الصراع على المشرق

الصراع الدائر في وعلى هذا المشرق قد يكون للبعض من كارهي القراءة أو من احادييها، انما حدث جديد قام مع نهاية الحرب العالمية الاولى وتجدد مع موقف الملك فيصل باستخدام سلاح النفط في معركة عام 73. هذا البعض يتناسى كل العهود التي مر بها مشرقنا منذ الاجتياح القورشي الذي تلاه الإغريقي فالروماني وصولا إلى غزوة أهل الجزيرة «إصرار الإسلاميين على إعطاء الرسالة المحمدية صفة الغزو». ناهيك عن التجاذبات التي كانت تجري فيما بين الغزاة أنفسهم.

في كل حقبة من تلك الحقبات كان لدى الغزاة سرديتهم إلا ان جميعها كانت لأسباب اقتصادية حتى وان عنت جلاء شهدنا آخر نماذجه في مرحلة الانتداب. والغزاة لم يكن لهم ليفلحوا فيما هم عازمين عليه إلا بسبب التهاون الداخلي والضعف أو صراعات فيمن هو الديك من اهل البلاد. الامر الذي يجعل البعض يرى في ألغازي فرصة ليتربع على مزبلته على ان يقوم بتعديلها لاحقاً. وغزوة الاميركي اليوم لا تحيد عن المفهوم وان رأى فيها بعض الديوك نموذج يحمل معه الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، لأن محموله الفكري لا يتناسب مع ثقافة المنطقة التي تجاذبها في نهاية القرن الماضي مفهومين، إسلامي وقومي وداخل كل منهما تفرعات لا تبدأ بالسلفية ولا تنتهي بالأممية الرابعة أو ما بعد الرابعة. وهنا نستشهد بالعقيد القذافي الذي أطلق حواراً سنويا بين جميعها كان مناسبة للتمويل اكثر مما هو محاولة لتقريب وجهات النظر بين مختلف القوى التي ادعت انها لا ترضى باقل من القدس عاصمة لفلسطين.

يتذرع بنو إسرائيل اليوم بحقبة من حقبات التاريخ مارسوا خلالها نشاط سياسي على بطاح «اور سالم» فلسطين اليوم وليؤكدوا سرديتهم طلبوا مؤخراً من تركيا تسليمهم نقش سلوان الذي يفيد بان نفقا وبركة لتجميع المياه جرى تشييدهما قبل 2700 سنة في عهد الملك قزحيا وإنهم على استعداد لتلبية أي مطلب تركي إضافة إلى أي مبلغ تراه مناسباً. هذا الاستقتال للاستحواذ على نقشِ قد يكون مزورا كما حال سردية التوراة يقابله لدى جهابذة السلفية تدمير كل نقوش ما قبل الفترة الإسلامية في العراق وسورية الأمر الذي يوحي بان من يقف خلف هؤلاء هدفه واضح تمرير الطرح الابراهيمي الذي قامت السرديات الدينية على خلافها بتبنيها ولم يكلف نفسهما نظام البعثين طيلة اكثر من نصف القرن بتزويد الرأي العام بسردية تراث بلاد ما بين النهرين ولا حضارات ايبلا وماري ورأس شمرا التي تثبت ان السردية الابراهيمية ذات المسند التوراتي انما اقتباس عن حضارات وثقافات كانت قائمة في كلا البلدين.

لا يعتقد أحد أن ما ترمي اليه الصهيونية انما الدفع باتجاه إحياء الدين أكان إبراهيمياً أو سواه كل ما في الأمر هو عملية احتواء لطمس معالم الهوية لشعب عرف التمدن والحضارة لآلاف السنين استطاع خلالها تزويد البشرية بالأسس العلمية لما هو قائم اليوم. ما يعني الصهاينة امر واحد نهب خيرات الشعوب وتكديس الاموال، ولا تقوم بذلك بنفسها بل تستخدم الدول والشعوب للوصول إلى أهدافها وقد فعلت ذلك على مر العصور ورأت بالعنصر اليهودي الأقرب إلى ما ترنو إليه، هؤلاء الذين طردهم السيد عيسى بن مريم من الحرم المقدسي لانهم يشوهون رسالة السماء بحقدهم وكراهيتهم لما عداهم من شعوب واعتبارهم شعب الله المختار .

ياسر حداد