غزة أيقظت الغرب؛ مؤثرون يواجهون ويرفعون الصوت

ماذا فعلت حرب غزة في العالم؟ أيقظت الضمائر الحية وكشفت حقيقة الكيان الصهيوني وممارساته وأفعاله الوحشية، فهب الناشطون والمؤثرون في الدول الغربية يصدرون المواقف الجريئة والشجاعة والصادقة المنددة بها دون وجل، إن على محطات التلفزة العالمية أو في المظاهرات والمسيرات الحاشدة. تعرضوا للتنكيل ولم يتراجعوا عن التصريحات والمواقف التي ألقت الضوء على المأساة الإنسانية المستمرة في غزة. والمؤسف أنه على المقلب الآخر في العالم العربي الذي يفترض أنه معني مباشرة بالمسألة الفلسطينية، لم يبادر الناشطون والمؤثرون إلى التحرك إلا فيما ندر، إما بسبب الخشية على مصالحهم وأشغالهم وإما أن الأمر لا يعنيهم عملاً بالمثل القائل «بعيدي عن ضهري بسيطة».

في الغرب ظهرت أسماء لها الباع الطويل في التمسك بحقوق الإنسان والنضال من أجل محاربة الظلم وكشف الحقائق وإظهارها. ثمة أشخاص بارزين في هذا المضمار يمثلون نموذجاً للكفاح ضد المجازر والإبادة في غزة.

 فرانشيسكا ألبانيزي

الايطالية فرانشيسكا ألبانيزي محامية وأكاديمية دولية.

 انتُخبت في أيار 2022 مقررة خاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 وقد أثار تعيينها جدلاً بسبب التعليقات التي أدلت بها في عام 2014، ووصفها خضوع الولايات المتحدة وأوروبا للوبي اليهودي بسبب «الشعور بالذنب تجاه الهولوكوست»، الأمر الذي أدى إلى اتهامها من قبل وزارة خارجية العدو الصهيوني بالمعاداة للسامية.

بعد الغزو «الإسرائيلي» لقطاع غزة، حذرت ألبانيزي من أن الفلسطينيين في غزة معرضون لخطر التطهير العرقي. في 26 آذار 2024، أبلغت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن أفعال «إسرائيل» في غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

في 18 أكتوبر 2022، أوصت ألبانيزي في تقريرها الأول بأن تضع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خطة لإنهاء الاحتلال «الإسرائيلي» الاستيطاني الاستعماري ونظام الفصل العنصري. وخلص التقرير إلى أن «الانتهاكات الموصوفة في هذا التقرير تكشف طبيعة الاحتلال «الإسرائيلي»، أي طبيعة نظام الاستحواذ والعزل والقمع المتعمد الذي يهدف إلى منع تحقيق حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
وكعادة الإدارة الأميركية، دعت مجموعة مؤلفة من 18 عضواً في الكونغرس الأمريكي من الحزبين في 2023 إلى عزل ألبانيزي من منصبها بدعوى أنها أظهرت تحيزاً ثابتاً ضد الكيان الصهيوني الذي أعلنت وزارة خارجيته في 13 فبراير 2024 منع دخول فرانشيسكا ألبانيزي إليه.

من جهتها أوصت ألبانيزي، في تقديمها تقرير عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، بإعادة النظر في عضوية «إسرائيل» في الأمم المتحدة أو تعليقها إلى أن تتوقف عن انتهاك القوانين الدولية وتنهي الاحتلال.

وبالطبع وفي إطار الدعم الأميركي للعدو الصهيوني لم يتأخر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في 9 تموز 2025 في الإعلان عن فرض عقوبات على ألبانيزي لسعيها إلى دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات ضد مسؤولين ومدراء تنفيذيين وشركات «إسرائيلية» وأميركية.

 غريتا ثونبرغ

السويدية غريتا ثونبرغ هي الأصغر سناً من بين الناشطات والمؤثرات اللواتي يعلن جهاراً مواقفهن حيال العدو الصهيوني وممارساته في قطاع غزة. غريتا هي من مواليد عام 2003. انضمت إلى أسطول الحرية المتجه إلى غزة في حزيران 2025، مبحرة على متن السفينة «مدلين» التي ترفع العلم البريطاني.

في صباح يوم 9 حزيران 2025، تم الصعود على متن السفينة «مادلين» من قبل قوات الدفاع «الإسرائيلية» في المياه الدولية، بأوامر من وزير الدفاع «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس، وفجراً تم نشر مقطع فيديو قامت غريتا ثونبرغ بنشره على حساب تحالف أسطول الحرية على منصة X تم تسجيله مسبقاً في حال الاستيلاء على السفينة قبل وصولها إلى غزة. بعد الاستيلاء على القارب اقتيد من على متنه إلى ميناء أشدود. وكانت غريتا ثونبرغ من بينهم، ثم تم ترحيلها من «إسرائيل» في اليوم التالي بعد توقيعها وزملائها على وثيقة تفيد بأنهم يرغبون في مغادرة «إسرائيل» في أقرب وقت ممكن. ثم انضمت غريتا ثونبرغ إلى أسطول الصمود العالمي، الذي اعتُبر من أكبر الجهود المدنية لكسر الحصار عن غزة، وشارك فيها أكثر من 44 دولة. وشاركت ثونبرغ في اللجنة التوجيهية للأسطول إلى جانب عدد من الناشطين الآخرين.

