عرفت البشرية السلاح واستخدمته في الأيام الغابرة للتغلب على الوحوش الضارية التي كانت تهاجم بعضها كما وتهاجم الإنسان، تلك المرحلة عرّفها الإنسان بحب البقاء وشريعة الغاب. وكان يقتصر على أدوات بسيطة مسننة عرفنا منها الصوان تلاه الخشب وما يعرف اليوم بالرمح هو نتاج ذلك الاكتشاف وفي كل حقبة التي يكتشف فيها مادة جديدة أول ما يفكر فيه هو كيفية استخدامها كسلاح. لذا يمكن القول انه ليس زينة إلا إذا اعتبرنا ان الحزام (قشاط) هو سلاح أو العقال (يستخدم بالخليج للشجارات) أيضاً هو سلاح.
والسلاح لم يقتصر على المادة وما يتفرع عنها فقد شهدت البشرية أسلحة معنوية أيضاً بعد أن بدأ الاجتماع البشري فالشاعر لدى أهل القبيلة كان سلاحهم في وجه القبائل الأخرى، كما واستخدمت الموسيقى للحث على القتال ورأينا كيف يستخدم اليوم الحصار والعقوبات وتفتيت المجتمعات بإذكاء خلافات ماضية حدثت فيه. قد يكون السلاح المادي هو المقرر في معركة شنت أو ستشن، لكن في الصراعات الطويلة تتنوع الأسلحة بحيث لا تبدأ بالدبلوماسية ولا تنتهي بخسارة معركة لامتلاك العدو سلاح فتاك.
إن السلاح الأمضى للشعوب التي تفتقر للعناصر المادية في حالة استهدافها من الخارج هو ذاته على مر التاريخ، وحدة المجتمع وشعور الجماعة بأنهم مستهدفين في أرضهم ورزقهم وعيالهم. فالعدو يستطيع ان يقتل ويدمر ويحتل لكنه إذا لم يلاق من يعينه داخل المجتمع الذي استهدفه فمن المحتم انه لن يستطيع البقاء، وتجارب البشرية تعج بالأمثلة، والوقت كفيل في بعض الأحيان في هزيمة العدو.
هناك نموذج لأهمية الوقت على أهل هذه المنطقة التي تعتبر مركز صراع عالمي منذ سحيق الايام ان تتذكره دائما، يشبه نموذج طوفان الأقصى اليوم.
عندما هاجم هولاكو المنطقة كان معظم حكامها من الذرية الايوبية، دين واحد مرجع واحد وقرابة دم …..الخ، على التخوم من الناحية الشمالية كان هناك حاكم اسمه محمد بن غازي الأيوبي ( الكامل والده المظفر )حكم ميا فارقين (سلوان الحالية)من سنة 1247 حتى سنة 1260. حاول ان يحض إخوانه حكام باقي الولايات على قتال هولاكو قبل ان يفتك بالمنطقة ويحتلها .جميعهم تذمر وتأفف اذ كانوا على ما يبدو من (محبي الحياة) لم يعينوه أو يمدوه باي مساعدة لوقف الزحف بل ان منهم من راسل هولاكو وقدم فريضة الطاعة الكاملة .خاض الصراع ضد الغزاة لأكثر من سنة ونصف وحده وفي نهاية الأمر دخل هولاكو وقطع رأسه وعاث فساداً في باقي الأمصار حتى وصل إلى عين جالوت، اذ توفي شقيقه مونكو خان فسحب جيشه وعاد إلى تبريز واعلن قطز انتصاره. لولا معركة ميا فارقين التي دامت سنة ونصف اعتقد انه كان وصل إلى قبائل الجن جويد في السودان.
لتاريخه غزة تقاوم ورغم ذلك اعلن نتنياهو انه مرسل الهي لتحقيق (إسرائيل الكبرى). أما محبي الحياة فلديهم كل المبررات لذلك المعتوه إلا انهم لا يطيقون سماع مفردة سورية الكبرى يبدو انه علينا تغيير الاسم فنجعله انطاكية وسائر المشرق.
ياسر حداد

