اختار المذهون سموتريتش، وزير المالية في حكومة الفاشية الدينية الصهيونية يوم انعقاد قمة الرياض ليعلن ضم الضفة الغربية (فلسطين المحتلة 1967) للكيان في العام 2025. وذهب إلى أبعد من ذلك، بقوله إنه أصدر تعليمات لبسط السيطرة على الضفة.
ولم يتأخر مجرم الحرب نتنياهو عن التصريح بالإتجاه ذاته، في اليوم التالي، مؤكدًا ضرورة إعادة موضوع ضم الضفة لجدول أعمال الحكومة بعد تنصيب ترامب.
يرى قادة الكيان اللقيط أن الظروف باتت مناسبة للإقدام على هذه الخطوة، غير آبهين بتبعاتها وما يترتب عليها من تداعيات.
ففي الكيان، ثمة إجماعٌ صهيوني داخلي على رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة. يضاف إلى ذلك، واقع عربي رسمي انزلق إلى مستوى من العجز والهوان يغري الكيان بمزيد من العدوان والمضي بإجراءاته الأحادية لتصفية القضية الفلسطينية. وتبقى ثالثة الأثافي، ونعني عودة صاحب صفقة القرن إلى البيت الأبيض، وقد ضَمَّنَهَا في ولايته الأولى تقديم حوالي 50% من الضفة للكيان. ولا بد أن نتنياهو سَيُذَكِّر ترامب بتصريحه خلال حملته الانتخابية، بخصوص ضرورة تكبير «اسرائيل الصغيرة»!
وتعول حكومة العدو على أن ترامب الذي أعلن اعتراف أميركا بأن هضبة الجولان السورية المحتلة جزءٌ من الكيان، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، لن يتوقف كَرَمُه دون ضم الضفة كلها هذه المرة لكيان «شعب الله المختار» تحقيقًا لهذرهم المتعلق بأساطير توراتية متوهمة!
لقد وضع الكيان خطة طويلة الأمد لضم الضفة، منذ فترة زمنية طويلة. ولم يلبث العمل في تنفيذها أن تكثَّفَ بعد وصول نتنياهو إلى الحكم سنة 2009. وزادت وتيرته، بشكل خاص، بعد طوفان الأقصى بوجود حكومة فاشية في الكيان. أما الوسائل فمتضافرة الأثر في تأكيد الطبيعة العنصرية العدوانية للكيان اللقيط وتجلياتها في الاستيلاء على الأرض بالقوة وطرد السكان، ناهيك بالتهويد وبناء المستعمرات. ويصل عددها في الضفة اليوم إلى 144 مستعمرة، يُضاف إليها ما يزيد على 100 بؤرة استعمارية. وينوف عدد المستعمرين الصهاينة في الضفة على 800 ألف مُسْتَعْمِر، هم ذراع العدو المسلح لمواصلة الإعتداءات اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني والتضييق عليهم في أرض آبائهم وأجدادهم.
في موازاة العدوان الإجرامي على غزة، عَمِدَ الكيان إلى مضاعفة إجراءات التطهير العرقي لمظاهر الوجود الفلسطيني في الضفة، وبشكل خاص في المناطق المصنفة «ج». هنا، نستحضر، على سبيل التذكير، تقسيمات اتفاق أوسلو الكارثي لأراضي الضفة، إلى المنطقة «أ» وتشكل 21% من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية. المنطقة «ب»، وتقل قليلًا عن مساحة سابقتها (18%)، وتخضع لسيادة مدنية فلسطينية وأمنية صهيونية. وأخيرًا، المنطقة «ج» المُوْمَأ اليها قبل قليل، وتشكل 60% من مساحة الضفة، ويتعامل معها العدو كعمق استراتيجي للاستعمار الاستيطاني.
ويتابع العالم كله، ضمن فصول العدوان على الشعب الفلسطيني، حملات الدهم والاعتقالات والقتل وهدم المنازل، بالإضافة إلى تجريف الطرق في الضفة، كما في غزة، وتدمير شبكات الصرف الصحي ومواسير المياه، وتحطيم مولدات الكهرباء. وفي سياق التضييق على الشعب الفلسطيني وإرغامه على قبول التهجير، يندرج أيضًا التفريغ الإجباري للمخيمات في الضفة وترحيل سكانها. وثمة آراء وازنة ترجح أن تدشين فرقة عسكرية صهيونية جديدة على الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة بدعوى حماية الحدود الشرقية، إن هو إلا خطوة جديدة في سياق اجراءات ضم الضفة باستخدام القوة إذا لزم الأمر.
وليس يفوتنا التذكير بتبني الكنيست قرار رفض إقامة دولة فلسطينية، وذلك في شهر تموز المنصرم، للمرة الأولى منذ زرع الكيان في فلسطين قبل 76 سنة.
مستصفى القول، الكيان اللقيط ماضٍ في إجراءات ضم الضفة وتصفية القضية الفلسطينية بطريقته المرفوضة على المستوى الشعبي العربي والعالمي. وعندما يعلن الكيان ذلك، يكون قد بلغ قمة جنونه وذروة تهوره بدعم أميركي صريح، إذ يستحيل الإقدام على قرار من هذا النوع من دون مباركة العم سام. هذا يعني بداية، وفاة حل الدولتين على علاته ومع علامات الاستفهام والشُّبُهات المحيطة به منذ ظهوره وحتى اللحظة. ويعني ثانيًا، وهذا هو الأخطر والأهم، دفع المنطقة إلى مواجهات مفتوحة على احتمالات شتى منها أخذ الشعوب دورها وإعادة رسم الحدود والخرائط الجغراسياسية القائمة.
لا يوجد ما يمنع توقع احتمالات كهذه، وغيرها تتقاطع معها في المَشَابِهِ والنتائج. وكلها تشير في اتجاه واحد: الكيان الصهيوني، العاجز عن بسط سيطرته على قرية حدودية صغيرة واحدة في جنوب لبنان، دفع التاريخ دفعًا لتسريع إصدار حكمه النهائي عليه بالزوال.