اميرا العتابا والصوت الرخيم  يوسف حاتم ويوسف تاج

شاعران عرفتهما منابر الحزب ومهرجاناته، ومناسباته، وكانا يملكان صوتاً رخيماً رائعاً وحضوراً آسراً، هما الرفيقان: يوسف محمد عز الدين المنذر، الذي عرف بـ «يوسف تاج»، ويوسف حاتم الأشقر، الذي عرف بـ «يوسف حاتم».

الحديث عن الواحد لا ينفصل عن الثاني وقد تلازما في النضال الحزبي كما في مجالي الشعر والإنشاد، وكانا معاً في العديد من مهرجانات الحزب، كما في الرحلة الفنية إلى المغتربات التي نظمها صاحب مجلة «البيدر»، أمير الزجل الرفيق وليم صعب، ودامت أربع سنوات.

من هو الرفيق الشاعر يوسف حاتم

في الأسبوع الأسود من العام 1957 خطف الموت الرفيق الشاعر يوسف حاتم الذي كان يسمى بأمير العتابا.

ونعته جريدة «الزوابع» الأسبوعية التي كانت تصدر في تلك الفترة بالكلمة التالية:

«فجع الشباب القومي الاجتماعي بوفاة الرفيق المرحوم يوسف حاتم.

«لقد حرم من عطف الأبوين وهو لم يزل طفلاً، ومن البديهي ألا يدخل مدرسة ، فحرم بالتالي من نعمة العلم، ولكن المصيبة تتمخض أحياناً عن الخير، فإذا بيوسف حاتم يطأ عتبة السجن لأنه طعن طفلاً مثله بسكين، وبين جدرانه الأربعة بدأ يتعلم القراءة والكتابة واستمر ذلك عندما استعاد حريته » .

«وما إن بلغ الثالثة عشرة من عمره حتى ظهر ميله للشعر الشعبي وأحس برغبة في معالجة القوافي ولّدتها شاعرية كامنة، فأقبل عليها يعالجها في الشروقي والعتابا والميجانا حتى دانت له».

«ويدور الزمن فإذا بيوسف حاتم عضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وينطلق صوته الجهوري منشداً معبراً عما يعتمل في نفسه من ولاء للقضية القومية الاجتماعية، وتشهد المنابر، في الوطن وعبر الحدود، إطلالات خالدات ليوسف، الشاعر السوري القومي الاجتماعي المؤمن بقضية أمته، المناضل من أجلها، الصوت الداوي لمجد سورية».

«لقد وقف حياته كلها على النهضة السورية القومية الاجتماعية وعمل متفانياً من أجل انتصارها، فاضطلع بأعباء مسؤولية منفذ عام لمنفذية البقاع الأوسط، وكان مثال المسؤول الذي يقدر قدسية ما يحمل، وهكذا ظل يعمل ويعمل بكل قواه حتى سقط جسمه الذي ناء بحمل هذه النفس الكبيرة».

الرفقاء الذين رافقوا مهرجانات الحزب في الأربعينات والخمسينات يروون أنه قلما خلا مهرجان من مشاركة الرفقاء الشعراء الأفذاذ أمثال الأمين عجاج المهتار، والرفيقين يوسف حاتم ووليم صعب، ومن الصوت الرخيم الرائع الذي كان يملكه الرفيق يوسف تاج.

الأمين شوقي خير الله في مذكراته يفيد عند إشارته إلى الزيارات التي كان يقوم بها مسؤولون مركزيون وشعراء قوميون إلى المخيم الذي نظمته منفذية الطلبة في عين حشيمة – بيت شباب صيف العام 1944، أنه «عندما رعد صوت يوسف حاتم في المخيم زحفت بيت شباب على الأقلعي. كان الفن كله يجتمع ما بين زغردة يوسف تاج وهمدرة يوسف حاتم. يا سبحان الخالق! »

ويتحدث الأمين نواف عن حفلة كبيرة أقيمت في بلدة دبين (مرجعيون) في بستان يملكه الرفيقان ابرهيم وجورج زريق، واقتصرت الدعوة لحضورها على مديريات مرجعيون، دبين، بلاط وابل السقي مع الوفد المركزي حضر الرفيقان يوسف حاتم ويوسف تاج.

