قراءة في الواقع ومصير المواجهة المستمرة لامتنا

نحن أمة كم من تنين قتلت في الماضي ولن يعجزها أن نقتل هذا التنين الجديد«

بعزم نقول قول سعادة، فيما المخاطر من حولنا تتضاعف والمشاريع المدمرة لأمتنا تتبلور.

السكين على رقاب شعبنا، في تماثل مخجل، أن يكون الأداة في الساحل، كما الأصيل في غزة، وان ينتظر بعض من أبناء شعبنا مبضع الشقاق ليقسم المقسم ويعيد بلادنا إلى كانتونات مذهبية وطائفية، صنعها الانتداب في السابق تنفيذاً لنظام الملل والطوائف الذي أسسه العثملي.

اليوم يحيط بنا غول الاستعمار الإمبريالي طامعاً بالثروات وبموقعنا الاستراتيجي، وكان لشارل فيرلو، العالم الفرنسي العارف بحضارة هذه الأمة قوله الشهر «لكل انسنا متحضر في هذا العالم وطنان، وطنه الأم وسوريا».

وهو كان قد فكك هيروغليفيتها المسمارية وأدرك مكنوناتها الحضارية.

إن أقسى ما نعانيه اليوم هو مطامع الصهيونية العالمية وإطلاق يدها من قبل الإمبريالية الغربية، المهيمنة على العالم بأحاديتها القطبية، دون أي رادع أو وازع أممي أو قانوني دولي.

عصر تيمورلنك جديد، من بغداد التي أضعفها إلى فلسطين، حيث الكيان السرطاني الصهيوني المزروع يعيث انتزاعاً للشعب وإبادة ثم استيطاناً، وإلى دمشق يزرع فيها سلوكاً إرهابياً تكفيرياً، يتيح له الاستمرار في سياسة الهيمنة للتركي الشريك، عدو امتنا في الشمال، والى لبنان يريد البعض الاستمرار في جعله خاصرة رخوة للأمة، في ارتهان سلطته للإرادة الغربية تارة ولتهديدات العدو المدعوم أطلسياً، طوراً أخر.

إن سياسة الارتهان التي تعيشها كيانات امتنا، ومعها دول الاتفاقيات الإستسلامية كمصر والأردن ثم الدول المرتبطة بالاتفاقيات الإبراهيمية، يجعل العالم العربي في حالة ضعف شديد لمواجهة ما يعد للمنطقة من مشاريع الهيمنة أو استنزاف الثروات.

حال بلادنا اليوم قد يكون في أسوأ ظروف من الضعف والانحلال. رغم تجليات حرب إسناد كرست إرادة الصمود في مواجهة أعتى حرب إبادة للشعب ومقاومته، وإنهاء قدراته في تعطيل هيمنة مشاريع الأطلسي وأدواته. وها هي اليوم الحرب على الحوثيين واليمن، تحاول إنهاء قدراتهم بدعم فلسطين من إقفال باب المندب إلى ضرب تل أبيب، بعدما قدم هؤلاء الحفاة في غزة وهم حفاة ما لم يستطع عرب الثروات أجمعين تقديمه.

وفيما تستمر الحرب على لبنان، رغم الهدنة المعلنة تدمر تقتل تنتهك الأجواء من جنوبه إلى شرقه وشماله وترفض الانسحاب من مواقع سيطرت عليها بعد الهدنة، كذلك تستمر حربها على غزة ومخيمات الضفة بقصد الإخلاء، فيما سكين التكفير يجزّ أعناق أبناء من شعبنا ويهدد آخرين بالمصير عينه، بينما العدو يستدرج طوائف وملل إلى التطبيع بقصد المزيد من الهيمنة على أمة ممزقة في دويلات عنصرية، فتتيح لها أن تكون الأقوى.

