نقد الفكر الديني في التوراة والإنجيل، ونشوء المسيحية الصهيونية» هو كتاب جديد صدر حديثاً للرفيق شحاذي الغاوي الذي يقول في مقدمته أن كتابه جاء تجاوباً مع ما فعله سعاده وأوصى بفعله عندما قال:
«المفكرون السطحيون فقط يجهلون ضرورة بحث نظراتنا وفكرنا الديني بحثاً علمياً، جريئاً، صريحاً لا يبقي مجالاً للغموض والريب بقصد الوصول الى نتيجة كلية صحيحة تجتمع فيها نفوسنا بكل ما فيها من رغبات ومطامح وأماني» (الحلقة 18 من كتاب الإسلام في رسالتيه، الأعمال الكاملة، الجزء 5، صفحة 115).
الكتاب يصدر في هذه المرحلة التاريخية التي يشهد فيها العالم بشكل عام، وأمتنا السورية بشكل خاص، سطوة غير مسبوقة للصهيونية العالمية على سياسات وقرارات الدول المهيمنة عسكرياً واقتصاديا على العالم ومصيره. كما نشهد ازدهار «المسيحية الصهيونية» التي تبرر لدولة الاغتصاب والاحتلال الإسرائيلي عدوانها الجائر ومجازرها وسياسة الإبادة التي تنتهجها بحق شعبنا السوري في فلسطين ولبنان بشكل خاص.
الكتاب يقدّم لنا كمّا كبيراً جداً من المعلومات الموثقة حول ماهية وطبيعة المسيحية الصهيونية وأسباب نشوئها وتغلغلها في دوائر السياسة والقرار السياسي في الغرب المسيحي، وبالتالي أسباب دعم هذا الغرب لعدونا في ديننا ووطننا وحقنا في الحياة والسيادة والحرية.
الغاوي يقول إن كتابه جاء ليزيل وشم الخرافة عن المقدس، ووشم القداسة عن الخرافات، ويبيّن كيف صارت «الخرافة المقدسة» توجّه السياسة الغربية وتقرر فيها، الى جانب المصالح المادية السياسية والاقتصادية والعسكرية، وكل ذلك في شهادات ومواقف موثقة يمكن الوصول إليها، بعيداً عن الخيالات والتخمينات والمبالغات غير الواقعية.
الفصل الأول يقدّم تشريحاً علمياً للسردية التوراتية الخرافية، ويبيّن تعارضها مع الحقائق العلمية والوقائع التاريخية كما مع القيم الأخلاقية الإنسانية، ويشرح بالتفصيل كيف تمت سرقة قصة الخلق والتكوين من التراث الملحمي السوري القديم وتحويرها والعبث بها. وبالتالي كيف تم إلصاق صفة القداسة على الخرافة والجريمة مما تسرّب الى الإنجيل والقرآن معاً وأدّى الى نشوء وتفاقم خطر ما صار يُسمّى «المسيحية الصهيونية».
أمّا الفصل الثاني فيقدّم مناقشة عقلانية للأناجيل الأربعة لمتّى ومرقس ولوقا ويوحنّا وكيف ولماذا جعلوا يسوع من نسل داوود ومكملاً لمفاهيم التوراة ونبوءاتها، ليتوصّل الى القول بأن هذه الأناجيل هي غير كافية وغير صالحة لتقديم يسوع الحقيقي ورسالته ومبادئه الى العالم. كما يستشهد بالنصوص الإنجيلية نفسها، وعن لسان يسوع نفسه، ليقول أن تلاميذه لم يكونوا فاهمين معلمهم وتعاليمه فهماً صحيحاً. وفي هذا الفصل يبيّن الخطأ التاريخي الكبير، بل الجريمة الكبرى بنظره، في تبنّي الكنيسة للتوراة ككتاب مقدس فاتحةً المجال واسعاً لنشوء «المسيحية الصهيونية»، ويقول إن رسالة يسوع وقيمه لم تنتصر في العالم لأن الكنيسة بنتها على خرافة وقدمتها للعالم انطلاقا من خرافة، في وقت هي جاءت لتواجه الخرافات وتنفيها وجاءت بشارة جديدة إنسانية كونية وقيماً أخلاقية سامية لجميع البشر.
