هل يجب أن يُجلد تشافي؟

السادس من حزيران ٢٠١٥ كان تاريخ آخر بطولة دوري أبطال يُتوّج بها برشلونة، يومها رفع تشافي ذات الأذنين مودّعًا نادي طفولته، الذي دخل بعدها في دوامة معاناة على الصعيد القاري لحقت بها الكثير من التعثرات.
لم تكن الفترة التي مرّ بها برشلونة منذ العام ٢٠١٥ سوداويّة بالكامل، إذ نجح النادي بتحقيق عدّة بطولات كالدوري الإسباني وكأس الملك وكأس العالم للأندية والسوبر الأوروبي، لكن بالنّسبة للأندية الكبرى، فإنّ لدوري الأبطال قيمة مضاعفة عن أيّ بطولة أخرى، وتحقيقها هو الهدف الأوّل والأكبر الذي تسعى له كلّ موسم .
الفشل بتحقيق دوري الأبطال وتراجع الأداء والنتائج أدّى بالنادي الكتالوني إلى تغيير عدّة مدربين في السنوات الأخيرة، وفشلوا جميعهم بتحقيق تحسّن ملحوظ، بل كانت الأمور تسير من سيء إلى أسوأ، وأخيرًا أعادت إدارة لابورتا الأسطورة تشافي هيرناندز إلى النادي كمدرّب وعُقِدت الأمال عليه ليعيد أمجاد الماضي.
وبعد عامٍ ونيف هل يمكن الحكم على تشافي بالفشل؟
تسلّم تشافي دفّة قيادة برشلونة والنادي في المركز التاسع في الدوري المحلّي، ومع تبقي مباراتين فقط في دور مجموعات دوري الأبطال، وإن كان “زرقاء اليمامة” قد فشل بالتّأهل من دور المجموعات في البطولة القاريّة لكنّه بلا أدنى شكّ حسّن كثيرًا من أداء النادي الذي نجح بانهاء الموسم في المركز الثاني خلف الغريم ريال مدريد في الليغا، لكنّ النادي فشل أيضًا بترك بصمة في بطولة الدوري الأوروبي إذ أقصي بشكل مفاجئ على يد انتراخت فرانكفورت وودّع بطولة كأس الملك من ثمن النهائي بعد خسارة من أتليتيك بيلباو وكان ريال مدريد قد أقصاه من نصف نهائي بطولة السوبر الإسباني. لكن رغم ذلك كانت بصمة تشافي على أداء الفريق واضحة، إذ حقق الكتلان ١٤ مباراة متتالية بدون أي خسارة وفازوا برباعية نظيفة على ريال مدريد لينهوا بذلك سلسلة من خمس خسارات متتالية في الكلاسيكو.
وفي الموسم الحالي يتصدّر برشلونة ترتيب الدوري الإسباني، لكنّه فشل مرّة جديدة في تخطّي دور المجموعات أبطال أوروبا بعد أن وضعه الحظّ السيء في مجموعة ضمّت بايرن ميونخ وانتر ميلان وفيكتوريا بيلزن. من هنا يمكن القول أنّ تشافي أعاد لبرشلونة بعضًا من هيبته المحليّة لكنّه لم ينجح بأي شكل في تحسين وضعيّة النادي قاريًّا.
ولكن السؤال الأبرز يبقى: “هل يلام تشافي؟ وهل هو المذنب الوحيد؟”
من المؤكّد أنّ تشافي يرتكب العديد من الأخطاء في قيادة دفّة برشلونة، في ظلّ تخبّط في اختيار التشكيلة وإصراره على بعض اللاعبين الذين أثبتوا أنّ أداءهم قد تراجع بشكل كبير أمثال بوسكيتس وتوريس والتبديلات الغريبة التي يجريها إذ قام في عدّة مباريات باستبدال أبرز اللاعبين مثل دي يونغ أو غابي أو ديمبلي… كما أنّه من الواضح أيضًا غياب التخطيط والتحفيز، فمن يشاهد مباريات برشلونة يواجه صعوبة كبيرة في فهم التكتيك الذي يعتمده تشافي، خاصّة أنّ الفريق يتراجع أداؤه مع مرور الوقت في المباريات ويخسر تقدّمه في العديد منها.
فإذًا يمكن القول وبشكل صريح أنّ للمدرَب أخطاءه العديدة، ولكن هل يجب صلبه هو الآخر كمن سبقه من المدربين وإلقاء كلّ اللوم عليه؟ طبعًا لا!
فبرشلونة يعاني من أخطاء إدارية أوصلت النادي إلى وضع اقتصادي كارثي، وأولى تلك الأخطاء كانت التعاقدات التي أبرمها النادي وبمبالغ خيالية لكنّها لم تقدّم أي إضافة للمنظومة ولم تعوّض النجوم البارزين الذين فقدهم النادي أمثال داني ألفيش وبويول وتشافي وإنيستا وسواريز وصولًا إلى ميسي وغيرهم.
ففي النادي الكتالوني اليوم الاعتماد هو إمّا على لاعبين شبان لم يصلوا للعشرين من عمرهم كغابي وبيدري وفاتي… وهم إن كانوا يقدّمون مستويات عالية لكنّهم لم يصلوا بعد إلى النضج الكافي لقيادة الفريق نحو المجد، أو على لاعبين كبروا بالعمر وتراجع مستواهم أو في أفضل الأحوال يقدمون أداءً جيّدًا اليوم لكن لا يمكن الاعتماد عليهم للبناء للمستقبل.
تشكيلة نادي برشلونة تفتقر للاعبين في قمّة مستواهم وعطائهم، ومن يلوم تشافي بالقول أنّ النادي فعّل رافعات اقتصادية وقام بعدّة تعاقدات، يُسأل عن مستوى هذه التعاقدات وما تقدّمه للنادي، باستثناء ليفاندوفسكي طبعًا.
تشافي ليس بالمدرّب المثالي لبرشلونة في هذه المرحلة، لكنه من المؤكد أنّه يمتلك فكرًا كرويًا عاليًا، فهو باعتراف جميع مدرّبيه كان مدرّبًا فوق أرضية الميدان وباعترافهم أيضًا فقد كانوا يستشيرونه دائمًا، لكن خبرته المتواضعة في عالم التدريب توقعه في العديد من الأخطاء وسوء التقدير، كان من المبكر عليه أن يتسلّم مهمّة انتشال نادِ كبرشلونة من وضع كارثي وصل إليه، ولكن من يريد جلد تشافي فهو بحاجة لأن ينظر للصورة كاملة في برشلونة ولتقييم النادي من جميع الجوانب قبل إطلاق الأحكام على المدرّب فقط.

ريتا الصياح