فاقمت الحرب على جبهتي لبنان وقطاع غزة أزمة جيش العدو الصهيوني على مستويين، الأول الأزمات النفسية وحالات الانتحار التي يعانيها جنوده وضباطه بسبب تداعيات الحرب، والثاني بسبب النقص الحاد بالقوى البشرية في أعقاب الخسائر الفادحة التي تكبدها بالجنود والضباط في المعارك البرية، وهو ما يلزم تجنيداً جديداً لآلاف الجنود.
وبحسب إعلام العدو يشهد مجتمع العدو الصهيوني أزمة نفسية غير مسبوقة وزيادة كبيرة في استهلاك ادوية النوم والتخدير والقلق، خصوصاً حين تعلن دراسة نشرها العدو في وسائل إعلامه إلى أن أكثر من 520 ألف شخص في «إسرائيل» تعرضوا لـ «اضطراب ما بعد الصدمة» وبحاجة لرعاية وعلاج. كما شهدت دراسات إضافية على سوء الحالة النفسية لدى «الإسرائيليين» بسبب الحرب الطويلة، وتفاقم أعدادهم إلى درجة أن «جهاز الصحة النفسية» الإسرائيلي الذي تسوده مخاوف من الانهيار أشار في دراسة أجراها أنه ليس بمقدوره تقديم العلاجات والخدمات للمراجعين، بسبب الارتفاع المتواصل بأعدادهم خلال الحرب.
ولأن هول ما يتعرض له الكيان الصهيوني من مقاومة، أكان في قطاع غزة أو في جنوب لبنان، كبير، ليس من المستغرب أن يعاني المحتلون أفراداً أو جنوداً حالات نفسية تدفعهم في معظم الأحيان إلى الانتحار. وهذا ما حاولت إحدى صحف العدو الإشارة إليه حين فسّرت انتحار 10 ضباط وجنود في جيش الاحتلال منذ هجوم طوفان الأقصى، ومن خلال تحقيق صحفي كشفت فيه نقلاً عن أقاربهم أن ما رآه المنتحرون في مواقع القتال «دمّر أرواحهم»، وأن بعض الجنود الذين قتلوا أنفسهم صعّب عليهم نفسياً مواجهة ما رأوه. وذكرت أن الجيش «الاسرائيلي» رفض الكشف عن قائمة المنتحرين في جيشه وقالت أن البعض قتلوا أنفسهم في الساعات الأولى من القتال، عندما كانت المعارك لا تزال مستعرة في محيط غزة.
وعملاً بالمثل «وشهد شاهد من أهله» لا بد من الإشارة إلى أن صحيفة جيروزاليم بوست نقلت في حزيران الماضي أن آلاف الجنود الإسرائيليين يعودون من قطاع غزة وهم يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، مضيفة أن أكثر من 10 آلاف جندي في الاحتياط طلبوا تلقي خدمات الصحة العقلية. وفي أيار الماضي، كشفت صحيفة هآرتس أن عدد المنتحرين في قوات دولة الاحتلال الإسرائيلي اعتُبر مرتفعاً، لدرجة دفع إدارة جيش الاحتلال إلى تكثيف برامج الرعاية الصحية التي تعالج الميول الانتحارية، خاصة داخل الشرائح العمرية التي تفشت فيها هذه الظاهرة وهم العسكريون الذين بلغوا العقدين الثالث والرابع.
على خط مواز تسود حالة من التذمر والاحتجاج داخل صفوف جيش العدو، وسط معلومات عن إعلان 130 جندياً إسرائيلياً رفضهم الخدمة العسكرية في جيش الاحتياط. وعلى الرغم من محاولات كبت هذه المظاهر في الجيش ووسائل الإعلام، فإنه لم يعد ممكناً في الحقيقة إخفاؤها. وإذا كان جنود الاحتياط المتذمرون ما زالوا يشكلون أقلية داخل جيش العدو لكنهم يعكسون جو الإحباط الذي بدأ ينتشر في صفوف العسكريين، من جراء إطالة الحرب. وقد وقّع 130 جندي رسالة تتضمن تحذيراً من أنهم لن يخدموا بعد الآن ما لم تعمل الحكومة على الحصول على صفقة بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار. ووجِّهت الرسالة إلى رئيس حكومة العدو والوزراء ورئيس أركان الجيش، ووقّع عليها جنود احتياطيون ومجندون، ينتمون إلى سلاح المدرعات، وسلاح المدفعية، وقيادة الجبهة الداخلية، والقوات الجوية والبحرية. وقد وقع 67 منهم باسمه الصريح، في حين وقّع الباقون بالأحرف الأولى من أسمائهم. ومع أن غالبيتهم يخدمون في جيش الاحتياط، فإن 14 منهم ينتمون إلى الجيش النظامي أيضاً، الذي يؤدي الخدمة الإجبارية.
وفي ظل احتدام المعارك البرية على جبهتي القتال في غزة وفي جنوب لبنان، يعاني جيش العدو من نقص شديد في قواته، ذلك أن عدداً من جنود قوات الاحتياط رفضوا الامتثال للخدمة العسكرية والمشاركة في القتال داخل قطاع غزة. وقد حاول وزير الحرب المقال يواف غالانت، للتعويض عن هذا النقص، تجنيد 7 آلاف من اليهود الحر يديم (طائفة يهودية متطرفة) المعفيين من التجنيد، مما خلق حالة من الاعتراضات والرفض من قبل هؤلاء من جهة، ومن جهة أخرى هدد بتفكيك ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو الذي سارع إلى إقالة غالانت.
الجدير ذكره أن قانون عدم تجنيد (الحر يديم) يجيز لعشرات الآلاف منهم، سنوياً الامتناع عن الخدمة العسكرية. ويعد ذلك سبباً من أسباب أزمة التجنيد في الكيان الصهيوني، يضاف إلى التسرب من الخدمة العسكرية والإعفاء من التجنيد لأسباب طبية ونفسية. وتكشف تقارير صحفية «اسرائيلية» أن واحداً من كل 3 رجال مطلوبين للخدمة العسكرية لم يدخل مكتب التجنيد على الإطلاق، وأن 15% من الجنود تسربوا خلال الخدمة العسكرية ولم يخدموا في الاحتياط على الإطلاق، في حين قفز عدد الحاصلين على إعفاءات من التجنيد لأسباب طبية ونفسية من 4 إلى 8% قبل الخدمة.
ربما تكون المساندة البشرية الأبرز لجيش العدو كما يتم تداوله من عدة مصادر العناصر المرتزقة وهم من دول عديدة مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأيضا اثيوبيا والسلفادور والأرجنتين وإقليم كردستان في العراق ،ناهيك عن الاسطول البحري الأميركي.