اضاءات على دستور سعاده – الحلقة الثالثة

 الاستقالة من الحزب

(إن الذين يدخلون الحزب السوري القومي الاجتماعي ويقسمون يمينه لا يستقيلون منه، فلا يوجد في عرفنا شيء اسمه استقالة من الحزب، فإما أن يكون هنالك خروج على القضية. أو على نظامها، وأما أن يكون هنالك ولاء تام والعمل بالنظام، إلى آخر ما يطلبه. وأنتم فضلتم قطع الولاء للنظام وعرضتم أنفسكم للحنث باليمين التي أقسمتموها)

*(رسالة إلى فريد آغا القلعة) *(الرسائل ج3 ـ ص 880)

وأما الرفيق أدوار سعاده، شقيق الزعيم، الذي كتب كتاباً يدعو فيه لقومية عربية. فكتب إليه (إنك صرت في عقيدتك الجديدة (عربياً قومياً) ولا تزال تحسب نفسك عضواً فيه إلا من آمن بعقيدته وأقسم بشرفه وحقيقته ومعتقده على اتخاذ مبادئه إيماناً له ولعائلته، وكان يجب عليك أن تطلب حلك من قسمك، وأن تقدم انسحابك من الحزب، حالما صرت تعتقد عقيدة غير عقيدته، وتتجه إلى غاية غير غايته ……. ولما كنت قد خرجت على العقيدة السورية القومية الاجتماعية ونظام الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولم تطلب الحل من القسم، ولا الانسحاب من الحزب …….. فقد قضى الواجب النظامي الدستوري بطردك من الحزب السوري القومي الاجتماعي. لا يمكنك أن سورياً قومياً اجتماعياً، وعربياً قومياً في آن واحد، والجمع بين ولاءين خيانة لقضيتين)

*(الرسائل ج3 ـ ص856)

وعن الأمين فخري المعلوف، الذي كان حضرة الزعيم يحبه ويأمل أن يكون له مكانة في الحزب، وبعد انحرافه نحو الكثلكة وخروجه عن مفاهيم العقيدة القومية، رغم أن الاعتقادات الدينية لا تتعارض مع مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي يسمح بالاعتقاد الديني لأي عضو في الحزب، ولما تقدم فخري بكتابه يطلب (لما كانت مبادئ الحزب تهمل هذه القضايا والأسس (الدينية) وكتابات الزعيم وشروحه تخرج عنها في مواضع جداً، أجد نفسي مضطراً، وبدافع وجداني الاستعفاء من جميع المهمات التي ألقيت علي في الحزب، وألتمس إطلاقي من قسمي الحزبي … خاتماً بكل احترام). حاول الزعيم ثنيه وإعادته إلى الحزب الأمر الذي لم يحصل، فكانت النتيجة تجريده من الأمانة والطرد بسبب الحنث باليمين (هو في حكم المنقلب على المبادئ القومية الاجتماعية والحانث بيمينه لها)

*(الرسائل ج2 ـ ص582)

رتبة الأمانة

في المرسوم / 7 / الذي أصدره الزعيم بتاريخ 20/كانون الثاني سنة 1937 والمتكون من / 7 / مواد:

في الأولى إنشاء رتبة عليا (تسمى رتبة الأمانة)،

والثانية يمنحها الزعيم (لمن يستحق) على أن يكون مر على اعتناقه على العقيدة ونظام الحزب خمس سنوات. وأن يكون أظهر فهما وإيماناً بالعقيدة والزعيم، وأن يكون مناضلاً ممتازاً بالفكر والفعل في سبيل القضية السورية القومية الاجتماعية، وقام بأعمال وتضحيات غير عادية، وفي كل الظروف يبين إيمانه بالزعيم والعقيدة والنظام ويقوم بكل الأعمال التي تسند إليه وأن يظهر تفوقاً في الإيمان والإدراك للعقيدة والإقدام في سبيل العقيدة.

في المادتين 3 و4 شهادة وشارات الأمانة،

أما في الخامسة فهي تبين المراتب والوظائف التي يمكن أن يتنكب لها الأمين، منها:

(يؤتمن على الأسرار الخطيرة) و(وينتدب للأعمال التي تقتضي صفات ممتازة)

لقاء هذه الصفات والمهمات، يتمتع الأمين (بالاحترام التام، فيقف القوميون لتحيتهم، ولهم التقدم على المنفذين ونواميس العمد في التشريفات).

أما فقدانها فكما مر في موضوع الاستقالة مثلاً وكل استخدام لغير مصلحة الحزب.

نثبت نص رسالة الزعيم إلى عساف أبو مراد: (سجلنا بكل فخر وتقدير الأعمال، والمساعدات التي قام بها فرع المكسيك نحو مركز الحزب في ظروفه الصعبة. ولولا المساعدات المالية التي قام بها فرع المكسيك لكانت محنة الحزب أعظم ضرراً. كل ذلك كان نتيجة سعيك وعملك المخلص. ولذلك فقد قدرت إخلاصك واندفاعك ومنحتك رتبة (الأمانة) التي هي أعلى رتبة في الحزب، ولا تمنح إلا للأعضاء القدماء والذين ضحوا في سبيل الحزب ودأبوا على بث دعوته والدفاع عنه، وقاموا بخدمات جليلة الشأن، وحاربوا الفوضى والبدع وأخلصوا للحزب كل الإخلاص، وتجردوا في سبيل القضية عن كل غاية شخصية، وهذه الرتبة توجب الاحترام والتقدير لحاملها وتجيز له الوقوف على أسرار الحزب السياسية وغيرها، وتؤهل حاملها أن ينتدب للمهمات الخطيرة التي تحتاج إلى رصانة وأمانة وكتمان، وتمهد له لأن يصبح عضواً في (المجلس الأعلى) فأنت قد استحققت هذه وستصلك البراءة الرسمية فأهنئك).

