استيقظ فجأة رهط لا بأس به من اهل السياسة كما والناس على اهمية وضرورة حضور الدولة في الحياة العامة وان يعهد اليها وحدها تسيير الشؤون التي كفلها لها الدستور كما والقوانين المرعية الاجراء، اي ما عهد إلى نموذج الدولة الويستڤالي الذي قام في أوروبا بعد مخاض عسير شهدته العلاقات الأوروبية /الاوروبية.
في بلادنا التي حكمت لآلاف الأعوام بمنظومات امبراطورية، من دينية وغيرها، يعتبر البعض ان ذلك النموذج الأوروبي انما غريب عن ثقافتها وتريد تطويعه ليتلاءم مع الفكر القبلي والإثني والديني وحتى المذهبي للفريق الذي يسيطر على الحياة العامة، عسكري، مدني ام من ذوي الخلفية الايمانية التي صكها العهد القديم دون سواه لما دعي خطأ بالتوحيد الإبراهيمي.
مؤخراً ادلى الموفد الاميركي من أصول زحلاوية، ان لا وجود لدول في منطقتنا وما هو قائم انما كان خلفه مصالح إنكليزية /فرنسية وما هو قائم حالياً حكم قبلي عشائري الخ ويدعم فخامة الرئيس اللبناني تلك المقولة اذ يقول باعتزاز على منبر الامم المتحدة ان نموذج دولته هو الذي سمح ليكون المسيحي الوحيد الذي يترأس دولة في القارة الآسيوية. التصريحين كان يمكن لهما ان لا يكونا لو ان الغرب لم يلجأ إلى الاحتيال والمدالسة والتغرير والتهديد والوعيد حينما وقفت الشعوب في هذه المنطقة لإسقاط آخر خلافة إسلامية في إسطنبول وتعهد الدول الغربية بإقامة مملكة عربية بقيادة الشريف حسين. هذا التدجيل من قبل الغرب الذي ينتسب كما يقال للإيمان المسيحي/اليهودي لم يكتف بالكذب والاحتيال، بل أضاف اليهما حقن المنطقة بجرثومة بلفورية تجاوز أثرها الحقن التي شهدناها في القارة الأفريقية من ايبولا للإيدز لأخر العنقود الكوروني الذي شهده العالم مؤخراً.
بالطبع هناك حاجة وملحة لاستتباب الدولة لكن قبل ذلك علينا توضيح المصطلح الذي يعيبنا حضرة الموفد على انتفائه في مجتمعنا.
ان من منع ظهور الدولة التي يعيرنا جناب الموفد بعدم وجودها، انما يقف خلفه الحضارة الغربية التي يتغنى حضرته بانه يمثلها اليوم ان في أعقاب الحرب العالمية الاولى او بعد ان تربعت الدولة التي يمثلها على اعتبار نفسها شرطي العالم كما وصفها الرئيس الكولومبي. ولكي نوضح أكثر لسعادة الموفد ولفخامة المسيحي الوحيد، ان شعوب المنطقة لم تختر النموذج الديني حينما وقفت مع الغرب بأسقاط خلافة بني عثمان، بل طالبت بمملكة عربية ومن قام بتجييش الناس دينياً ومذهبياً
ولاحقاً اثنياً وعرقياً، انما الزواج المثلي الذي حدث بين العهدين القديم والجديد والذي يفتخر بهما الغرب ويحاول ان يضيف اليوم اليهما الإسلام بما يسمى الابراهيمية ليكتمل النقل بالزعرور ونصبح امام اباحية ثلاثية الأبعاد.

