الحريري والمرفأ…المجرم واحد

لم يكن الرابع من آب 2020 يوماً عادياً بكل المقاييس فلبنان الذي يتباهى شعراؤه وأدباوءه أنه سويسرا الشرق وسّوق له الرحابنة بصورته الوردية الناصعة كان يومذاك موعده مع الموت. فيما كانت دبي الامارة الخليجية مع الحدث العالمي Expo 2020، فارق زمني بسيط هز المنطقة بروعة وضخامة الحدث وقعا” وتنظيما” من قلب الصحراء.

 في الفترة ذاتها كانت بيروت أم الشرائع تهوج وتموج على بحر من دم مئات المواطنين الابرياء، تغطي رائحة الفساد والاهمال والعت السياسي الذي يضرب أركان مزرعة الطوائف المقيتة بمختلف أنواعها.

حاجبة بدويّها أصوات المفرقعات والالعاب النارية المذهلة في معرض دبي التي ابهرت العالم ومغيبة بريقها أمام عظيم الانفجارات في مرفأ بيروت.

انتهت فعاليات الاكسبو في دبي مع انتهاء المفرقعات معلنة نهاية الحدث والتحضير لأخر. فيما دوي بيروت ودخانها كان فاتحة لمأساة بكل المقاييس، ومنه شملت الوطن كله معلنة مرحلة جديدة من الغمام السود والاحمر وطمس الحقائق.

تفرق جموع الضيوف العرب والأجانب في دبي، فيما كانت الانفجار إشارة للوفود العسكرية الاستخباراتية الغربية للتجمع فوق أرض المرفأ والبحث عن فرصة للاستثمار، في الحقيقة الكاذبة التي يريدونها لانفجار المرفأ، وخرجوا بعدما منعوا الجهات الرسمية اللبنانية من السير معهم (سارت خلفهم) ، بتقارير تفيد انهم أي FBI  وسكوتلنديار والانتليجنسيا الفرنسية والقطرية والسعودية يعتمدون  جميعاًعلى المحقق اللبناني الذي عرقلوا عمله وبدلوا ملامح مسرح الجريمة بغبائهم (إذا لعبنا دور الاغبياء).

كان هؤلاء المحققون مشكورون لجهودهم في إضاعة الحقيقة وطمسها لصالح جهة مجهولة كان أعلن رئيس وزرائها باللحظة أن وحدات جوية يهوهية نفذت ضربة «نووية»(أكدتها مصادر خبيرة) فيما سحبت الفئة المنفذة الخبر.

 في حين غص الحدث الكارثي اللبناني بالذباب الاعلامي والبارا زيت المشوش للحقائق في بيروت في محاولة مبرمجة ومخطط لها لطمس الحقيقة ونقلها الى مكان آخر وبالتالي معاقبة من ترسم حوله الماكينة الاعلامية الاميركية وسفارتها الشبهات مهنا كانت بعيدة عن الحقيقة.

ما يحصل لا ينفصل عن قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في زمن وزير الداخلية سليمان فرنجية الذي أحاطت وزارته بالخيوط الاساسية للقضية التي ضاعت خلف ضباب الاتهامات الاربعة عشر الاذارية التي حضر أركانها جميعا” حتى قبل وصول رئيس الحكومة آنذاك عمر كرامي الى منزل المغدور الكبير، في واقع ينطبق عليه المثل الشعبي اللبناني: «يقتل القتيل ويمشي في جنازته».

المرور على هذا الحدث الزلزال كما وصف لا يقل ولا يختلف في اهدافه ودوافعه وفداحته عن الانفجار العظيم في المرفأ وفي البروباغندا التي رافقتهما، وتفكيك أحدهما تفكيك للآخر لذلك يمكن لربط المعطيات بين الحدثين، أن يقدم صورة أوضح قادرة على إظهار وسد ثغرة أي التباس في القضية الاخرى.

إذا أمعنا النظر في الظروف وجدنا أن اغتيال الرئيس الحريري تم في عز الضغوط على سورية الداعمة للمقاومة اللبنانية بعد استكمال تحرير لبنان وجو الارباك والهزيمة الذي خيم في الكيان العبري في ظل دعم رسمي لبناني يعكس الاتجاه المقاوم الذي اتخذته الدولة مع الرئيس لحود بمباركة راعي وعراب تفاهم نيسان الرئيس الحريري (المستهدف نفسه) الذي شرعن المقاومة ما جعل الانتصار وطنيا” وقوميا” بكل المقاييس رغم الخلاف المستفحل بين النظام السوري والرئيس الحريري خاصة حول مسألة التمديد للرئيس لحود.

اغتيل الرئيس الحريري بانفجار ضخم هز العاصمة كما انفجار المرفأ وأطلقت الاتهامات في القضيتين في ذات الاتجاه تارة نحو حزب الله وطوراً نحو سورية في أكبر تحقيق هزلي عرفته البشرية بإشراف المحكمة الدولية والمحقق السكير ديتليف ميليس، طال سنوات (الى أن تمت المساومة واستهلك العنوان وما عاد صالحاً للابتزاز) لكن، تحققت من خلاله عملية إخراج الجيش الشامي من لبنان الذي تبادل تهمة التفجير مع حزب الله بحسب الابتزاز وما تطلبته الاجندة الأميركية. علما ان عاملين كان بإمكانهما كشف الحقيقة أو على الاقل تحديد المجرم المرتكب. والعاملين ينحصران في:

