تلازم المسارات

عقد المفاجأة التي  أحدثتها المقاومة الفلسطينية في غزة صبيحة السابع من تشرين أول 2023 أعلنت المقاومة اللبنانية شراكتها في المعركة وأعلنت حرب المشاغلة بهدف استنزاف العدو وإرهاقه في جبهة ثانية، وان هذه المشاركة تجعل من اصلمسارين الفلسطيني واللبناني متلازمين، فالمقاومة اللبنانية لن تتوقف طالما العدوان على غزة لم يتوقف.

اعتمدت المقاومة اللبنانية على نظرية مفادها أن (إسرائيل) لا تستطيع أن تحارب على جبهتين وبما أنها تتعثر في جبهة غزة ولا تستطيع أن تحقق انتصارا هناك مع المقاومة الفلسطينية فهي أي إسرائيل تدرك أن المعركة مع المقاومة اللبنانية الأقوى من شقيقتها الفلسطينية ستكون أكثر ضراوة وان المقاومة اللبنانية التي تملك ما يفوق ما تملكه المقاومة الفلسطينية من سلاح ومن عديد ومن عدة وإمداد تفتقر إليه غزه بحكم الجغرافيا وبالتالي فان الحرب الشاملة مستبعدة. واعتمدت أيضاً على الفرضيات التي تقول أن المجتمع الإسرائيلي منقسم على نفسه وان معدلات الهجرة من إسرائيل إلى الخارج في ارتفاع مستمر وان الجيش يعاني من الارهاق والتعب وعدم الانسجام مع المستوى السياسي وان العلاقة غير طيبة بين الحكومة في تل ابيب والادارة الامريكية على كثير من المسائل التي وان كانت صحيحة الا اتها ليست سريعة المفعول ويمكن التعويل عليها في المدى القصير.

في مرحله ثانية من الحرب ثبت أن إسرائيل المدعومة بقوه غير مسبوقة من حلفائها وصانعيها بالغرب خاصة الولايات المتحدة، تستطيع أن تخوض الحرب على أكثر من جبهة لا بل وعلى أكثر من جبهتين وقامت بالتصعيد مع لبنان الذي رد عليها بطريقة النار بالنار والعين بالعين والسن بالسن والخروج عن قواعد الاشتباك بالخروج عن قواعد الاشتباك وقصف المدن بقصف المدن واستهداف المدنيين باستهداف المدنيين وأخذت المواجهات تتطور وتكاد أن تصل إلى حواف الحرب الشاملة.

عقيدة نتنياهو الصراعية تقوم على فكرة  أن إيران هي رأس المقاومة (رأس الأفعى بمفرداته) وان ضربها بقوة مسالة مهمة وقادرة على تجفيف منابع الدعم السياسي والعسكري والمالي للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية وهي مسالة يتشارك الإيمان بها مع صديقه وحليفه دونالد ترامب الرئيس الأمريكي القادم لكن نتنياهو لم يكن يستطيع الدخول في مواجهة مباشرة ومفتوحة مع إيران دون ضوء اخضر أمريكي يصل إلى حد المشاركة الأمريكية الكاملة في الحرب الأمر الذي لم ينسجم مع رأي الإدارة الديمقراطية في واشنطن والتي لا ترى هذا الرأي وينصب اهتمامها على المواجهة مع روسيا في أوكرانيا ومع الصين في تايوان وان كانت ترى منح تل ابيب الضوء الأخضر لضرب إيران بشكل لا يصل في مداه إلى المنشاة النووية والنفطية هذه القواعد التزمت بها إيران والتزمت بها واشنطن كما تفيد جميع المصادر بان الطلبات كانت محسوبة بدقة وان الوسطاء كانوا يبلغون إيران بشكل مسبق بالموعد والمكان المستهدف.

اعتمدت إيران على ذلك وعلى رهانها الذي كان خاسرا مع خسارة المرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس الانتخابات الرئاسية وأصبحت ترى أن نتنياهو في تصعيده العسكري في لبنان وان في إيران إنما يستحدث إدخالها في مصيدة الدخول في المواجهة المفتوحة التي لا تريدها.

تجاوزت دولة الاحتلال كل قواعد الاشتباك وسددت للمقاومتين الفلسطينية و اللبنانية ضربات موجعة نالت من هيبتها و وصلت إلى اقوى رموزها باستشهاد أمين عام حزب الله و رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ثم استباحت لبنان بطوله و عرضه وصولا إلى شماله و شرقه، و أصبحت بيروت ساحة حرب و ضاحيتها الجنوبية والحدث والغبيري وغيرها تحت القصف المتواصل، فيما أوكلت المقاومة اللبنانية مهمة التفاوض والتوصل إلى نتائج إلى رئيس مجلس النواب اللبناني وفق ما يراه، فيما تشير التسريبات الصحافية إلى أن التوصل إلى اتفاق وقف اطلاق نار قد اصبح قريبا.

فهل هذا يعني فصل المسار اللبناني عن المسار الفلسطيني؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *