الأمينة الأولى في وثائقي الميادين

جولييت المير سعاده، ليست مجرد اسم في سجل التاريخ، بل هي رمز للوفاء، الصبر والنضال في سبيل قضية آمنت بها حتى الرمق الأخير. في الفيلم الوثائقي الذي عرضته قناة الميادين بعنوان «الأمينة الأولى»، تجلت شخصية جولييت المير كأيقونة للمرأة المناضلة التي وقفت جنباً إلى جنب مع حضرة الزعيم، في مواجهة التحديات والمحن والعذاب.

بداية الحكاية كانت في العام 1939، التقت جولييت بأنطون سعاده في بوينس آيرس، حيث كانت تعمل ممرضة. كان اللقاء الأول بينهما مليئاً بالإعجاب المتبادل، حيث تأثرت بشخصية سعاده وكلماته التي حفرت في ذاكرتها. هذا اللقاء لم يكن مجرد بداية قصة حب، بل كان انطلاقة لمسيرة نضالية مشتركة.

بعد زواجهما في بداية عام 1941، عادت الأمينة الأولى مع سعاده إلى لبنان في عام 1947. شهدت تلك الفترة نشاطاً سياسياَ مكثفاً، حيث ألقى سعاده خطاباً شهيراً في الغبيري، معلناً ضم العراق إلى بلاد الشام ومؤكداً أن فلسطين قضية سورية في الصميم. كانت دائماً إلى جانبه، تسانده وتشاركه همومه وتطلعاته.

في 8 تموز 1949، تم اغتيال أنطون سعاده بعد محاكمة صورية سريعة. كان هذا الحدث صدمة كبيرة لحضرة الأمينة الأولى، لكنها لم تستسلم للحزن، بل واصلت المسيرة. انتقلت مع بناتها إلى دمشق، حيث بدأت مرحلة جديدة من النضال.

في عام 1955، وبعد حادثة اغتيال العقيد عدنان المالكي، تم اعتقالها وسُجنت لمدة 9 سنوات. تحملت خلالها أقسى أنواع التعذيب والمعاناة، لكنها لم تفقد إيمانها بالقضية. كتبت مذكراتها في عام 1966، موثقة فيها تفاصيل تلك الفترة الصعبة.

توفيت في 24 حزيران 1976، بعد صراع طويل مع المرض. لكن إرثها النضالي لا يزال حياً، فكتاب مذكراتها شاهداً على معاناة هذا الشرق المصلوب المظلوم، ليكون مرشداً ومنارة لكل ذو نفس أبية تعمل لنهضة وعز الأمة.

لا يسعنا الا التوجه بالشكر لكل من اسهم وشارك في انجاز هذا الفيلم الوثائقي وأخص بالذكر الإعلامية المخرجة هالة بو صعب والأب الياس الزحلاوي والأمينة أليسار سعاده والأمينة الراحلة هيام محسن والدكتورة صفية سعاده والأمين أحمد أصفهاني، حيث تم تسليط الضوء على شخصية الأمينة الأولى كرمز للمرأة المناضلة، التي واجهت المحن بصبر وشجاعة، وكانت شريكة حقيقية في النضال من أجل وطن حر ومستقل. ترك في نفوس كل من شاهده من أبناء النهضة حزن وألم عميق يتجسد بمأساة فاجعة نهاية الأبطال.

جولييت المير سعاده غصنا كثيراً في سبر كنه روحك ومسيرتك لم نجد فيكِ إلا قديسة برتبة ألهة.

وسام الأسعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *