بهدف مواكبة “الترند”.. هل باتت مهنة الصحافة في خطر؟

مرض “الرايتينع” وتصدر “الترند” بات ينهش معظم المؤسسات الإعلامية المحلية، إذ يسارع عدد كبير من الصحافيين الى تداول أخبار مغلوطة وتناقل معلومات غير دقيقة، من دون تكبّد عناء التأكد من صحة الخبر، أو حتى الاستفسار عن مدى دقة المعلومة من الشخص المعني.

في معظم الأحيان، يكون المصدر لهؤلاء هو مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتناقل رواد تلك المواقع خبرًا عشوائيًا، فيصبح هذا الأخير معلومة صحافية تتصدر المواقع الإلكترونية وعناوين الأخبار، بعد تناقلها بطريقة “نسخ لصق”، بهدف مواكبة “الترند” والحصول على أعلى نسبة مشاهدات وتحقيق “الإنجاز العظيم” على حساب أشخاص يُفاجأون بأخبار عنهم لا أساس لها من الصحة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، انتشر في الأيام القليلة الماضية خبر زواج الفنان اللبناني وائل كفوري من حبيبته الأولى المغربية، وذلك بعد 19 سنة من الفراق بسبب اختلاف الاديان، حيث عمدت إحدى المواقع الفنية الى نشر تفاصيل عن الموضوع وتزويد الخبر بمقاطع فيديو ومجموعة صور، مع ذكر اسم الشابة من دون مراعاة خصوصيتها، فبات هذا الخبر متداولًا بشكل واسع، ما جعل الأخيرة تهدد باللجوء الى القضاء واتخاذ الإجراءات اللازمة، باعتبار أنّ ما حصل تشهير بشخصها، بينما التزم وائل كفوري الصمت ولم يعلّق على الموضوع.

وكما في الفن، كذلك في الأخبار الاجتماعية والسياسية، إذ غالبًا ما يتم تناقل أخبار ومعلومات مغلوطة، مع ذكر أسماء أشخاص قد لا يكون لهم أي علاقة بالموضوع، ما يسبب لهم مشاكل وأزمات مع مجتمعهم ومحيطهم، كما قد يؤدي ةي خبر غير دقيق الى خلق فتنة ومشاكل بين مؤيدي الأحزاب وبعض الجهات السياسية، فيسارع المعنيون الى نفي الخبر، بينما يتوعد البعض بمحاسبة الصحافي المسؤول والمؤسسة الأعلامية التابع لها، بتهمة التشهير عن قصد او غير قصد، نظرًا للأذى الذي تسببوا به، بينما يكون القصد لدى الصحفي أن يحصل على “سكوب” ويسارع في نشر المعلومة، من دون التأكد من صحتها.

حكمًا، لو كنا في بلد تُطبق فيه القوانين بحذافيرها وبشكل صحيح، ولو كانت الرقابة على الإعلام والوسائل الإعلامية تسير على قدم وساق، لما كنا وصلنا الى هذا المستوى المتدني من المهنية؛ أنّما في عصر السرعة وبعد أن أصبح الحصول على بعض الإعجابات وما يتبعها من جني أموال على المنصات، هو الهدف الأساسي على حساب المصداقية والمهنية للصحفي والقناة التي يعمل لصالحها، فلا بد من القول إن الإعلام أصبح في خطر شديد، ومهنة المتاعب باتت مهنة “ولا أسهل” لدى البعض، إذ كل ما في الأمر بات بضع ساعات يتنقلون فيها بين التطبيقات ومواقع التواصل على الهاتف المحمول بين يديهم، “يخترعون” من كل خبر قصة ويتداولونها على أنها “معلومات خاصة”، فيحققون بذلك الهدف المرجو وهو تصدر الترند.

وبعيدًا عن كل ذلك، لا يمكن إنكار المجهود الذي تقوم به فئة ولو قليلة من الصحافيين والصحافيات، الذين يرفضون تداول أو نشر أي خبر أو معلومة من دون التأكد من صحتها والاستعانة بمصدر موثوق يحسم لهم الجدل حول دقة الخبر، محافظين بذلك على أصول المهنة والهدف الأساسي من العمل الصحافي، ألا وهو إيصال المعلومة الصحيحة والدقيقة بعيدًا عن أي تلفيقات أو ادعاءات كاذبة، متجاهلين “إغراءات الرايتينغ وتصدر الترند”.