اللغة العربية …. وداعا يا حبيبتي

لغتنا العربية كم تعاني وكم تتعرض للتنكيل اليومي في وسائل الإعلام والأفلام والفيديوهات اليوتيوب وغيرها، حيث ترتكب في حقها المجازر العظيمة والفظيعة كما التشويه والتشويش!

نحن اليوم على أبواب امتحانات آخر السنة والطلاب في همكة مراجعة الدروس والاستعداد لخوض الامتحانات المدرسية كما الامتحانات الرسمية وفي هذه الفترة يكون التلميذ متوتراً أشد توتر ووالدته على أعصابها خاصة إذا كان أولادها في صفوف الابتدائي والمرحلة المتوسطة.

أما كيف تمرّ فترة المراجعة؟

يدرس التلاميذ سائر المواد وتترك دروس اللغة العربية إلى آخر المطاف وآخر نهار قبل الشروع في خوض الامتحان أي قبل ليلة من الصباح التالي.

تبدأ المراجعة، ويبدا «التعصيب» والصراخ والبكاء وصرير الأسنان إنها معاناة كبيرة ، درب جلجلة : حفظ القواعد والإعراب وتصريف الأفعال، إلى غير ما هنالك من مشاكل عويصة وتعقيدات تصادف طلاب اليوم في درس و اتقان العربية و إجادتها كما يجب أن تكون هذه اللغة البديعة الجميلة هذه اللغة المتفوقة التي عشقناها في شبابنا وكنا نلتهم الكتب والروايات التهاما ونقرأ الشعر العربي بشغف قلّ نظيره ، الشعر في ملكوته السرمدي ؛ قديمه وجديده الكلاسيكي منه والحديث لا فرق طالما هو مكتوب بلسان عربي فصيح ومرصوص كما المداميك في جدران القلاع الشامخة المتسامية والمرتفعة فوق الحضارات. المنتصبة كالأوابد في وجه الزمن والتاريخ!

أجل لغتنا العربية الرائعة تشهد اليوم أفولاً قاتماً وسقوطاً صاخباً وبهدلة مريعة، يكفي أن نصغي إلى المذيعين في التلفزيون والراديو وافلام الفيديو يوتيوب وحينما نسمع تعليقا من ابتكار الذكاء الاصطناعي والصوت الذي يروي فهو يقترف عشرات الأخطاء في اللفظ والصرف والنحو وهفوات الاعراب والحركات التي تصبح متراقصة شاذة تؤذي الأذن والطبع السليم من كثرة القعقرة والطرق على التنك!

 لا ننكر أن هناك أزمة كبيرة، لا يمكن نفي ذلك في مسألة تعليم اللغة العربية وفي الإقبال عليها وثمة نزعة لدى الأهل والطلاب في يومنا الحاضر، على حد سواء في إهمال هذه اللغة الجميلة التي تتخطى الهوية الثقافية وتصبح في الجينات والتصرفات ونبراسا للحقيقة، والإيمان، والمعرفة، والعقائد..

يقول الإمام الزمخشري في مقدمة كتابه الفائق:

 الحمد لله الذي فتق لسان الذبيح، بالعربية المبينة والخطاب الفصيح، وتولاه بأثرة التقدم في النطق باللغة التي هي أفصح اللغات، وجعله أبا عذر البلاغة التي هي أتم البلاغات.

لقد أثارت لغتنا إعجاب العالم بأسره فها هو المستشرق الفرنسي ماسينيون يقول:

 باستطاعة العرب أن يفاخروا غيرهم من الأمم بما في أيديهم من جوامع الكلم، التي تحمل من سمو الفكر وأمارات الفتوة والمروءة ما لا مثيل له.

ولكن حين أرى اليوم مقدار التبرّم والانزعاج من تعلم اللغة العربية واعتبارها حملاً ثقيلاً أحزن كثيراً وأخاف كثيراً من اندثارها وأخشى من اليوم الذي سنقول فيه للغة العربية:

وداعا يا حبيبتي!

أيمن يسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *