رسالة مفتوحة إلى رئيس جمهورية لبنان الجنرال جوزيف عون

   المعلومات المتوفرة لدى عامة الناس عن فخامتكم، أنكم ضابط في الجيش وقد حزتم على ثقة الرئيس السابق العماد ميشال عون فعينكم قائداً لجيش الوطن وبالتأكيد خدمتم في ظل قيادة كبير آخر لم يعرف أمثاله لبنان منذ تأسيسه، الجنرال أميل لحود الرجل الذي وقف إلى جانب شعبه كله من شماله إلى جنوبه لم يكترث للتحديات  التي أرعبت كل القيادات التي تولت مسؤوليات ما بعد الطائف فحاربوه كما حاربوا الرئيس عون سلفكم وذلك فقط لان الاثنين لم يكترثا لا للتهديدات العربية ولا الغربية بخصوص المقاومة، وأرادا بناء دولة مواطنة بدل تلك المزرعة التي عشنا في ظلالها طيلة ما بعد الاستقلال والتي أنتجت أزمات في الخمسينات والستينات وحرب أهلية كادت تطيح بالوطن ككل.

إن الثقة التي منحت لكم بانتخابكم رئيسا، تحتم على حضرتكم إدراك المخاطر السياسية التي تواجهنا مترافقة مع خبرتكم العالية في المؤسسة العسكرية ونحن في أجواء سياسة الغرب الذي لا يستهويه منطق الدول السيادية في هذه البقعة من العالم.  الغرب الذي يريد استكمال نهبه للموارد كما فعل ويفعل بالخليج لذا أقام حاملات طائرات برية في فلسطين بشراذم اليهود الذي اضطهادهم لقرون. ولأنه عنصري احتلالي حاقد منذ رسالة السيد المسيح ،عليه تدمير نموذج كلبنان تتفاعل في ظله 18 طائفة ومذهب والعديد من الاثنيات، التي لو ادركت القيادات التي تولت الحكم منذ إعلان الكيان قيمة وجودها ، لوفروا على بابا روما نداءه بانه رسالة، أما العرب فلا يطيقون وجود بلد لا يملك إلا عقول وفرادة أبنائه الذين يمارسون ديمقراطية نسبية في السياسة ويتداولون السلطة، ولا زال فيه اليوم أربعة رؤساء سابقين ما زالوا على قيد الحياة، كما انه البلد الوحيد الذي احتلته دولة الكيان الغاصب واستطاع ان يحرر أرضه دون ان يوقع معها اي اتفاق كما فعل أصحاب النياشين والتيجان والجيوش الجرارة في دنيا العرب.

فخامة الرئيس

بالاطلاع على تاريخ المنطقة منذ الزمن التاريخي الجلي منذ سومر وبابل وآشور واكاد وكنعان وصولاً لما دعي فتحا اسلامياً، دون الاتكال على ما كتبه مزورو التاريخ من حاخامات اليهود وأدعياء التنصر ممن لم يفقهوا رسالة السيد الذي لم يطلب من تلاميذه إلا إشاعة المحبة بين الناس بدل الحقد والكراهية التي أدمنوا عليها ولا يزالون، نرى أنها كلها دعت إلى وقف الربا وإزالة السدود بين أهل المجتمع الواحد. أما مدّعو الإيمان التوحيدي المحمدي الذين طالبهم النبي العربي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما ولا إكراه بالدين وأمركم شورى بينكم ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ،ها هم شيوخ الفتن أدعياء الدين الحنيف من الذين تربوا في ظل أنظمة المخابرات الدولية الإنكليز في الأمس والأميركي اليوم الذي اقر معظم مسؤولوه انهم وظفوا الوهابية التي أنتجت القاعدة والنصرة وداعش والحبل عالجرار، يبثون الكراهية والحقد بين مختلف مكونات المجتمع حتى أولئك الذين لا يوافقونهم الرأي من طائفتهم يطالبون بجز رقابهم، مما يذكّر بما قام به حاخامات زمن المسيح والعاقل لا بد أن يستنتج انهم من منبت واحد.

