اعلان نيويورك وحرب الإبادة

يتعرض الشعب الفلسطيني للإبادة في غزة وقد اصبح الخيار المتاح أمام أهل غزة هو الموت هنا أو الموت هناك أو الهجرة إلى الخارج، الأمر الذي لم يرقى إلى اهتمام القمه العربية الإسلامية التي انعقدت بالدوحة، ليكون في مستوى اهتمامهم بالاعتداء على سيادة قطر، فيما الضفة الغربية يتم ضمها في غالبها إلى دولة الاحتلال، وتصادر الأرض ويرّحل السكان، من قراهم و اماكن سكناهم في مناطق ب و ج،  أما مناطق أو التي تمثل 18% من أراضي الضفة الغربية و 2% من فلسطين الانتدابية، فتحاصرها البوابات العسكرية التي تجعل منها معازل ضيقة ويتحكم الاحتلال بحركة الفلسطينيين داخلها و خارجها، صغيرة و بما يجعل من إقامة دولة فلسطينية امرا مستحيلا لعدم وجود مكان لها لا بل ولا يسمح حتى بإقامة حكم ذاتي محدود، وقد وصل عدد هذه البوابات التي تم تركيبها منذ السابع من تشرين أول 2023 إلى 950 بوابة.

كل ما جرى انما يجري تحت سمع وبصر العوالم العربية والإسلامية كما تحت سمع وبصر العالم الواسع، ولكن مع هول ما يجري لا تريد ان تراه هذه الدول القادرة على التحرك، ان توفرت لديها النوايا الصادقة، وهي غير متوفرة، من اجل اتخاذ اجراءات عمليه ذات تأثير لوقف الإبادة الجماعية في غزه ودليلنا على هذا استمرار لا بل تصاعد القصف والقتل والإبادة والهدم والتدمير ونصب مزيد من البوابات ومصادرة مزيد من الارض في الضفة الغربية، فلا المقاطعة اتت بنتيجة حتى الان برغم التهويل الاعلامي عن اثرها ولا توقف التعاون العسكري والامني و السياسي بين تلك الدول ودولة الاحتلال. وقد ذكرت وسائل الاعلام الإسرائيلية، يوم أمس الخميس، تأكيدات على أن التنسيق الأمني مع كل الأطراف التي لها علاقة بإسرائيل تسير على طبيعتها ولا تتأثر بضربة قطر ولا بما يجري في غزة

هذه الدول عربية وغربية تريد اكمال الدور المنافق الذي يرتدي قناعا داعماً لفلسطين في الظاهر، ولكنه في حقيقته يمثل طريقاً ذو اتجاه واحد نحو التطبيع مع دولة الاحتلال وفتح مجالات الاقتصاد والتجارة والتعاون الاستثماري والتنسيق الامني، مقابل كلام لا قيمة له يتم بيعه كبضاعة مسمومة لأهل فلسطين أو لمن يحب فلسطين وأهلها.

هذا الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي لم يعد لها مكان في الجغرافيا لا علاقة له بالدفاع عن فلسطين وانما يأتي خدمة لحسابات جيو ـ سياسية تعني القضاء على الاردن بصيغته الحالية وتحويله لدولة فلسطينية وتمهد الطريق لمزيد من التطبيع العربي والاسلامي مع دولة الاحتلال وفي ذات الوقت بالضفة الغربية.

اما اعلان نيويورك وما تهدف اليه فرنسا والسعودية بالحقيقة فهو ليس الا تكرار الحديث الممل عن حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى تعيش إلى جانب دولة الاحتلال وذلك باعتباره قناع يخفي وراءه ما تحتاج اليه دول النظام العربي لتبرير تطبيعها وانخراطها في حلف ناتو شرق اوسطي ولا يهدف إلى خدمة فلسطين أو لتحقيق العدالة لشعبها أو حتى بشكل ملح إلى وقف ما يجري في غزة والضفة الغربية، وانما يجد في المقاومة وانصارها ومحورها العدو.

هذه الدولة الفلسطينية المفترضة سيكون عليها مسبقا التخلي عن كل اشكال الكفاح المسلح والسلمي بأبعاده العسكرية والفكرية وعليها ان تدين المقاومة التي قامت بعدوانها على الجار الطيب في السابع من تشرين اول 2023 لا بل وقد تكون مطالبة بنفي جرائم الإبادة التي تجري في غزة واعلان ان غزة تعيش بدلال ورفاهية وان الحديث عن المجاعة التي تفتك باهلها ليس الا أكذوبة من اكاذيب المقاومة.

يقول نتنياهو وبشكل قاطع ان لا حل ولا وصول إلى صفقة أو تهدئة، ويقرن أقواله بفرض حقائق داعمة على الارض، وهذا هو الموقف الرسمي والحقيقي والذي يراه ترامب سعيا نحو السلام، فيما يصل الوزير المقرب من نتنياهو إلى لندن للاجتماع بالمبعوث ويتكوف وتنسيق المواقف مع تطورات حرب الابادة،

هكذا تكون أطراف اعلان نيو يورك ومن يسير في ركابهم قد تركوا الفلسطينيين امام مصيرهم القاسي وضحية لآلة القتل، فيما يظنون انهم يغسلون ايديهم من الدم الفلسطيني بهذا الاعلان البائس.