ريما حسن

ريما حسن مبارك المولودة عام 1992 محامية وسياسية من أصل فلسطيني وأول فرنسية من أصل فلسطيني تصبح عضوة في البرلمان الأوروبي.

 انضمت إلى أسطول الحرية المتجه إلى غزة في حزيران 2025، مبحرة على متن السفينة «مدلين«.

ولدت ريما في مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين قرب حلب في سوريا، وتنحدر عائلتها من قرية البروة المهجّرة عام1948 جنوبي عكا، وهاجرت مع أمها وخمسة من أشقائها إلى فرنسا بعمر تسع سنوات، وبعمر 18 حصلت على الجنسية الفرنسية، درست الحقوق في جامعة السوربون وتناولت في رسالتها الفصل العنصري بجنوب أفريقيا و«إسرائيل»، وأسست «مرصد مخيمات اللجوء«(OCR) لمساعدة اللاجئين حول العالم وتسليط الضوء على قضاياهم، وانتخبت عضوة عن الحزب للبرلمان الأوربي عام 2024.

منعت سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» ريما حسن من دخول الأراضي الفلسطينية، حين كانت متجهة على متن طائرة من بروكسل إلى تل أبيب، وتم ترحيلها على الفور بقرار من وزير داخلية العدو، كونها ناشطة فلسطينية منخرطة بالنشاطات والسجالات المناصرة لفلسطين والرافضة لحرب الإبادة على غزة.

بعد السابع من أكتوبر2023، عادت ريما حسن إلى مخيم النيرب للاجئين، «لتكون قريبة من شعبها» وأسست تجمع «العمل من أجل فلسطين فرنسا» على تيليجرام

 آنا كاسباريان

معلقة سياسية مستقلة وكاتبة ومقدمة برامج وصحفية أميركية من أصل أرمني، أثارت تصريحاتها حول القضية الفلسطينية وما يتصل بها من دور أميركي في الصراع، موجة واسعة من التفاعل، تراوحت بين التأييد الحاد والانتقاد اللاذع، مما جعلها محوراً للنقاش الإعلامي والجماهيري في الفترة الأخيرة.

أسلوبها الصريح واستخدامها للغة حادة ومنفعلة في التعبير عن آرائها، وخصوصاً فيما يتعلق بدولة الاحتلال والتورط الأميركي في الحرب على قطاع غزة، دفع كثيرين إلى الدفاع عن حقها في حرية التعبير، بينما رأى آخرون أن ذلك تجاوز على حليف إستراتيجي لأميركا.

برزت في العامين الأخيرين في سلسلة من التصريحات الإعلامية المثيرة للجدل، حيث عبرت عن مواقف غاضبة وحاسمة بشأن القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالدور الأميركي والدعم لدولة الاحتلال. وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لكاسباريان، وجهت فيه رسالة إلى «الإسرائيليين»، قالت فيها: «أنتم مكروهون على المستوى الدولي… لا تنخدعوا بالدعاية التي تبثها وسائل الإعلام الأميركية».

عبرت أنا كاسباريان، في عدد من تصريحاتها الإعلامية، عن موقف إنساني حاد ورافض تجاه ما وصفته بوحشية العمليات العسكرية «الإسرائيلية» في قطاع غزة.

منتقدة السياسة الخارجية الأميركية باعتبارها «منحازة ومضرة»، بل ومكرسة لدعم ما وصفته بـ«الجرائم ضد المدنيين». وقد أعلنت في مناظرة تلفزيونية «أنا أعلم ما هي الإبادة الجماعية حين أراها».

 ياسمين أجار

 ياسمين أجار هي ناشطة حقوقية ألمانية من أصول كردية-تركية وعضو في اللجنة التوجيهية لتحالف أسطول الصمود العالمي. ملتزمة بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية منذ شبابها. وقد وضعها نشاطها المستمر، في قلب حركات التضامن الدولية، من تحدي الحصار «الإسرائيلي» على غزة إلى مواجهة العنصرية وإسكات الأصوات في أوروبا. كشفت ياسمين أجار بعد الإفراج عنها من قبل قوات الاحتلال الصهيوني عقب اختطافها أثناء مشاركتها في أسطول الصمود عن تعرضها وزملائها للتعذيب. تم إلغاء دراستها في الجامعات عدة مرات. ومنعها مدير جامعة برلين التقنية التي تتعاون بنشاط مع «إسرائيل» في تصميم الأسلحة، من دخول الحرم الجامعي، فيما فُتحت أبواب الشرطة أمامها. قالت بأن «هذه ليست ألمانيا فحسب، بل العالم الغربي بأسره. إنها العنصرية، وهي السبب وراء 77 عاماً من التطهير العرقي»، وهذه الكلمات تشكل نموذجاً عن العالم الغربي الخاضع للوبي الصهيوني.