«بعد كلمة ارتجالية لوكيل عميد الإذاعة الرفيق وديع الأشقر صعد المنبر الرفيقان حاتم وتاج وراحا يتناوبان على الإنشاد،

وكان الرفقاء الحاضرون يقابلون الإنشاد بالتصفيق الحاد والهتافات العالية، ويرافقون أبيات الميجانا بإنشادهم أيضاً في أجواء عابقة بالحماسة والإيمان والنشوة المباركة.

وجاء، بعد أن توقف الرفيق يوسف حاتم، دور الرفيق يوسف تاج » الذي يملك صوتاً رخيماً جميلاً يطلقه في سحبات طويلة متموجة حنونة، يعيد تردادها عندما يطلق «الأوف» كصوت الناي المرتفع، يأخذ بمجامع القلوب، وينزع الآهات من الصدور.

***                  

ويضيف الأمين نواف حردان:

« لم يكن الرفيق يوسف تاج شاعراً.. كان مطرباً ينشد بصوته الرخيم الذي لم يكن له مثيل.. ولا يزال الكثيرون يحتفظون بإنشاداته مسجلة على اسطوانات، ستبقى خالدة.. ما بقي الفن وبقي الطرب.

أما الرفيق يوسف حاتم.. فكان يرتجل بسهولة ولا يتعب من الغناء ولو بقي ينشد على المنبر ساعات طويلة.

رحم الله هذين الرفيقين اللذين يجب أن يبقيا حيين في ذاكرتنا، وفي تاريخ نهضتنا.. إلى الأبد».

إشارات

1 ـ يتحدث الرفيق وليم صعب في مذكراته «حكاية قرن» عن مناسبات عديدة شارك فيها الرفيقان يوسف حاتم ويوسف تاج منها:

 ـ «في حفلة أقيمت في النادي الشرقي بالقاهرة وكان نجومها اللامعون: الشاعر الرفيق وليم صعب، خطار أبو إبراهيم (الأمين لاحقاً، من بشامون) `والرفيق يوسف حاتم، ثم المطربتين السيدة لور دكاش والآنسة صباح».

 ـ من العام 1938 حتى العام 1946 تولى الرفيق وليم صعب القسم الشعبي في الإذاعة اللبنانية، باسم «الأغاني البلدية» (من مواويل وميجانا وعتابا وأبو الزلف وغيرها) وقد مرّ فيه الكثيرون، منهم: ايليا بيضا، وديع الصافي، لور دكاش، الرفيقان يوسف حاتم ويوسف تاج، جانيت فغالي (صباح).

 ـ في يوم رشيد نخلة (من أبرز شعراء الزجل) مساء العاشر من تشرين الثاني 1944، غنى الرفيق يوسف تاج قصيدة من نظم الشاعر المذكور.

وفي يوم الدكتور فريد جبور (شاعر زجلي كبير) الذي أقيم مساء 8/12/1944 أنشد الرفيق يوسف حاتم قصيدة من روائعه الشعرية.

 ـ في شهر تشرين الثاني 1946 قام الرفيق وليم صعب برحلة إلى المغتربات على رأس فرقة فنية تألفت من بعض مطربي القسم الشعبي في الإذاعة اللبنانية وهم: ايليا بيضا، والرفيقين يوسف حاتم ويوسف تاج، وقد شملت الرحلة الولايات المتحدة، كندا، البرازيل، الأرجنتين، فنزويلا، شاطئ الذهب (غانا)، ليبيريا، نيجيريا، السنغال، ودامت أربع سنوات.

لجنة تاريخ الحزب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *