المشروع اليهودي – الصهيوني من خلال سجل المؤتمرات الصهيونية – الحلقة الثانية

في الحلقة الأولى استعرضنا المرحلة الاولى والتي امتدت من عام 1897 حتى 1917 وشملت 11 مؤتمرا. في هذه الحلقة نعرض للمرحلة الثانية 1921 الى 1946 التي امتدت خمسة وعشرين عاما. عقد فيها 11 مؤتمرا صهيونيا. وهذه اهم مقرراتها:

 1 ـ المؤتمر الثاني عشر:

عقد فى كارلسباد بتشيكوسلوفاكيا فى سبتمبر 1921، برئاسة ناحوم سوكولوف.

أول مؤتمر تعقده الحركة الصهيونية بعد نجاحها في استصدار وعد بلفور من بريطانيا عام 1917 واحتلال الجيوش البريطانية لفلسطين، الأمر الذي كان موضع ترحيب شديد من المؤتمر باعتباره خطوة في طريق تحقيق المشروع الصهيوني. تمت أيضاً مناقشة نشاطات الصندوق التأسيسي اليهودي الذي أنشئ عام 1920 خلال مؤتمر استثنائي للمجلس الصهيوني العام في لندن

قرَّر المؤتمر تأسيس المجلس الاقتصادي المالي ليعمل كهيئة استشارية وليشرف على المؤسـسات الاقتـصادية والمالية للحركة الصهيونية.

قرر المؤتمر أن يكون للمجلس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية مقران: أحدهما في لندن، والآخر في القدس. وذلك نظراً لازدياد أهمية الدور البريطاني بالنسبة للحركة الصهيونية.

حُسم الصراع الذي دار في المؤتمر حول أساليب الاستيطان بين صهاينة الولايات المتحدة بزعـامة لويـس برانديز وصهاينة أوروبا بزعامة وايزمان لصالح وايزمان

  – 2 المؤتمر الثالث عشر:

عقد فى كارلسباد فى أغسطس 1923، وذلك بعد موافقة عصبة الأمم على فرض الانتداب البريطاني على فلسطين.

أعلن المؤتمر ترحيبه بهذه الخطوة على ضوء التزام بريطانيا (في البند الرابع من صك الانتداب) بالاعتراف بوكالة يهودية تتمتع بالصفة الاستشارية إلى جانب حكومة الانتداب، لها سلطة القيام بتنفيذ المشاريع الاقتصادية والاستيطانية، وبذلك التزمت بريطانيا بالتعاون مع تلك الوكالة في كل الأمور المتعلقة بإقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين

  – 3المؤتمر الرابع عشر

عقد فى فيينا فى أغسطس 1925.

حضر المؤتمر وفد من الصهاينة التصحيحيين برئاسة جابوتنسكي الذي طالب بتبني سياسة صهيونية أكثر إيجابية، وهو يعني في الواقع سياسة أكثر عنفاً ونشاطاً في تنفيذ مشروعات الاستيطان، كما عارض السماح لغير الصهاينة من اليهود بالانضمام إلى الوكالة اليهودية

تناول المؤتمر بالتقييم تجربة السنوات الخمس الأولى من الانتداب، ومدى نجاح مشاريع الاستيطان المرتبطة بموجة الهجرة الرابعة القادمة من بولندا.

  – 4المؤتمر الخامس عشر:

عقد فى بازل فى أغسطس/سبتمبر 1927

عُني المؤتمر بقضية أساسية هي بحث الأوضاع الاقتصادية السيئة التي برزت في المقام الأول في شكل تفشِّي ظاهرة البطالة في التجمع الاستيطاني الصهيوني في تلك الفـترة، وهو ما أدَّى إلى تصاعُـد موجـة الهجرة من فلسـطين إلى خارجها. وقد نظرت قيادة الحركة الصهيونية إلى هذه الظاهرة بانزعاج شديد، وجعلت هذا المؤتمر ميداناً لبحث الوسائل الكفيلة بمنع تفاقمه.

 – 5 المؤتمر السادس عشر:

عقد فى زيورخ فى يوليه/أغسطس 1929

كان الإنجاز الأساسي لهذا المؤتمر هو إعداد دستور الوكالة اليهودية التي نص عليها صك الانتداب البريطاني على فلسطين.

· وتحقَّق في هذا الصدد ما نادى به وايزمـان من ضـرورة توسيع هـذه الوكالة لتشــمل اليهود غير الصهاينة، وهو الأمر الذي عارضه جابوتنسكي بشدة.

  – 6المؤتمر السابع عشر:

عقد في بازل في يونية/يوليه 1931، برئاسة ليو موتزكينز

وقد أعلن المؤتمر احتجاجه على مقترحات اللورد البريطاني باسفيلد، الذي أوصى عقب المظاهرات العربية في فلسطين سنة 1929 بوضع بعض القيود على الهجرة اليهودية وعلى عمليات شراء الأراضي العربية.

اضطر وايزمان إلى الاستقالة من رئاسة المنظمة الصهيونية أمام ضغوط المعارضة التي احتجت على سياسته الرامية إلى التحالف غير المشروط مع بريطانيا.

أثار التصحيحيون بقيادة جابوتنسكي أزمة حينما طالبوا المؤتمر بأن يعلن في قرار واضح لا لبس فيه أن إقامة دولة يهودية في فلسطين هو الهدف النهائي للحركة الصهيونية.

