السلطة القضائية
إن دستوراً وضع للحزب، على أن يكون للأمة، ودولة الأمة، دستوراً ديمقراطياً، يؤمن باختصاص السلطات، مع ترابطها، وأن السلطات، تقوم على ثلاث:
- أولها (السلطة التشريعية)، وهي الأكثر تمثيلاً للشعب.
- والثانية مالكة القوة، (السلطة التنفيذية).
- والسلطة الحكم بينهم وبين الناس (السلطة القضائية).
في الدستور: وعلى نص المادة الرابعة من الدستور التي أشارت إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية، غابت القضائية، هل كان ذلك سهواً أم قصداً؟؟؟؟
مع أن المادة الثالثة من المرسوم عدد / 1 / المشكل لمؤسسة العمد، قد أشارت بوضوح إلى عميد للقضاء، إذن ما السبب؟؟؟؟
قد يكون وجود الزعيم على رأس السلطات، في مرحلة تأسيسه، وأن حزب الأمة في طور التكوين، وأن جهاز القضاء يتطلب إعداد وعلاقات واسعة.
لهذا نجد أن هذه السلطة القضائية في هذه المرحلة أعطيت للسلطة التنفيذية بنص المادة /19/ من المرسوم عدد / 2 / المنشئ لمؤسسة المنفذيات، حسب النص:
(يحق للمنفذ العام اتخاذ قرار في جلسة رسمية لهيئة المنفذية بفصل أي عضو (عقوبة) يجد بعد المداولة (المحاكمة) أن فصله المستعجل ضروري فصلاً مؤقتاً، ويجب أن يقدم في الحال تقريراً بذلك، إلى عمدة الداخلية (المرجع الاستئنافي). إذا وجد الأسباب كافية).
كما وأن ما ورد في نشوء الأمم عن فصل السلطات (الاشتراعية والسلطة التنفيذية، وترجيح السلطة التشريعية) *(ص139)
ولم يشر حضرة الزعيم إلى سلطة قضائية، ربما تكون في تلك المراحل غير واضحة أو أنها داخلة بصلاحيات السلطة المنفذة القوية.
الممارسة الفعلية: أكثر ما ظهرت ممارسة القضاء من قبل الزعيم، في المغترب، وذلك عندما تبين له أن أحدهم يخونه بشكل أو بأخر، يجري التحقيق ويستعين بمعلومات ووثائق من الرفقاء، ويصدر حكمه، القاضي بالطرد، وفي القضايا البسيطة وقف العضوية إلى أن يعود الرفيق إلى الالتزام، (مرسوم …. رفع العضوية عن الرفيق جورج جريج الذي كان محكوم عليه بها…..) *(الرسائل ج3 -ص 665)
في رسالة إلى (عضوي اللجنة المفوضة) 10 آب 1939. يقول عن (جميل صفدي يجب إقصاء هذا الشخص عن كل دائرة قومية وطرده من إدارة الجريدة، لأن أدلة الجاسوسية أصبحت متوفرة عليه). *(الرسائل ج1 -ص70)
وفي رسالة إلى عمدة الداخلية 29 يوليو 1947 يكتب (آسف لأنه لم تجر أية مذاكرة، معي في صدد جلسة المحكمة التي عينت للنظر في قضية الرفيق أسد الأشقر *(الرسائل ج3 -ص806)
في رسالة إلى نواف حردان يقول: (يحمل إليكم هذا الكتاب السيد خليل الحداد الذي له قضية مع أحد أعضاء الحزب في ميمس، وسبق لإدارة الحزب المركزية أن اهتمت وسعت لحلها، ولكن القضية ظلت معلقة، فسهلوا للسيد الحداد الوصول إلى نتيجة مرضية صلحية). *(8 نوفمبر 1947 -الرسائل ج3 -ص837)
وإلى إدوارد سعادة في رسالة يعلمه فيها، بعد أن حاوره فيما ذهب إليه من اتجاه *(الرسائل ج3 -ص 855).
