الحضارة الأشورية

    قامت مملكة آشور في شمال بلاد ما بين النهرين، ثم توسعت إلى نينوى وخورس باد، وكانت دولة عسكرية تقوم بشكل كبير على العبيد، أقامت إمبراطورية من النيل للقوقاز، أشهر ملوكها: )آشوربانيبال،( (تغلات فلاسر الثالث)، (سرجون الثاني) (سنحارب) (آشور ناصر بال الأول)، (آسرحدون ) و(باليط الثاني).

    اشتهر الأشوريون بصيد الأسود، وعُرفوا بالقوة والبأس، وساهموا في تطوير وسائل الدفاع والحصار وأدوات القتال، وكانت إمبراطوريتهم أول من أدخل الأسلحة الحديدية إلى بلاد ما بين النهرين، وتميزوا بإستراتيجياتهم العسكرية واختراق تحصينات الأعداء، وبرعوا في صنع تماثيل الثيران المجنحة التي كانت تقام أمام القصر الملكي، وتزيين الجدران بنقوش المعارك ورحلات الصيد، وانعكست طبيعتهم المُقاتلة هذه على أعمالهم الفنية، فرسموا مشاهد الحروب والجنود على الخزف والمزهريات والأواني الأخرى المصنوعة من الطين.

    اعتمد الأشوريون الكتابة المسمارية، التي كانت تُكتب على ألواح الطين، وأشهر مخطوطاتها ملحمة جلجماش، ويُعتبرون أول من علّم العالم الأبجدية، كذلك ساهموا في تأسيس علم الفلك، وأبدعوا في فن النحت، وركزت علومهم على الأمور المرتبطة بالزراعة، واعتمدوا نظام العد الستيني، وعرفوا الكسور، والمربع والمكعب والجذر التربيعي، واعتمدوا التقويم القمري، وقسموا السنة لشهور، والشهور لأيام، وكان اليوم عندهم 12 ساعة والساعة 30 دقيقة.

    بسبب قلة المواد الخام مثل الحجر والخشب والمعادن في بلادهم، أقام الأشوريون علاقات تجارية قوية مع مملكة كانيش، وعقدوا معها اتفاقيات تجارية، وشراكة وتداول البضائع، كما صدّر التجار الأشوريون المنسوجات والقصدير إلى بلاد الأناضول وقايضوها بالذهب والفضة والنحاس.

    اعتمد الأشوريون الزراعة المروية، وحفروا القنوات، لنقل المياه من النهر إلى الأراضي الزراعية، وزرعوا الحبوب والفاكهة والخضروات والكروم، واعتنوا بتربية الدواجن والخنازير والأغنام والماعز.

    صنع الأشوريون الفخار والأطباق والأواني والملابس والسلال والقوارب والأسلحة، إضافة إلى العربات الحربية والسفن والأثاث والتماثيل الدينية والآلات الموسيقية.

    بنى الأشوريون معابدهم وقصورهم من الحجر، وإتخذت شكلًا هرميًا متدرجًا، وبنوا بيوتهم من الحجر، وتميزت بأنها مستطيلة الشكل، وكانت قصورهم تُزين بالنقوش والمنحوتات والعاج، وكان تمثال “لاماسو” يحرس مدخل القصر وهو على شكل أسد مجنح برأسٍ بشري.

    اهتم الآشوريون بالطب لحاجتهم إليه في الحروب، كما طوروا أدوية للإصابات الخطيرة، وعالجوا الأمراض بالحبوب والمراهم، واخترعوا الأقفال والمفاتيح، واستخدموا تقنيات لتعبيد الطرق واستخدام الحديد، وكانوا أول من استخدم الغيتار والعدسة المكبرة والبريد، كما طوروا صناعة الزجاج، واستخدموه على الفخار لحفظهِ لفترةٍ أطول.

    كان نظام الحكم في الحضارة الآشورية ملكيًا، وكان الأشوريون يعتقدون أنّ الإله هو من يختار الملك، ويمده بالقوة، واعتبروا أنّ ملوكهم ممثلين للآلهة على الأرض، ويتولون مهام تشريع القوانين والإدارة العامة للإمبراطورية وقيادة الجيش الآشوري، وكان بلاط الملك يضم الوزراء والمسؤولين والخدم، ومسؤولي القصر الذين يديرون شؤون القصر والأراضي والمباني الملكية الأخرى.

    في نهاية القرن السابع قبل الميلاد، سقطت الأمبراطورية الأشورية بسبب هجمات البابليين والميديين، وسقطت مدينة “كالح” مرتين، كما سقطت مدينتا “أشور” و”نينوى”، وبذلك إنتهى الحكم الأشوري.