أمة المليار… متى آخر وقفة عز؟

في يومٍ من أيام الجمعة، حيث تتعالى الأصوات إلى السماء، نُذَكّر بعضنا بعضاً بالمجد الغابر والانتصارات السالفة، ونُطمئن أنفسنا بأننا «خير أمة»، وأن لنا في التاريخ ما يكفي من الأمجاد لتغطية عار حاضرنا. لكنّي، من قلب هذا الشرق الجريح، أسألكم: متى كان آخر انتصار؟

متى كانت آخر وقفة عزٍّ لا تُداس فيها الكرامة تحت أقدام المصالح؟

متى ساندتم ضعيفاً؟ متى وقفتم، فعلاً لا قولاً، بوجه مُحتلّ أو ظالم؟

أنتم، يا من تتباهون بعددكم وتاريخكم، ماذا قدّمتم لحاضر أمتكم؟

هل اكتفيتم بالمظاهر والشكلية؟ تتسابقون في الشعائر، لكن تتأخرون في الضمير!

تنظّرون في الدين والسياسة والمقاومة، لكن لا تُحرّككم دماء الأطفال في غزة، ولا تنهضون لغضب الأرض في جنين، ولا تُهزّكم أنقاض البيوت في رفح.

أين أنتم من فلسطين؟ أهي فقط قصيدة تلقونها في المهرجانات، أم صورة معلّقة في مكاتبكم؟

ألم تكن فلسطين بوصلتكم؟ أم أن البوصلة تعطّلت يوم انقسمتم على طوائفكم، وصرتم ترون العدو صديقاً، والمقاوم خطراً؟

أي ضياع هذا الذي جعلكم تُقدّمون خلافاتكم المذهبية على قضية الأمة الأولى؟

أي عمى سياسي جعل من احتلالٍ مجرمٍ «جاراً واقعياً»، بينما من يقاومه يصبح عدواً «إيديولوجياً»؟

وأسوأ ما في هذا المشهد، أن بعضكم بات يُجمّل إدارات مشبوهة تنازلت عن أجزاء من أرضها، وتركتها فريسة للعدو كي يسرح ويمرح فيها، إدارات تحكمها فصائل عميلة مدعومة من بعضكم، ممن صفقوا للتقسيم ومولوه، ثم أرادوا أن يُقنعونا بأن الخيانة شكل من أشكال «الحكمة»!

نسيتم أن من يقسم أرضه، يمزّق روحه… وأن من يبرر للاحتلال باسم «الواقع»، لا يختلف عمن يبحث عن سلام مع العدو.

نعم، أنتم أضعتم فلسطين…

لا لأنكم هُزمتم في الحرب، بل لأنكم هُزمتم في الوعي…

ولأن الوطن لم يكن يوماً أولوية، بل وسيلة في صراعكم على النفوذ والمناصب.

أنظر اليوم إلى غزة، لا أرى فيها فقط شعباً يُباد… بل مرآةً لعارنا الجماعي.

من أراد أن يعرف من نحن… فلينظر إلى عيون أطفالها… ستجد فيها السؤال الذي لا جواب له:

«أين أنتم؟«