صراعات الشرق وتغيرات العالم

يغتبط الشرق بانه مهبط الاديان والرسالات ويقوم الأفراد وحتى المؤسسات التي قامت بنشر الرسالات بالصراخ اليومي والاسبوعي لهداية الناس متناسية ان المجتمعات على خلافها قد اهتدت لكن تلك الهداية لم تصل لنتيجة تذكر ويعزون سبب إلى انغماسها جميعها بالسلطة والحياة الدنيوية بينما الاصل هو التوحيد واعلاء الشأن الانساني، لان جلها تتحدث عن حالة التوحش والجاهلية لما كان قبلها. ولم تكتف بذلك، بل تؤكد ان ما تعدديتها إلا لإصلاح الحال، متناسية ان المقدس لا يمكن اصلاحه بفعل الهالة التي نسبت اليه.

ما يجري اليوم على الساحة الشرقية من صراعات، يصاحبها عنف بحق الإنسان باسم المقدس بعد مضي الاف السنوات من الهداية، انما يؤكد الفشل الذريع لكل من ينسب ذلك للدين ولانحراف هذه المؤسسة الدينية او تلك. وإذا ما نظرنا بعمق نجد ان جميعها يوحد الخالق ويعزو اليه كل هذا الوجود ويقوم اهل الايمان كل بطريقته بإقامة الفرائض وحمده وشكره على النعم التي أغدقها عليهم. ولا خروج من هذه الحالة إلا بإخراج الظاهرة الدينية مما هي فيه وإعادتها إلى الأصل. فالهدف توحيد المصادر لا مخارجها، وهذا لا يكون إلا إذا نظرنا إلى الطبيعة والغنى المتوفر في الأشياء على خلافها والمنظر البديع الذي يمكن لمسه قبل تدخل البشر الذي لتاريخه هو تدخل سلبي إلا إذا صاحب التدخل ثقافة عالية مادياً وروحيا وكل هذا ليكون واجب تأكيد مفهوم الاشتراك في الحياة.

البشر على خلافهم وتعددية ثقافتهم وأديانهم يشتركون بحضارة واحدة بحكم تواجدهم على ذات المركب (الأرض)، وقد لمسنا أن أي إساءة للطبيعية تجري على بعد آلاف الأميال عنا، تأثيرها ليس مكاني وحسب بل يطال الكوكب بأسره، من حالة التصحر وذوبان الجليد في المحيط  وحرائق آلاف الهكتارات بالأمازون كل هذه الظواهر سببها جهل البشر بأفعالهم ،كما وجهلهم بماهية الحياة والذي يزيد الطين بلة تشبتهم بالأيمان الديني ليطأوا جنة السماء وهم يعبثون بجنة الأرض.

يا ترى لو حازوا على تلك الجنة الذي يقولون انهم كانوا فيها بالأصل أما سيكون مصيرها كمصير الجنة التي يعيشون عليها الان؟

لا يمكن علاج أحوالنا بالنهج الحالي المتبع مهما كانت نتيجة الصراعات التي نشهدها، أهزمنا أم إنتصرنا من يفتح كتب تاريخنا سيقرأ عن انتصارات لا حصر ولا عد كما وعن غزوات طالت بلادنا من كل حدب وصوب قبل الاديان وبعدها. إذا كنا نريد احلال العدالة في العالم واعلاء صوت الحق علينا ان نبدأ بذلك في بيئتنا. ليتغير العالم علينا ان نتغير نحن، لا يغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. نعيش في مجتمع متنابذ متشلع، حكام يعيشون في بروج عاجية يحملون سياطهم علينا ويتفرجون على العدو وهو يقوم بذبحنا وشعب يتجادل في جنس الملائكة يتناظر في احوال الاولين.

منذر عبدالباقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *