ماذا كشف زهران عن رئاسة الجمهورية والوضع الأمني؟ وكيف يقرأ أزمة لبنان؟

ماذا كشف زهران عن رئاسة الجمهورية والوضع الأمني؟ وكيف يقرأ أزمة لبنان؟

في خضمّ التطوّرات التي يشهدها لبنان والمنطقة، ومع اشتداد رياح الحصارَين الداخلي والحارجي على لبنان، أجرت صباح الخير-البناء مقابلة مع المحلل السياسي، ومدير مركز الارتكاز الاعلامي سالم زهران حيث كشف تفاصيل حول الفراغ الرئاسي والوضع الأمني، بالإضافة الى تطورات ملف النازحين والدور الفرنسي في لبنان.

رأى الصحافي والمحلل السياسي، ومدير مركز الارتكاز الاعلامي، سالم زهران، أن “لا مصلحة مباشرة لأحد في الفراغ الرئاسيّ، لكنّ الحديث عن لبنان كما الحديث عن باقي دول العالم فيه شيء من التبسيط للأمور، فالمشهد اللّبنانيّ معقّد وتتشابك فيه الخيارات المحليّة مع الخيارات الدوليّة”.

وأكّد، في حديثه لـ “صباح الخير البناء” أنّ “الخيارات المحليّة ليست خيارات بين كتلٍ سياسيّة وحسب بل هي خيارات بين كتلٍ طائفيّة لها إمتدادات في الخارج. وعليه، فالفراغ هو نتيجة طبيعيّة لهذا النظام الطائفيّ المسخ المرتبط بدولٍ إقليميّة ودوليّة”.

واعتبر أنه “لأنّ العالم يشهد حروباً دوليّةً كبيرة سواء على جبهة الناتو مع روسيا في السّاحة الأوكرانيّة، أو في الإقليم وما يجري من اليمن إلى العراق وصولاً إلى المشهد السوريّ المعقّد، الفراغ في لبنان باقٍ ومستمر ويتمدّد إلى حين التّسوية الإقليميّة الدوليّة لكي تنتج هذه الكُتل رئيساً للجمهوريّة”.

وأشار، في الخلاصة، الى أنّ “الفراغ يتمدّد وهو ينعكس سلباً على المواطنين، أما الطبقة السياسيّة فهي ليست إلّا مرآة للخارج وحروب الخارج في الداخل”.

وكشف زهران أنّ التشريح الجدّي “يكاد ينحصر بإسميْن هما رئيس تيار “المردة”، سليمان فرنجيّة الذي يصرّ حزب الله على تسميَته، وقائد الجيش، العماد جوزيف عون، المرشَّح المستتر لعدد من القوى السياسية المحليّة وبعض الخارج”، قائلاً إنّه “لكن حتى هذه اللّحظة كلاهما عاجز عن أن يصل إلى سدة الرئاسة، فلا الأوّل أي فرنجيّة قادر على تأمين 65 صوتاً، ولا الثّاني، أي عون قادر على تأمين التّعديل الدستوري الذي يحتاج إلى ثلثيّ مجلس النّواب كونه لا يزال على رأس المؤسّسة العسكريّة”.

واعتبر أنّه “إمّا سوف يأتي بأصوات وتوافقات دوليّة كما ذكرنا في السؤال الأوّل على أحد الإسميْن، وإمّا سيفتح الباب أمام خيارٍ ثالث. وهنا تطول لائحة الأسماء المجهولة حتى هذه اللحظة، لكنّها تصبح معلومة متى دقّ جرس التسوية الدوليّة”، مُرجعاً الأسباب في تأجيل جلسات مجلس النواب الى هذا الأمر.

وبما يخصّ الدور الفرنسي في لبنان، قال إنّه “يتم المبالغة في تقديره من قبل البعض لأسباب كثيرة، وبعض اللّبنانيّين مرتبطون عاطفيّاً وثقافيّاً بفرنسا، وهذا نقاش آخر”.

كما رأى أنّ “الدور الفرنسي يقتصر على كونه ساعي بريدٍ بين الأميركيّ والمحليّ، أي أنّ الفرنسيّين ليسوا مقرّرين في اللعبة، لكنهم أشبه بصلة الوصل أو بحاملي الأدوار المكلّفة من قبل الإدارة الأميركيّة، بمعنى أنّ الأميركيّين إذا كلّفوا الفرنسيّين بمهمّةٍ ما، يأخذ هذا الدور الفرنسيّ مداه. أمّا إذا لم يكن هنالك رضاً أو أيّ تفويضٍ أميركيّ للفرنسيّين، فالدور يقتصر على تقديم النظريّات، فليس لديهم القدرة على إيجاد الحلول والتدخل بقوة مع الأطراف اللبنانيّة”.