إلا أن الأحزاب الصهيونية العمالية قد رفضت أن يُطرَح مثل هذا القرار للتصويت لخطورة النتائج المترتبة على مثل هذا الإعلان المبكر عن الأهداف الصهيونية.

  – 7المؤتمر الثامن عشر:

عقد فى براغ فى أغسطس/سبتمبر 1933.

تكمن أهمية هذا المؤتمر في أنه جاء عقب وصول هتلر إلى الحكم في ألمانيا. درس المؤتمر برنامجاً واسعاً لتوطين اليهود الألمان في فلسطين.

شهد المؤتمر صراعاً واضحاً بين حزب الماباي الذي تأسس سنة 1930 وبين التصحيحيين، وهو الأمر الذي يُعَد الأساس التاريخي للصراع بين الماباي وحزب حيروت بعد إنشاء دولة إسرائيل (ثم بين المعراخ وليكود).

وفي هذا المؤتمر نجح الصهاينة العماليون (الاستيطانيون) في تمرير اتفاقية الهعفراه التي كان يفكر قادة المستوطنين في توقيعها مع النازي.

  – 8المؤتمر التاسع عشر:

عقد فى لوسيرن بسويسرا فى أغسطس/سبتمبر 1935، برئاسة وايزمان.

ركز المؤتمر على أوضاع اليهود في ألمانيا وكيفية ترتيب إجراءات هجرتهم إلى فلسطين. وكذلك تنمية نشاطات الصندوق القومي اليهودي.

 رفض المؤتمر الاقتراح الذي تقدَّمت به بريطانيا لإنشاء المجلس التشريعي في فلسطين.

 – 9 المؤتمر العشرون:

عقد فى زيوريخ فى أغسطس 1937 برئاسة مناحم أوسيشكين.

تناول المؤتمر تقرير لجنة حول تقسيم فلسطين والذي كان قد أُعلن قبل شهر من انعقاد المؤتمر. انقسمت الآراء حول التقرير ودارت المناقشة حول المقارنة بين المزايا النسبية لإقامة الدولة الصهيونية المستقلة وبين ما تصوَّرت بعض قيادات الحركة الصهيونية أنه تضحية من جانبها بالأقاليم المخصصة للعرب وفقاً لهذا المشروع وخسارة للجزء الأعظم من فلسطين.

فمن جانبهما، أعلن وايزمان وبن جوريون تأييدهما لإجراء مفاوضات مع الحكومة البريطانية بهدف التوصل إلى خطة تُمكِّن يهود فلسطين من تكوين دولة يهودية مستقلة ومن تحسين أحوال اليهود في البلاد الأخرى في آن واحد. وعلى الجانب الآخر، قاد كاتزنلسـون وأوسيشكين المعارضة الصارمة، ورفضا مبدأ التقسـيم أصلاً، انطلاقاً من أن الشعب اليهودي لا يملك أن يتنازل عن حقه في أي جزء من وطنه التاريخي، ولذا فإن الدولة اليهودية (أي الصهيونية) لابد أن تشمل فلسطين كلها.

توصَّل المؤتمر إلى حل وسط تمثَّل في اعتبار مشروع التقسيم غير مقبول، إلا أنه فوَّض المجلس التنفيذي في التفاوض مع الحكومة البريطانية لاستيضاح بعض عبارات الاقتراح البريطاني التي اعتُبرت غامضة في ظاهرها، وكان الهدف الحقيقي هو ممارسة الضغط على بريطانيا لتبنِّي موقف أكثر تعبيراً عن المصالح الصهيونية مع استغلال نشوء ظرف تاريخي جديد هو اشتعال الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939).

  – 10المؤتمر الحادي والعشرون:

عقد فى جنيف فى أغسطس 1939، برئاسة أوسيشكين.

كانت القضية الأساسية المطروحة للمناقشة أمامه هي الموقف من الكتاب الأبيض البريطاني الذي كانت بريطانيا قد أصدرته لتوها لاسترضاء العرب بوضع بعض القيود على حجم الهجرة اليهودية ومساحات الأرض التي يجوز شراؤها من جانب اليهود، وذلك بعد أن نجحت في قمع الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939) بالتعاون مع الحركة الصهيونية ومنظماتها الاستيطانية في فلسطين. وقد استند هذا الرفض الصهيوني إلى مناخ الحرب العالمية الثانية التي بدأت نذرها تلوح في الأفق بما يعنيه هذا من شدة احتياج بريطانيا لمساعدة الحركة الصهيونية.

  – 11المؤتمر الثاني والعشرون:

عقد في مدينة بازل بسويسرا، برئاسة وايزمان في ديسمبر من عام 1946.

كان المناخ الذي انعقد في ظله المؤتمر هو محاولة الضغط على بريطانيا لخلق الدولة الصهيونية

تزعَّم التصحيحيون الاتجاه الداعي إلى تبنِّي سياسة متشددة إزاء بريطانيا انطلاقاً من الاعتقاد بأنها لم تنفذ ما تعهدت به وفق نص الانتداب كما طالبوا بتدعيم حركة المقاومة العبرية التي هاجمت بعض المنشآت البريطانية. في مواجهة هذا الموقف، تبنَّى وايزمان رأياً يدعو إلى الدخول في حوار مع بريطانيا حرصاً على استمرار علاقات طيبة مع الدولة التي تملك إمكانية فتح أبواب فلسطين لهجرة يهودية واسعة.