في الفصل الثالث مقارنة نصّية بين مفهومين متناقضين: الإله الخاص للشعب الخاص والله رب العالمين، ثم بين المسيح التوراتي المنتظر من نسل داوود وصفاته ودوره ومهمته والمسيح يسوع من الروح القدس، وصفاته، ودوره، ومهمته. وكل ذلك لإعطاء صورة واضحة عن تناقض المفاهيم وصراعها، وعن مبلغ جريمة التزوير التي تم ارتكابها يوم جُعِلت رسالة يسوع وكأنها امتداد وتكملة لعقيدة التوراة ونبوءاتها.
في الفصل الرابع وتحت عنوان المسيح السوري، شرح مستفيض حول الأصول السورية لمفاهيم مسيحية أساسية مثل العماد بالماء وأصل قول يسوع «هذا جسدي فكلوه وهذا دمي فاشربوه»، ومثل العقائد السورية في الفداء والقيامة في اليوم الثالث والحياة الابدية بعد الموت، والعذراء البتول التي تحبل من الروح. وفيه كشف لحقيقة الهوية السورية لمريم ويوسف والقصة الحقيقية لحلول الروح على مريم والحبل بلا دنس التي هي عقيدة سورية وتاريخ سوري قديم، وكيف تم تزويره وتزوير هوية مريم الحقيقية وجعلها يهودية النسل والعقيدة. وكل ذلك لفضح الكذبة الكبرى التي لا يزال العالم يعيش فيها لحد اليوم.
أمّا في الفصل الخامس، وهو ما يشكل أطروحة الكتاب الأساسية والهدف من إنشائه، فيتمحور حول أسباب وكيفية نشوء «المسيحية الصهيونية» من رحم الدمج القسري بين رسالة يسوع السوري وتعاليمه الإنسانية المناقبية الأخلاقية مع ما يناقضها من مفاهيم خرافية وغير إنسانية تحفل بها توراة اليهود. في هذا الفصل يقدم المؤلف عرضاً تاريخياً لمختلف الكنائس والمذاهب المسيحية الرئيسية ومواقفها من المسيحية الصهيونية. كما يقدم نماذج عن مواقف مجموعة من الأكاديميين والمؤرخين اليهود مثل توماس تومسون وشلومو ساند وإسرائيل شاحاك الذين فككوا خرافة الشعب المختار وأرض الميعاد وفضحوا زيف الادعاءات بوجود تاريخي حقيقي «لبني إسرائيل» و «ارض إسرائيل» ودعوا يهود العالم للتحرر من «العقدة اليهودية» و «مشكلة العقيدة اليهودية». كما يقدم الكاتب الغاوي عرضاً لكيفية سيطرة الخرافة على العقل العلمي في الغرب وعلى عقول السياسيين ومواقفهم العملية كونهم مسيحيين صهيونيين، وكيف تمكنت المسيحية الصهيونية من استعباد العالم والتهامه تنفيذاً للنبوءة التوراتية التي تقول:
«ويقف لأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حرّاثيكم وكرّاميكم. أمّا أنتم فتُدعَون كهنة الرب تأكلون ثروة الأمم وعلى أمجادهم تتآمرون» (أشعيا 61: 5).
إن كتاب «نقد الفكر الديني ونشوء المسيحية الصهيونية» هو غني بمعلوماته ومراجعه، عميق في تحليلاته وواضح في عرضه التاريخي وفي النتائج التي توصل إليها.
يمكن الحصول على الكتاب الكترونياً ومجاناً رأساً من المؤلف:
cghaoui1@gmail.com tel: +61 411 786756
وهو متوفر أيضاً في عمدة الثقافة في الحزب السوري القومي الإجتماعي، وفي مؤسسة سعاده للثقافة، ودار أبعاد للنشر والتوزيع وسائر المكتبات الرئيسية في بيروت.
شحادة الغاوي