استقلال لبنان ليس سوى مهزلة مهينة لجميع اللبنانيين، سواء الذين يريدون الانفصال والذين يأبونه، لأن الإرادة الأجنبية قررته ضاربة بحقوق الشعب السياسية عرض الحائط. ولا جدال في أن الذين قبلوا هذا التقرير الأجنبي شجعوا تلك الإرادة على تنفيذ مراميها. وسببه ضعف ثقافتهم الاجتماعية – السياسية وجهلهم مبادئ الحقوق المدنية. ولولا تدخل الإرادة الأجنبية في الأمر لكان له وجه آخر.
إن اللبنانيين يجب أن يرفضوا هذه المهزلة الماسّة بشرفهم القومي، حتى ولو كانوا يريدون الانفصال عن بكرة أبيهم. فتقرير الإرادة الأجنبية أمورهم يعني إلغاء إرادتهم ووضع الإرادة الأجنبية محلها. وهو أمر يلغي كل أثر للسيادة القومية التي تعني إرادة الشعب.
مسألة «استقلال لبنان» من أهم مسائل التجزئة التي أجراها الأجانب في وطننا، نظراً لأهمية هذه المنطقة من الوجهة الداخلية ومن الوجهة الاستراتيجية. وقد رأى الفرنسيون أنه يمكن، بعد فرض هذا الاستقلال فرضاً على الشعب، تسميم عقول الناشئة وإنشاء جيل جديد يقبل هذه الأحداث الغريبة. ولهم وسائل لهذه الغاية أهمها: برامج المدارس ورشوة الصحافة وتشويق أصحاب المطامع في كراسي الحكم، والقضاء، والمناصب، والرواتب. والبراطيل تنصر الأباطيل
1942

