آن لشعوب العالم العربي أن تستفيق

الضربة الأخيرة على قطر التي نفَّذها العدو اليهودي، وبموافقة لا بل ومشاركة أميركية، قطعت الشك باليقين أن الولايات المتحدة الأميركية والعدو اليهودي خططهما واحدة وأهدافهما واحدة: الاستيلاء على العالم العربي والعالم النامي، هل يتعظ المترددون في شعبنا وشعوب العالم العربي بأن الولايات المتحدة والعدو اليهودي وحلفاءهم ليسوا مصدر استقرار ولا مصدر سلام في المنطقة، بل هم رأس الحرب ورأس الشر ورأس الفتن في بلادنا والعالم العربي؟

وهل من المفترض بأحدٍ في العالم العربي أن يعتقد أن الرعاية الأميركية والمنظمات الدولية تحصّن الحياة وتجعلها رغيدة إذا ساروا في ركاب الأميركي والعدو اليهودي؟ وهل مسموح عقليًا ومنطقيًا أن يفكر أحدٌ في العالم العربي أن الإتفاقية الإبراهيمية هي السبيل الوحيد لتحييد بلادهم عن الضربات اليهودية والأميركية؟ على الشعوب أن تقول كلمتها الفاصلة وأن توقف هذا الزحف السلطوي في دول العالم العربي نحو إبرام إتفاقية الإبراهيمية، والتسويق لها على أنها تجلب لشعوبهم ولبلدانهم الاستقرار والازدهار الاقتصادي، وبالتالي يعمّ السلام في بلدانهم بمعزل عن حقنا في فلسطين وعذابات شعبنا في فلسطين «لأن هذه المسألة أنكرَتْها الأنظمة منذ زمن طويل»  فإن همّهم هو كيفية إرضاء الولايات المتحدة والعدو اليهودي، وأن يظهروا كحكام مطيعين ينفّذون ما يأمرهم به الأميركي واليهودي، بعد تلك الضربة سقط ما في يد هؤلاء الحكام أمام شعوبهم، وأسقطت حججهم الواهية للاستسلام لا «للسلام»، قد أُحرِجوا، وأصبحت الإتفاقيات والمعاهدات والتسليح والقواعد العسكرية كلها كذبًا، ووهمًا وسرابًا أمام مصلحة العدو اليهودي والأميركاني.

كانت شعوب العالم العربي تنتظر أن يصدر من قمة الدوحة موقفٌ مشرف من قادة الأنظمة العربية الزاحفة خلف الأميركي واليهودي، أقلُّ هذه المواقف: قطع العلاقات مع العدو وإلغاء اتفاقيات «السلام» المذلّة معه، أو على الأقل إلغاء الاتفاقية الإبراهيمية أو الانسحاب منها أو النقاش حولها، أو سحب المبادرة العربية «للسلام»، أو وقف التعامل الاقتصادي والتجاري والملاحي مع العدو، كانت الشعوب تنتظر هذه المواقف التي هي مواقف الحدّ الأدنى التي يفترض أن تتخذها القمة للحفاظ على شرف شعوبها، الشعوب لم تكن تنتظر تفعيل إتفاقيات الدفاع المشترك التي تنص عليها الجامعة العربية، ولا كانت تنتظر تشكيل قيادة موحَّدة لجيوش العالم العربي للتصدّي للعدو اليهودي والهيمنة الأميركية، ولا كانت تتوقع أن يُستعمل النفط سلاحًا في وجه الدول المؤيدة للعدو اليهودي، بل كل ما انتظرته الشعوب هو موقف غير خاضع وغير مهين لشعوب العالم العربي، ما سمعناه في مواقف الدول والأنظمة لا يتعدّى خطابات دعمٍ كاذبة لا تُترجم في أي حركة عملية يعتمد عليها لمواجهة العدو اليهودي والاستعمار الغاشم الأميركي، ما صدر عن القمة العربية هو مواقف تجعل من شعوب العالم العربي شعوبًا مهددة بالإذلال والعبودية.

لا عجب أن يصدر عن قادة الأنظمة هكذا بيان أو هكذا مواقف، العجب كيف تظل شعوب العالم العربي العزيزة والمغلوب على أمرها والمقموعة من قبل هذه الأنظمة ساكتة وساكنة، كيف لا يغضب الشعب في سورية وفي العالم العربي، وأطفال فلسطين ولبنان يتحولون إلى أشلاء كل ثانية؟ كيف لا يغضب الشعب، وكل منطقة وكل مواطن في العالم العربي مهدَّد بالموت على يد العدو اليهودي والمستعمر الأميركي وحلفائهما، وهذا مشهد قطر أمامهم.

على كل المواطنين الشرفاء الذين يشعرون بالوجدان الوطني في العالم العربي أن يكونوا مدعوِّين إلى التلاقي وشبك إمكانياتهم بعضها ببعض لإنشاء جبهة عربية واحدة مشتركة متينة قادرة، مهمتها التصدي للعدو اليهودي والاستعمار الأميركي وحلفائهما، أما في الأمة السورية، فندعو الشعب السوري إلى وعي مصيره الواحد الموحَّد، وندعوه إلى إسقاط أوهام كل كيان يحسب نفسه  أمة أو أوهام كل دين أو مذهب يقسمها، وأن يرى أن ما يحصل في فلسطين ولبنان يعنيه بالصميم وأن الخطر مهدّد لوجوده وبقائه، وعلى الشعب أن يسقط من حساباته أن الولايات المتحدة الأميركية أو المنظمات الدولية هي حصن كياناتهم وتحمي مذاهبهم.

وبعد أن صار واضحًا للجميع أن العدو اليهودي يرى أن كل مواطن سوري عدو وجودي له، وأن كل منطقة من كيانات الأمة السورية جزء من الوطن الموعود لليهود بالتوراة، ويرى المستعمر الأميركي وحلفاؤه أن كل نقطة نفط وكل نقطة غاز وكل مورد طبيعي وكل مرفأ وكل ميناء وكل عقدة مواصلات هي من حقّه ويتوجَّب عليه السيطرة عليها تحقيقًا لشعار «أميركا أولًا» وادِّعاء قيادة العالم الديمقراطي الموهوم، بعد هذا الوضوح على الشعب السوري إسقاط أنظمة الاستسلام والالتفاف حول المقاومة الوطنية الشاملة شعبًا وجيشًا، وتعزيز قدراتها.