1 ـ صور الاقمار الاصطناعية التي تترصد سماوات العواصم وقد أظهرت فعاليتها مؤخراً وبعد التطوير الذي طرأ عليها حديثا”. لكن ذلك لا يلغي أنها كانت كذلك قبل عشرين عاماً وقد رفضت الدول ذاتها السابق ذكرها أرسال أجهزة مخابراتها قبل الأجهزة الوطنية لمسح المرفأ ووضعت اليد على ملفات التحقيق ووجهت الاتهامات للمقاومة وسورية دون وضع العدو في موضع شبهة رغم اعتراف العدو الصريح بقصف المرفأ بلسان رئيس وزرائه الذي عاد وسحب خطابه ـ الاعتراف بعد رؤية هول قنبلته النووية (سحابة الدخان الفطرية الشكل)، ولا في قضية الشواهد التي قدمها السيد حسن نصرالله في قضية الحريري ومسار الطائرات والتفاصيل التي إن لم تدن العدو لكانت وضعته في دائرة الشبهة. لكن إعفاءه نهائيا” هو بحد ذاته يدل على حكم مسيس انتهى بمساومة في قضية الحريري حيث عجزت المحكمة عن إيجاد خيط إدانة حقيقي للمقاومة فاختتمت القضية باتهام فرد من حزب الله في قضية تحتاج الى مقدرات دولة لتنفيذها وكل ذلك لتبرئة ربيبة العدو.

وهنا يحق السؤال في ذات السياق: لماذا لم تقدم اجهزة الاستخبارات الغربية والاميركية تقاريرها للدولة اللبنانية عن نتائج التحقيقات التي أجرتها بقدراتها وتقنياتها القادرة

2 ـ تقول الف باء القضاء والبحث عن الحقيقة في أي قضية أو جريمة، أن التحقيق يبدأ بالسؤال عن المستفيد من أي حادثة أو جريمة تحصل وهنا يحضر السؤال مباشرة، ما هي الفائدة التي جناها الشيعي من تفجير المرفأ والسؤال الادق من استفاد من تفجير الحريري والمرفأ؟ والقاصي والداني يعرف أن الكيان العبري ومرفأ حيفا هو المستفيد الاول، إضافة الى قطع أي محاولة بحرية لإيصال الدعم الايراني لحزب الله ومده بالسلاح عن طريق البحر المحاصر؟ وهنا يظهر سؤال حيث يخبرنا السياسي الاميركي الموثوق عن علاقة اوروبا وتحديداً المانيا بالدولة اليهودية. والمانيا مسؤولة عن الحصار البحري على لبنان وحزب الله. فلماذا تسمح بدخول باخرة الامونيوم التي يمكن استخدامها عسكرياً لصالح حزب الله المدجج بترسانة ضخمة من الاسلحة؟ وهل هو بحاجة الى هذه السفينة ب «سلاحها» التقليدي البدائي الذي استخدمت في التفجيرات الكبرى في سورية (شاحنة الاطنان التي عرضت وهي تفجر مستشفى الكندي وغيره في سورية موثقة بالفيديو) من قبل اعدائها القتلة، حلفاء اميركا من الجماعات الإسلامية المجرمة. هذه السفينة التي كانت تنتظر دورها للوصول الى طرابلس حيث اوقفت شقيقتها لطف الله 2 فتوقفت قبالة مرفأ بيروت ومن ثم ارتضت كامل السلطة اللبنانية بأطيافها كافة وممثليها في المرفأ، التي يجمعها الفساد والزبائنية والرشى، بإفراغها.  يبقى ذكر الضحية بيار بجاني بسبب نشره الصور التي بحوزته ابان استلام الجيش اللبناني مساعدة عسكرية أمام العنبر 12 المفتوح الابواب والنيترات ظاهرة في الصور!! الم يرها الاميركي «العميل المخابراتي» والجهة التي استلمت؟ ومن المستفيد من قتل هذا البريء؟ ولا منفعة لحزب الله في ذلك، بل العكس الفائدة في وجوده ولذلك قتل. وكذلك شهادة رسالة الرائد نداف للمدعي العام غسان عويدات 22 حزيران 2020 ولم يحرك ساكناً وهو معروف الخلفية والاتجاه.

أيضا لماذا لم تؤخذ إفادة الشهود العيان في قضية المرفأ الذين سمعوا أصوات الطائرات، إضافة الى عدم استجواب وزير العدل الاشرف ريفي آنذاك الذي اتهم حزب الله مباشرة بالقضية وهو الذي تسلم إخطاراً بوجود مواد خطرة وممنوعة من الدخول في المرفأ ولم يحرك ساكناً, كما قائد الجيش السابق وقادة الاجهزة الأمنية.

لا بد من الاشارة الى ان قيادة الثنائي الشيعي أخطأت في المواجهة مع القاضي البيطار رغم الدوافع المنطقية وتسيس التحقيق الذي لا يقل عما حصل في قضية الرئيس الحريري. كان حضور النائب عن حزب الله في الذكرى الخامسة بمثابة تصحيح للخطأ.

رحمة بشهداء المرفأ الابرياء، ووفاء لدمائهم وابراءً لجرح الاهل المخدوعين بالأعلام وبالتسيس، لتعلن الحقيقة التي يعرفها الجميع ويسترها البعض بستار ذليل من الارتهان السياسي التبعي لأميركا واسرائيل ودول استعمارية واخرى عربية تابعة، بمن فيهم القاضي بيطار.

الحقيقة التي أعلنت من أميركا بأعلى الصوت: إسرائيل قصفت المرفأ بالتواطؤ مع السعودية.

هذه ليست فبركة هي اعتراف أو إعلان على الملأ واضح وصريح من أحد كبار السيناتورات الاميركيين لندسي غراهام، كل ما نأمله هو صحوة ضمير

وتصبحون على حقيقة وتمسون على عدالة.