وفي الشأن الأمنيّ المحلّي، أشار الى أنّ “كل المؤشرات الأمنيّة لا تدل على أنّنا ذاهبون إلى انفجارٍ كبير، لكن بالتأكيد الأمن الاجتماعيّ في خطر لأن الواقع الإقتصادي المزري للناس من جهة يؤدي إلى الكثير من حالات التفلت الفرديّة، لكنّها تبقى حالات فرديّة كما شاهدنا في مسلسل طويل من الأحداث”.

وأضاف أن “القوى الأمنيّة هي جزء من هذا الشّعب المتهالك اقتصاديّاً، بل إنّ أكثر المتضرّرين من الأزمة الاقتصاديّة هم في الحقيقة عناصر الجيش والأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة، كوْن رواتبهم لا تزال بالليرة اللبنانيّة وفق السعر الرسميّ للصرف، أي 1,515 ليرة لبنانيّة؛ ومع ذلك يسجّل للجيش والأجهزة الأمنيّة أنّهم لا يزالون واقفَيْن، ولولا ذلك لكان لبنان في مكانٍ آخر”.

وعبّر عن تخوّفه من حالات تفلُّت فرديّة “نتيجة فقدان الأمن الاجتماعيّ والاقتصاديّ”، لكنّه قدّر أنّ “الاشتباك الأمني الكبير يأتي بقرارٍ دوليّ، وحتى هذه الساعة لا يبدو أنّ هنالك قراراً دوليّاً بإشعال السّاحة اللبنانيّة، بل بإبقاء الأمور ستاتيكو كما هي في السّياسة والأمن”.

وعمّا إذا كان هناك مؤشّرات للانفتاح على الشام والمحيط الحيوي للبنان، فاعتبر الأمر “مجرد حديث إعلامي لمجموعة تعبّر عن رأيها خارج السلطة، ويذوب هذا الرأي داخل السلطة”، إذ رأى زهران أنّ “من ينادون في خطاباتهم بالإنفتاح على سورية والمحيط، عاجزون عن تحقيق الأمر داخل النظام المسخ غير القادر على القيام بهذه الخطوة”.

كما رأى أنّ “الأمر سيبقى مجرد اشتباك بين فريقين دون نتيجة”، مستشهداً بأنّه “حتى حين حكم الفريق الذي ينادي بأفضل العلاقات مع سورية في حكومة حسان دياب، لم يستطع تحقيق الأمر، لأن الارادة الاميركية متغلغلة أكثر مما يظن كثيرون، ويخشاها معظم من هم في السلطة”.

وفي ملفّ النازحين الشاميين، رأى أنّ العودة لها سببين:
“الأول: اللعبة الدولية والتي تستخدم فيها ال ngo’s بتمويل النازحين ليبقوا هنا. والثاني يتعلق بالحرب الاقتصادية التي تتعرض لها الشام”.

وفي غضون ذلك، رأى أنّ هناك حلّين: “تحسُّن الوضع في الشام وعودتهم، وفك الحصار عن الشام من جهة، وأن تتوقّف الجمعيات عن دعمهم فيكونون أمام خيارات اقتصادية صعبة تدفعهم إلى العودة”.

واعتبر أن “ليس لوجود النازحين في لبنان أسباب سياسية، بل في الواقع أسباب اقتصادية فقط. فحصار سورية اقتصادياً، دفع النازحين إلى دول الجوار، كما جعل الجهات التي تسببت في الحصار تقوم بدعمهم ليبقوا في تلك الدول، وهذا الأمر عبارة عن مشروع وليس مجرد تفصيل”.

وعن أزمة لبنان القديمة المُستمرّة، قال زهران إنّه “من الناحية السياسية، وضع لبنان في ستاتيكو الحالي هو قرار مستمر، وبالتالي لا يكون الانفراج انفراجاً جزئياً، لن يفكوا الحصار عن البلد بالاقتصاد، ويجب دائماً التعمق بالتالي: هل الاقتصاد في خدمة السياسة؟ ام العكس؟
لا يمكن فصل الفوضى في لبنان عن الحصار السياسي، فمع أنّ الفساد جزء أساسي من الأزمة الحالية، ولكن أيضاً هناك حصار”.
وختم رأيه بالقول إنّ “الوضع اللبناني الحالي مرتبط بالشكل والصراع السياسيين حول هوية لبنان”.