نابولي وعودة “أبناء الجنوب”

نابولي وعودة “أبناء الجنوب”

بعد معاناة طويلة، وهبوط إلى الدرجة الثالثة، وغياب دام 33 سنة عن البطولة، عاد حلم الفوز بلقب الدوري الإيطالي لمداعبة عشاق نادي نابولي، فأبناء الجنوب يتصدّرون جدول الترتيب وبفارق 18 نقطة عن أقرب المنافسين.
آخر عشر سنوات، اقترب نابولي كثيرًا من تحقيق اللقب، لكنّه بقيَ عصيًا على النادي خلال تلك الفترة، إذ احتل المركز الثاني في أربعة مواسم، وهو أفضل ما تمّ إنجازه.
هذه العودة للمجد، والتي غابت منذ عصر الأسطورة مارادونا، أسبابها عديدة، أوّلها الاستقرار الذي عرفه النادي منذ أن تولّى أوريليو دي لورينتيس رئاسة النادي، فمنتج الأفلام السينمائية، والذي يتعرّض لانتقادات كثيرة بسبب سياسة النادي الاقتصادية “المتقشّفة”، تمكّن، منذ توليه منصبه عام 2004، من بناء منظومة منافسة تربّعت هذا الموسم على عرش الكرة الإيطالية بشكل مريح، وفرضت نفسها كمنافس قوي في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم.
السبب الثاني وراء نهوض “المارد الجنوبي” هو وفاء جماهيره، باعتراف اللاعبين أنفسهم، فعشاق نابولي المجانين بحب النادي، ساندوه في محنته، كما في مجده، لا بل أكثر، وفاق عدد الجماهير في الملعب حين كان يشارك في دوري الدرجات الأدنى، عدد جماهير الأندية المشاركة في دوري الدرجة الأولى في الكثير من الأحيان.
المدرّب لوتشيانو سباليتي يلعب دورًا رائدًا في هيمنة نابولي هذا الموسم هو الآخر، ففي 24 مباراة فاز النادي 21 مرة، تعادل مرتين، وخسر مرة واحدة من الوصيف انتر ميلان بهدف نظيف.
مستوى “أبناء الجنوب” في دوري الأبطال لا يقلّ عظمة عنه في الدوري، في دور المجموعات تصدّر النادي مجوعته على حساب ليفربول الوصيف، وفاز في خمس مباريات من ست، وخسارته الوحيدة كانت من ليفربول بهدفين نظيفين في الأنفيلد، وفاز على فرانكفورت في ذهاب الدور ثمن النهائي، ويُعتبر أبرز النافسين على لقب البطولة هذا الموسم.

حال نابولي هذا الموسم أعمدته عملية البناء الذكية، توفير المال واكتشاف عبقري للاعبين. فالنادي تخلّص من لاعبين تقدّموا في السن، وكانت رواتبهم مرتفعة مثل لورينزو إنسيني، دريس ميرتنز ، فابيان رويز، وكوليبالي، واستقطب لاعبين نجوم، تغاضت عنهم الأندية الكبرى كخفيتشا كفاراتسخيليا على سبيل المثال.
التشكيلة هذا الموسم تتمتع بكيمياء رائعة، خلقت منظومة متفاهمة، جعلت من نادي بابولي ناديًا متكاملًا، فرض نفسه لا محليًا فقط بل أوروبيًا، ناديًا شكّل مثالًا يحتذى به في التخطيط والبناء، بعيدًا عن الأسماء الرنانة والصفقات المجنونة، وهو قاب قوسين أو أدنى عن تحقيق حلم طال انتظاره.

جو شمعون