فخامة الرئيس 

بعد الطائف أصبح موقعكم السامي يشبه الأبوة فأنتم اليوم رب الدولة (رب المنزل) أي أنكم مسؤولون عن جميع أبنائه في حلهم وترحالهم. وعليه تقع مسؤولية إعطائهم جميعا ذات الحنو والعطف ومعاملتهم كأسنان المشط في المآكل والملبس والتعلم والصحة والأمن والطمأنينة

حضرة الجنرال

تريدون السلاح الذي تعرف وأنت الجنرال انه بالنسبة للمعارك الجارية الآن في المنطقة بات يشبه ما كان لدى سكان أميركا الأصليين في زمن غزوة الرجل الأبيض، رمح وقوس ونشاب ضد بنادق أوتوماتيكية، الفارق ان الذي يستند إليه هنا لديه تجربته في التعامل مع أولاد الأفاعي لا يملكها جنود العرب والعجم، لأنه يعلم أن العدو ليس لديه سوى تقنيات مررها له الاستعمار الغربي من النووي الفرنسي لأخر قنبلة انشطارية أميركية، أما روح القتال فيفتقدها لأنه يخاف الموت.

كم مقاوم برأيك زار طبيب نفسي للأهوال التي تعرض لها وكم مقاوم انتحر بسبب تلك الأهوال؟ صفر يا حضرة القائد، أو تدري لماذا؟ لأنه يدافع عن ارض آبائه وأجداده والوطن الذي أصبحتم أنتم مسؤولين عنه وليس لديكم بجعبتكم كما تصرحون إلا القانون الدولي الذي للتذكير لم يؤمن العدالة في ثلاثة أرباع القرن الماضي للفلسطينيين كما يسري الشيء ذاته على لبنان وقرار مجلس الأمن الشهير 425. وأيضاً للتذكير ان من تطلبون منهم العدالة أنتم ورئيس الحكومة العتيد من أرباب القانون الدولي قاموا بتهديد القضاة الدوليين إذا ما أدانوا إسرائيل بجرم الإبادة في غزة والتي سنحصل عليها بدورنا في حال تم ما يطلبه الاستعمار الغربي وربيبته في فلسطين المحتلة وقد يلحق بنا في هذه المنطقة أو تلك كما حصل مع أهل الساحل السوري واهل السويداء لينال العطف والحماية والقبول بمنطق التقسيم.

الحياة لا تكون إلا بالعز أما العيش فيمكن أن يترافق مع الذل وويل للذين لا يفرقون بين الحياة والعيش ويهربون من المواجهة والحرب فيحصلون على الذل والهزيمة معا. كقائد قبل ان تكون رب الدولة لا أحد يطالبك بالانتحار بسبب موازين القوى المعروفة لكن أنت مطالب بوقفة عز كنت تطالب بها جنودك في اقل مهمة ترسلهم اليها في الداخل فما بالك بمهمة ضد العدو إذا قام بأي عدوان.

اما بعد فقد كان ملفتا كلام فخامتك وأنت تتحدث عن ثوابت بشير الجميل، الرئيس الذي انتخب رئيسا للجمهورية على ظهر الدبابة الإسرائيلية لينفذ مشروعا كان يريده العدو الإسرائيلي للبنان، من خلال تطبيق اتفاقيات تطبيع وخرائط تقسيم للبلد تصدت له المقاومة الوطنية وحبيب الشرتوني واحد من عناصرها. باعتقادنا يا فخامة الرئيس  ان الثوابت  الوطنية لا يعبر عنها من ارتكبت يده مجازر الغائية لأبناء من وطنه ولو كان العنوان توحيد البندقية  ،الثوابت لا يعبر عنها من تلطخت يده بدم السبت الأسود لأبناء شعبه ولكنهم من طوائف أخرى . أيضاً لا نعتقد مطلقا أن  الثوابت الوطنية تعني تواصلا مشهودا مع العدو الإسرائيلي فيتزود منه بالسلاح ويلتقي به داخل الوطن وأيضاً في ارض العدو هذا عدا مشاركته الكاملة مع العدو بحصار بيروت الغربية آنذاك ومنع الماء والدواء وحليب الأطفال من المرور على حواجزه تلك ،وهذا امر أظهرته الصور كما تحدثت عنه مذكرات موثقة لمن كانوا اترابه ورفاقه عن التنسيق الأمني والعسكري الذي حصل مع العدو المحتل والمدمر والمهجر لأهل الأرض وهو الطامع بها منذ نشأ بكيانه المحتل على حدود لبنان وهو احدى دول الطوق .

ان اللبنانيين الذين واجهوا مشاريع هذا العدو الوجودي واتباعه وعملائه وكان مثلهم ومنهم حبيب الشرتوني الذي قام بعمليته تحت هذا العنوان ومن اجل ثوابت وطنية واحدة مع جيشنا الوطني الذي يستشهد ابناءه في مواجهة هذا العدو كل يوم، ولا زلتم أنتم قدوة به مع ضباط امثالكم.

 مع جزيل الاحترام من وريث أمة تأبى القبر مكانا لها تحت الشمس

شريف لبناني