تناسى البعض كافة مشاكل لبنان، فلا ارتفاع سعر صرف الدولار بات يهزّهم، ولا الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وارتفاع فاتورة المولدات يؤثر بهم، وحتى خبر رفع الدعم عن حليب الاطفال مرّ مرور الكرام، فأكملوا حياتهم بشكل طبيعي.
وحدها إطلالة الشابة أريج الحاج بشخصية “الست سهام” ضمن برنامج “كتير هالقد” على شاشة الـ MTV مع الاعلامي هشام حداد، كانت كفيلة بأن تشعل مواقع التواصل الاجتماعي، فانتفض من يدعون تمثيل أبناء الجبل عليها، مستنكرين ما تقدمه ومطالبين بإيقاف فقرتها، دون التردد بتوجيه الاتهامات لها بالإساءة طائفيًا ولصورة ابنة الجبل- وهو ما لم ولن يحصل بطبيعة الحال- فالشابة أريج الحاج تعي تماما حدودها ولا تسمح لنفسها بتخطيها، إنما كل ما تسعى إليه هو تقديم مادة كوميدية خفيفة، تنال إعجاب الجمهور وتبرز موهبتها الفريدة بشكل أكبر.
“الست سهام” هي ابنة الجبل، سلاحها “المتة” وحرف “القاف” الذي يميّز لهجة أبناء المنطقة، تطل حاليًا على الشاشة الصغيرة لتقدم بعض النصائح التي حملتها من اجدادها والبيئة التي عاشت وتربت بها، والتي يشتهر بها ابناء الجبل حصرًا، فتنقلها بعفويتها و”هضامتها” المعهودة الى المشاهدين، مستعينة بموهبتها في التمثيل والتقليد، لتشكل حالة فريدة لا تشبه غيرها.
لا تهدف اريج الى المسّ بالجماعة او بأبنائها بحسب ما تؤكّد، ولا تقبل اصلًا التقليل من شأن أحد، انما كل ما تسعى اليه هو ادخال البهجة الى الناس في منازلهم، فتعرّفهم اكثر على ابنة الجبل بطريقة كوميدية، وتنسيهم لدقائق همومهم اللامتناهية.
ولكن رغم كل ما ذُكر اعلاه، لم تسلم أريج من الانتقادات وتعرضت لهجوم لاذع، فباتت بنظر البعض هي من تشوه صورة طائفةٍ بأكملها وأصبح من الواجب محاسبتها ومنعها من الظهور على الشاشة مجددًا.
في مقابل هذا “الجهل” لدى البعض، تلقت أريج الحاج دعمًا كبيرًا من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يرفضون زجّ الطائفية في الفن والتمثيل والكوميديا، مؤكدين أن من حقها كممثلة تجسيد الشخصية التي تحب، فكما اعتاد المشاهد على شخصية أمل طالب ابنة بدنايل ولهجتها الفريدة، وعلى عباس جعفر ابن بعلبك، وأبو طلال الصيداوي وأم خالد المؤيدة لـ تيار المستقبل و”الشيخ سعد” كما تناديه، وغيرهم الكثير، كذلك هي أريج، تجسد ابنة الجبل بأسلوب كوميدي راقٍ.
من جهتها، ورغم كل ما قيل في حقها والكمّ الهائل من الانتقادات التي تلقتها، تؤكد أريج لـ”صباح الخير” أنها مستمرة في هذا المجال، فهي تعي تمامًا حدودها ولا تقبل ان تتخطاها مهما كان، وتشدد على ان جلّ ما تقدمه للمشاهد هو مادة واقعية في اطار كوميدي.
لم تفجّر أريج الحاج العاصمة بيروت في الرابع من آب، ولم تقتل ابناءها، لم تسرق اموال المواطنين من المصارف، وليست هي المسؤولة عن ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار الليرة اللبنانية، ولا حتى عن انقطاع الادوية من الصيدليات وموت الناس على ابواب المستشفيات او هجرة الشباب اللبناني، كل ما في الامر انها شابة لبنانية موهوبة، تشقّ طريقها في عالم الفن والتمثيل، لذا فالاجدى بمن حاربها ان يدعمها لتحقق المزيد من النجاح، بدلًا من تحطيمها والتذرّع بأمور تزيد من التعصّب بين والمواطنين وتخلق نزاعات نحن بغنى عنها في هذه الأوقات العصيبة التي نعيشها.