وحول قضية الرفيق فريد آغا القلعة، الذي وقع بإشكال مالي مع الرفيق زكي نظام الدين، فتقدم للحزب يعلن استقالته، فيجيبه الزعيم (أقدمتم على التفرد برأيكم خارقين النظام وأساس المساواة بين القوميين الاجتماعيين في الحقوق والواجبات ووجوب الرجوع إلى القضاء القومي الاجتماعي، وإلى السلطة القومية الاجتماعية العليا في جميع الأمور، وخصوصاً أمور الكرامة الشخصية، التي يجب أن لا تكون، ولا مرة فوق قداسة القضية العظمى، والنظام الأساسي، والتي تجد في النظام وفي متعهديه أقوى ضمان لصيانتهما) *(الرسائل ج3 -ص 881)
وما استعمله الزعيم من صلاحياته، عند عودته للوطن من محاورة ومحاكمة القيادات، لما قامت به من أفعال تخالف المبادئ والنظام واتخاذه قرارات الطرد، كعقوبة، نظامية، متوافقة مع النظام والصلاحيات. فقد شعر أنه آن الأوان لتشريع للسلطة القضائية، خاصة بعد هذا الانتشار الواسع للحزب، وحصول إشكالات بين القيادة والقوميين، وبين القوميين أنفسهم والآخرين،
فكان مرسوم المحكمة المركزية للحزب السوري القومي الاجتماعي: وفقاً للنص التالي:
مادة أولى:
تنشأ في الحزب السوري القومي الاجتماعي محكمة مركزية تدعى المحكمة المركزية للحزب السوري القومي الاجتماعي، يكون مركزها الرئيسي في بيروت.
المادة الثانية:
تنظر المحكمة:
أولاً: في الخلافات المدنية التي تنشأ بين القوميين.
ثانياً: بالمخالفات الحزبية، وتمتد صلاحياتها المحلية حيث يوجد قوميون اجتماعيون.
مادة ثالثة:
تفض المحكمة الخلافات المدنية حسب القوانين العامة والعرف القومي الاجتماعي المستمد من مبادئ الحزب، وتحكم بالمخالفات الحزبية، فتقضي باللوم والتأنيب والتوبيخ والفصل والطرد، وبتعويض مالي لصندوق الحزب.
مادة رابعة:
تتألف المحكمة من رئيس ومستشارين مجازين بالحقوق ومن مفوض عن الحزب وكاتب يعينون جميعهم بمرسوم من الزعيم.
مادة خامسة:
يرفع القوميون الاجتماعيون خلافاتهم إلى المحكمة مباشرة بواسطة الإدارة الحزبية، وأما الخلافات الحزبية، فإن المحكمة لا تضع يدها عليها، إلا بعد تحويلها رسمياً من مفوض الحزب.
مادة سادسة:
في كل القضايا يمثل الحزب المفوض عن الحزب ويعطي مطالعاته في المسائل الجاري فصلها
مادة سابعة:
إن اليمين التي تطلبها المحكمة هي الآتية (أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي. أن أقول الحق كل الحق (ويجوز لها أن تتخذ كل الإجراءات الأصولية التي تراها ضرورية وموافقة لطبيعة النزاع).
مادة ثامنة:
الأحكام التي تصدرها المحكمة هي أحكام مبرمة، إلا أنه يجوز للزعيم أن يقرر إعادة النظر في حكم المحكمة، فتحال القضية عندئذ إلى هيئة جديدة تتألف من أعضاء جدد يعينهم الزعيم بمرسوم لهذه الغاية.
مادة تاسعة:
تنتقل المحكمة إلى حيث تدعو الحاجة للفصل بالخلافات والقضايا المعروضة عليها، ولا يجوز انتقالها إلا بناء على مرسوم يصدره الزعيم لهذه الغاية.
هذه المواد القليلة والأسلوب الواضح البسيط، شملت عبارته، تشكيل المحكمة، واختصاصاتها في الخلافات بين القوميين والمخالفات الحزبية، واستقلالية السلطة القضائية.
المؤكد أن هذا المرسوم قد صدر عن الزعيم، ونشرته عمدة الثقافة بنشرتها حيث، نشر في كتاب (قضية الحزب القومي) الذي أصدرته السلطات اللبنانية (وزارة الأنباء) لهذا لم نعرف تاريخ صدوره، وإذا كانت ثمة مواد متممة.
عبد الوهاب بعاج ـ الحلقة العاشرة