 *(الرسائل ج1 ـ ص15 ـ 16)

وإذ نجد في المرسوم من الوضوح، ما جاء في رسالة الزعيم هذه، ما يغني عن أي توضيح أو تفسير.

كما وأننا لسنا بصدد مناقشة، أي إجراء، أو تفسير، أو آراء، باعتبار أننا نقدم ما استخلصناه من نظام الحزب كما وضعه سعاده.

التعاقد

(منذ الساعة التي عقدنا فيها القلوب والقبضات على الوقوف معاً، في سبيل تحقيق المطلب الأعلى المعلن في مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي غايته، وضعنا أيدينا على المحراث، ووجهنا نظرنا إلى الأمام، إلى المثال الأعلى، وصرنا جماعة واحدة، وأمة حية تريد الحياة الحرة الجميلة، أمة تحب الحياة، لأنها تحب الحرية، وتحب الموت، متى كان الموت طريقاً إلى الحياة)

*(المحاضرة 2 ـ ص20)

بهذه العبارة اختصر الزعيم الحزب، من البداية والتعاقد إلى الانتصار.

في الدستور

(تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي بموجب تعاقد بين الشارع صاحب الدعوة إلى القومية السورية الاجتماعية. وبين المقبلين على الدعوة على أن يكون واضع أسس النهضة السورية القومية الاجتماعية زعيم الحزب مدى حياته.

وعلى أن يكون معتنقوا دعوته ومبادئه أعضاء في الحزب يدافعون عن قضيته، ويؤيدون الزعيم تأييداً مطلقاً في كل تشريعاته وإدارته الدستورية).

ومع أن الزعيم صاحب الدعوة، وغير ملزم بالقسم، إلا أنه فعل هذا (أنا أنطون سعاده، أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي …… على أن أقف نفسي على أمتي السورية …..).

وقد التزم المقبل على هذه الدعوى، على أن (أنا ……. أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي على أن أنتمي إلى الحزب………).

التعاقد لغة وقانوناً

(تعبير عن إرادتين متطابقتين، ومن شروط العقد الرضا، ومحله معيناً مبيناً، وألا يكون مخالفاً للنظام العام).

على هذا قال الأمين مصطفى عبد الساتر (هذه المقدمة (مقدمة الدستور) تشكل الأساس الحقوقي للعقد الذي قامت عليه المؤسسة (مؤسسة الحزب السوري القومي الاجتماعي) وهي مثلها مثل المقدمات كلها في العقود القانونية كلها تشكل الجزء الرئيسي الذي لا يتجزأ من العقد، وتفسر جميع أحكامه على ضوئه)

*(الكتاب القومي2 ـ ص 60)

وفي القانون (العقد شريعة المتعاقدين) لا يجوز نقضه ويجب تنفيذه وفقاً لما اشتمل عليه. وينحل هذا العقد إذا (أقدمت الجهة الأساسية) القيادة على تبديل أو تغيير في محتويات العقد، تجعل الفريق الآخر أي الأعضاء ليس في حل فقط من التزاماته تجاه القيادة، بل أيضاً في موقف يحق له دعوة القيادة إلى الالتزام بأحكام العقد، وإلى محاسبتها عن كل إخلال فيها، ومطالبتها بالعطل والضرر عن ذلك)

*(القومي2 ـ ص60)

يقول هنري حاماتي في كتابه أفكار3 ـ التجربة المرة (أن سعاده جعل التعاقد فلسفة تأسيس الحزب ليضمن سلامة القضية السورية موضوع التعاقد)

*(ص19)

وهذا التعاقد مكون من عناصر ثلاث هي:

  1. سعاده صاحب الدعوة بوصفه، طرفاً أول
  2. المقبلون على الدعوة (المواطنون) بوصفهم إفرادياً، طرفاً ثانياً.
  3. القضية السورية القومية الاجتماعية، بوصفها موضوع للتعاقد.

*(19 ـ 20)

ولما كان الإيمان بالمبادئ ومنشؤها سعاده، وبصفته الزعيم فإن (هذا التعاقد كان وسيبقى هو ضامن سلامة القضية السورية. عقيدة ونظاماً، فيجب أن نفهم أن فترة حياة سعاده شكلت عهداً للزعامة، لا عهداً للتعاقد، فالتعاقد مع سعاده يستمر بعد موته كما في حياته ليبقى الضمانة الدائمة المستمرة لسلامة القضية السورية عقيدة ونظاماً)

*(20)

وهذا ما يؤكد عليه سعاده أن (الطرف الآخر من التعاقد) من يدين بالقومية السورية الاجتماعية ويعتنق مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي ونظامه)

*(الآثار ج2 ـ ص157)

وبذلك يكون قد تم التعاقد بين الشارع صاحب الدعوة إلى القومية الاجتماعية الذي يعتبر المعبر عن العقيدة وبين المقبلين على الدعوة)

*(المصدر السابق ـ ص155)

إن (تنظيم المقبلين على الدعوة، إقبالاً تاماً مقتنعين بالمبادئ بلا تحفظ حقوقي أو سياسي وبولاء تام للدولة السورية القومية الاجتماعية وللأمة المنبثقة عنها)

*(الرسائل ج3 ـ ص 656)

عبد الوهاب بعاج ـ الحلقة الثالثة