ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية لكرة القدم: من البناء مروراً بالتدمير والإعمار إلى الاهمال

ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية لكرة القدم: من البناء مروراً بالتدمير والإعمار إلى الاهمال

    أي صرح ثقافي، اقتصادي، اجتماعي، في أية دولة في العالم يُعتبر هوية وطنية لشعبها، كذلك في الرياضة، فالصروح الرياضية هي هوية وطنية، فخر وطني وعزّ وطني، يتعلّق بها شعوب هذه البلدان من الماراكانا في البرازيل، مروراً بويبلي في انكلترا، وسان سيرو في ايطاليا، والنوكامب وسنتياغو برنابيو في اسبانيا، و ملعب القاهرة الدولي في مصر، و صولاً إلى ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في لبنان.

    ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية لكرة القدم، الذي هو موضوعنا في هذه المقالة، هو هوية وفخر وعزّ الشعب اللبناني، تم بناؤه سنة 1957، مكان مطار بيروت الدولي القديم، في عهد الرئيس كميل شمعون، و استضاف حينها كل من دورة ألعاب البحر المتوسط في أواخر الخمسينات، و كأس العرب سنة 1963 بنسختها الأولى التي استضافتها بيروت بمشاركة تونس، الشام، الكويت، الأردن ولبنان البلد المضيف، و كان أول هدف في تاريخ هذه البطولة يسجّله وقتها اللبناني عدنان الشرقي في مرمى الكويت، بالإضافة إلى المباراة التاريخية في 6 نيسان 1975 التي جمعت نادي النجمة اللبناني بمشاركة اللاعب الأسطورة البرازيلي بيليه معه، ضد فريق جامعات فرنسا وانتهت نجماوية بنتيجة 2-0.

    لكن الفرحة لم تكتمل بالنسبة للبنانيين في هذا الصرح الرياضي الكبير و الجميل، الذي اعتبروه هويتهم الرياضية، لأن في 13 نيسان 1975 اندلعت الحرب الأهلية في لبنان، التي لم ترحمه من نيرانها، ولم يرتاح هذا الصرح الرياضي من نيران الحرب الأهلية حتى أتاه غضب “الاحتلال الإسرائيلي” بقذائفه وقنابله عند “اجتياح إسرائيل” للبنان في 6 حزيران 1982،  حتى أصبح اللبنانيون لا يعرفون أين موقع المدينة الرياضية إلا على الخرائط المعمارية والورق فقط.

    وعند ما يسمى إعمار بيروت في التسعينات، تمت إعادة إعمار مدينة كميل الشمعون الرياضية، بمساعدات عربية لتغطية التكلفة البالغة 49 مليون و 600 ألف دولار، موزعة على التوالي 20 مليون دولار من السعودية، 6.3 ملايين دولار من الكويت، 5 ملايين دولار من الإمارات العربية المتحدة، لكن تخلّف الدول باستثناء السعودية و الكويت أجبر الحكومة اللبنانية على دفع 23 مليون دولار من الخزينة العامة، لإعمار المدينة الرياضية بما فيها ملعبها الاولمبي.

    بعد إعمارها استضافت المدينة الرياضية دورة الألعاب الرياضية سنة 1997، و تحديداً المباراة التاريخية في النصف النهائي في كرة القدم بين لبنان والشام، والتي انتهت شامية بنتيجة 2-3، و بطولة أمم آسيا 2000، حيث استضاف ملعب كرة القدم في مدينة كميل شمعون الرياضية نهائيات أمم آسيا 2000، منها مباريات منتخب لبنان لكرة لبنان- إيران 0-4، ولبنان-العراق 2-2، ولبنان-تايلاند 1-1، وكوريا الجنوبية والصين 1-0، واليابان والسعودية 1-0 في المباراة النهائية للبطولة الأسيوية، وسنة 2009 استضاف هذا الصرح الرياضي دورة الألعاب الفرنكوفونية.

    قبل انفجار بيروت في 4 آب 2020 و الذي تضرر منه سكان بيروت والمناطق المجاورة لبيروت، تضررت المدينة الرياضية و ملعبها الأولمبي، استضاف هذا الملعب بعض مباريات الأندية في الدوري، وكأس لبنان، ومنها تصفيات كأس العالم 2014 و2018، أبرزها مباراة العصر ضمن المرحلة النهائية للتصفيات المؤهلة إلى مونديال البرازيل 2014، التي جمعت لبنان وكوريا الجنوبية، وانتهت لبنانية 2-1، و تصفيات أمم آسيا 2019، بالإضافة إلى مبارايات نادي العهد ضمن كأس الاتحاد الآسيوي، التي استضافها النادي اللبناني موسم 2018-2019، وقتها حصد النادي اللبناني اللقب اليتيم له و لكرة القدم اللبنانية، إن على الصعيد الأندية أو المنتخب.

    بعد انفجار مرفأ بيروت أُهملت المدينة الرياضية و تحديداً ملعب كرة القدم، حيث وُضع الطحين والقمح فيه، ولم تتم عملية ترميم أرضيتها ومدرجاتها، فأصبحت يتيمة الفرق واللاعبين والجماهير.

    إن لعبة كرة القدم اللبنانية مهددة بالإيقاف من قبل الاتحاد الدولي والآسيوي، إن لم يتم ترميم الملاعب، ومنها ملعب كرة القدم في مدينة كميل شمعون الرياضية، ويستطيع لبنان ترميم منشآته الرياضية من خلال أموال زعمائه، وإن حجة عدم وجود مال في الخزينة لإصلاح ما تهدّم و منه الملاعب الرياضية حجة واهية و غير مبررة.

فراس مهنا