إنها مواجهة غير متكافئة في ظل غياب الوحدة المجتمعية مما يجعلنا امام استحقاق مصيري، فهل نقبل أن تمحونا نحن أمة الحضارة، دولة يهود الخزر الناشئة التي تستهدف اقتلاعنا واستيطان يهود العالم مكاننا ويقارب عددهم العشرين مليوناً؟

بالمقابل هل تضمن كل وعود الأطلسي، سلامة ذاتية؟ هل الانصياع للغرب الداعم للعدو، يكفل حماية لشعبنا؟ هل ترك معادلة القوة الذاتية وتدعيمها والتي كفلت بالتجربة الانتصار على هذا العدو، في لبنان اكثر من مرة تقنع الجميع أنها هي التي تحمي؟ هل استطاع دعم أنقرة وواشنطن لحاكم دمشق اليوم، أن يحقق ما يزعم البعض، انه تغيير لصالح الشعب في شامنا، لأجل تحقيق دولة العدالة الاجتماعية، وتداول السلطة والحريات السياسية، أم أن ذلك كان يافطة كشفت أن سلطة الرجل الأوحد، هي ديكتاتورية مستمرة، وان الشرع الديني يظلم باقي مكونات المجتمع إذا ما ساد؟ هل استطاعت دول الطوق المستسلمة وفي مقدمهم الأردن ومصر، النجاة من بين أنياب المشروع الأميركي الأطلسي، الذي يريد ترامب فرضه عليهما، ليكونا مقراً لأبناء غزة، للاستفراد بثروات غزة من باطنها، والى فوقها حيث يعد نفسه    «بريفييرا » الأغنياء يحلون  محل أهل الأرض في امتنا.

ماذا عن عمق امتنا وأغناها العراق، لقد فعل فيه سيف الإجرام سابقاً وقطع ما قطع، مستهدفاً وحدته ومهيمناً على ما تبقى، رغم صراعه اليوم ليبقى سنداً لهذه الأمة.

لسنا في أفضل حال، أن في وحدتنا الروحية، وقد استطاع عدونا الوحدوي أن يدخل في عقول البعض انه قادر على تغيير الحال وبات بعض منا بتقبل التطبيع، بعدما أفلحت الاتفاقيات الإبراهيمية بزرع تقارب بين رؤساء الأديان أولاً، ودورهم الخطير في تثبيت نهج الحياد والاستسلام.

أما عن نهج المغريات وبين تهديد وترغيب تتقنه الولايات المتحدة الأميركية، بما تملكه من وسطاء ووسائل إعلامية تصنع البروباغندا وتعكس الحقائق.

أن نماذج المقاومة في العالم التي واجهت طغيان إمبريالية واشنطن عبر التاريخ، تدلل على نماذج عديدة واجهت بالفعل وليس بالقول ، وانتصرت  على مشاريع بالهيمنة، وأدت بعملاء الأميركي ومناصريه إلى التعلق بأذيال الخيبة، كما  بأذناب الطائرات المغادرة، من هانوي/فيتنام البطلة إلى أفغانستان وكوبا وفنزويلا التي ما زالت ترفض أن تكون حديقة خلفية لواشنطن، كما لا يزال في العالم من يواجه ويصرّ على البقاء في موقع الداعم للقوى الحرة في العالم، وايران المحاصرة إلى الآن،  المثال الأبرز، كما اليمن العزيز بقواه الداعمة والمواجهة دون وجل دعماً لفلسطين، فقد اثبت حفاة الإقدام أن قلوبهم الفولاذية لأبنائهم تصنع المعجزات.

الثابت أن شعبنا يمتلك إرادة الصمود والمواجهة وما على امتنا إلا توحيد أبناء مجتمعنا، لأن ثمن الانحناء اليوم، تبعاته أخطر من المواجهة، لأنه سيعيدنا إلى قبور ظلامية تستمر طويلاً.

إلى شعبنا نقول، استيقظوا واتعظوا من مجريات التاريخ عاملين كما قال سعادة «إن أزمنة مليئة بالصعاب تمر على الأمم الحية فلا يكون منها خلاص إلا بالبطولة المؤمنة المؤبدة بصحة العقيدة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *