انقلاب المعايير في بلادي

كم يغيظني ذلك الكائن عندما أراه يتجوّل على أرض أراق دماءنا عليها ورواها من دموع اليتامى والثّكالى والأرامل..

تُرى.. مَن يوقف هذا الحبر الأسود النّجس الذي لا زال يلطّخ صفحة الوطن البيضاء؟ بعد أن قدّم الشّهداء دماءهم قربانًا لتطهيرها…؟

ـ بعد مرور ما يقارب العامين على الطوفان الكبير، لا يسعني إلّا أن أذرف دمعت…ين.. دمعة على فراق شهدائنا، ودمعة أشدّ على قلبي بكثير من طعنات السّيوف، على فاسد وخائن، وعميل لا زال يتجوّل ويتبجّح ويرقص على مزمار الوطن..

 لم يوقفه ولم يردعه وطنٌ ينهار، أو صراخ طفلٍ جائع، أو زفرة أب لو وصلت إلى البحر لاشتعل.

أو عريس فقد نظره ليلة زفافه فلم يرَ من عروسه سوى السواد.

ـ أعجبتني مقولة:

” الثّورة لن تموت حتّى تموت في نفوسنا فكرتها”

 وهناك سنكون قد بعنا – يقينًا – قوافل الشّهداء

-” من أساسيّات ومبادئ أيّ مناضل، أنّ مَن يثور ضدّه شعبه إمّا أن يقتل أو يُسجّن.”

لكن في بلدي الوحيد ـ بلد العجائب ـ يبقى القاتل بريئًا مكرّمًا، والقاتل طليقًا أو مُهَرّبًا من وجه العدالة…

ـ “لا تقطف الثّمرة قبل نضوجها”

صحيح.. ولكنّ الثّمرة احترقت قبل نضوجها.. احترقت ـ   لأنّ طفيليات الشّجر لم تأذن بالنّضوج.

والاستعجال عليها ذنب، وقطفها قبل نضوجها أقبح ذنبًا من الاستعجال..

ـ قلمي الصغير يعجز عن التّعبير عن هذه المعمعة التي نمرّ بها… لا يسعني إلّا أن أقول:

” إنّ الشّهداء ودماءهم وأهدافهم التي استشهدوا من أجلها، ستظلّ، ويجب أن تظلّ دَينًا في رقاب كلّ الأحرار.. فلا تنازل في أيّ حقّ من حقوق هذا الشّعب الذي قدّم معموديّته بالقهر والذّل، والجوع… واليوم يسلك بها طريق الجلجلة ويحمل صليبه المليء بالمسامير.. ولا يبالي… وملعون مَنْ يفرّط بقطرة دم شهيد، أوحرف واحد من  “سورية” على امتداد الجغرافية والتّاريخ.

كوثر سميح فرزان