بعد سقوط بغداد، خرجت للعلن، الولايات المتحدة الأميركية عام 2004 بمشروع «الشرق الأوسط الكبير»، وكان مبهما ضبابياً بطموحاته، لم يستوعبه الكثيرون. أما في 2006 وبعد حرب تموز، أعلنتها صراحة، كوندا الشمطاء، معلنة بدء «آلام مخاض ولادة شرق أوسط جديد».
الموضوع لا يتعلق بحكم الجمهوريين أو الديموقراطيين فقط، (تنافس هؤلاء في السياسة الداخلية، أما الخارجية فلها ضوابط محددة مختلفة تماما)، بل هو تصور جديد عملي، لإعادة توزيع ركائز الاقتصاد العالمي الجديد.
لم يخف الغربي يوماً مطامعه بأرضنا وخيراتنا، وبدعمه اللامتناهي لوكيله المحلي.
فقط نحن لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نفهم، وإذا فهمنا، طمرنا رؤوسنا بالرمال كالنعامة، على أساس، عاصفة وستمر، المهم الحفاظ على مراكزنا وكراسينا. وهذه ليست المرة الأولى لنقول، لم نكن نعرف.
بنهاية الحرب العالمية الثانية، أيضاً لم يكن لنا رأي بمستقبل بلادنا.
قاموا بتقسيمات تتوافق مع مصالحهم، وتتنافى مع مصالحنا، ورسموا لنا حدود سياسية، تتناقض مع الواقع الجغرافي والتاريخي، والمصلحة العامة العليا الوطنية، ووضعونا داخل أقفاص ودوائر، استمتنا لاحقًا، وحتى الآن، بالدفاع عنها والتشبث بها، كالدجاج الذي يعود ليلاً إلى حظيرته، وهو يعرف أن « مشغله» سيجمع صباحاً كل إنتاجه من «البيض»، وإذا هرم الديك أو جاع، صاحب الحظيرة سيذبحه حكما، بلا تردد.
مقدمة طويلة، لنهاية مختصرة.
بنظرة سريعة للخلف، نجح الغربي ووكيلته المحلية، بتدمير العراق وجيشها ولاحقاً تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء، ثم أشعلوا «ربيعا عربياً»، (ودائما ما أندهش من قدرتهم على السيطرة على العقول، عبر تسمياتهم اللطيفة، لمشاريع قتل وإجرام ضخمة)،
حيث أسقطوا وبدّلوا من لا يناسبهم لهذه المرحلة، من مصر وليبيا والسودان والسعودية وهلم جرى.
ثم كان سقوط الشام بالضربة القاضية، وتناثرت كالبلور المحطم، على طاولة أطماع المحتل.
تبقى لنا في خريطة تقسيمات 1945، دولة لبنان الكبير، صحيح انه ليس له مساحة واسعة ولا تأثير جيواستراتيجي، لكنّ يسكنه، فصيل يتحدر من عشائر العمالقة التي كانت تعيش في بلادنا منذ أقدم العصور، فصيل عصي على التطويع والتدجين، يجبّ عزله وترويضه قبل أن يعود للاستيقاظ كطائر الفينيق.
لهذا بنوا سفارة عملاقة، وبنوا مطاراً عسكرياً، ووضعوا علينا حصاراً اقتصاديا ومالياً، ولذلك ها هم يؤجّجون الفتنة الطائفية في الساحل الشمالي من اللاذقية وطرطوس إلى طرابلس وصيدا.
نحن عائدون، إلى متصرفية جبل لبنان، تحت البند السابع، وبنهج تقسيم المقسّم لأن بعضا من شعبنا يصر أن يعود الى الوراء وخوفي ان يكون الثمن أنهراً من الدماء، لذا ليشهد التاريخ علينا، إننا أبلغنا…