الوعي للأمة السورية لشخصيتها، بعدما أفلح المعلم سعاده في تحديد معنى الأمة والقومية وحدد حدود الوطن السوري وعرف معاني الحرية والسيادة والاستقلال وعرف العدو اليهودي والمستعمر وأطماعه وعرف العمل السياسي وحدد المصلحة بأنها مصلحة سورية فوق كل مصلحة.
لقد قرّر بالأدلة العلمية وحدة الشعب السوري وأن الأمة السورية مجتمع واحد.
وابتدع نظرة جديدة للحياة والكون والفن مستمدة من تاريخ الأمة الثقافي السياسي القومي وابتدع فصل الدين عن الدولة لإزالة التناحر الديني والمذهبي وخط الإصلاح الاقتصادي على أساس الإنتاج والتوزيع العادل للثروة ووضع مبدأ إنشاء جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.
ان أعظم ما تغيّر هو إنشاء الزعيم سعاده للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي وحّد فيه العقائد القومية في عقيدة واحدة هي “سورية للسوريين، والسوريون أمة تامة”.
وأصبح للأمة السورية هدف تحقيق دولتها المستقلة المتمثلة بالحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يُعيّن حقوق الأمة السورية، وسيادتها، وحريتها، واستقلالها.
لقد عمل طوال ثلاثٍ وتسعين سنة هذا الحزب العظيم على محاربة العدو اليهودي بالحديد والنار ووقف ضد الأطماع الاستعمارية وقدم الشهداء الخالدين في سبيل استقلال الأمة، وما زال.
لقد حارب الانعزال ووقف في وجه النعرات الدينية وحارب التقسيم للأمة السورية، وما زال وحارب الإقطاع الاقتصادي والسياسي دفاعًا عن حقوق المنتجين فكرًا وصناعة وغلالًا.
ونشر الوعي القومي وارساء الوجدان القومي في الأمة السورية. والسعي لإقامة نظام جديد يكفل نهوض الامة السورية.
ما زال هذا الحزب الذي أسّسه المعلم سنة 1932 منارة النهوض بالأمة السورية،
وما زالت عقيدته كفيلة بانتصار الشعب السوري، وما زال الحزب متماسكًا ومتمسكًا بعقيدته التي هي خلاص الامة السورية ويقدم الشهداء لانتصار سورية وتأمين مصلحتها.

