أي لبنان يجري إعداده اليوم من دوائر القرار الأجنبية، واي قدرة للبنان يتركون واي لبنان يريده اللبنانيون للبنانهم؟
كل ما يجري من ترتيبات، ينبئ ان لبنان لن يكون بعيداً عن المشهد الذي يرسم للمنطقة ككل.
علماً أن سياسة «قصر النظر» من بعض العاملين في السياسة الزبائنية القائمة للخارج، لا زالت مستمرة منذ تأسيس الكيان عام 20 وصولاً إلى ميثاق ال 43، ومن ثم إلى الجمهورية الثانية بعد الطائف، كلها تشير إلى استمرار الذهنية نفسها.
سياسيو البلد، لم يتعظوا بعد رغم كل المتغيرات، وكل الحروب الداخليةوالأهلية، وحتى الاجتياحات الإسرائيلية، والى مشاريع الغرب الهدامة، الطامعة بالثروات.
هم ما زالوا يستسيغون، كما من سبقهم، املاءات القناصل منذ زمن القائمقاميتين والمتصرفية إلى اليوم، حتى بعدما تحولوا القناصل إلى سفراء، فهم ما زالوا يستجيبون لمطالب السفراء، أكثر من مطالب الشعب.
اليوم اذ تتعاظم الأهداف الكبرى وتنشط سياسة رسم الخرائط في منطقتنا، تتبلور أكثر اهداف المشروع من فلسطين، في الضفة التي أعلن العدو إعادة ضمها لدولته وغزة التي تباد بقصد انشاء الريفيرا من اجل رفاهية اغنياء العالم والاستيلاء على غازها، إلى الدولة السورية حيث يجري العمل على إنشاء كانتونات للأقليات، على أساس طائفي وأثنى، وصولاً إلى لبنان حيث ينشط المبعوثون على مطلب نزع سلاح المقاومة، وحصره بيد الدولة.
لا تخجل دولة لبنان ان يكون هاجسها الأول الغاء قوتها، ولو كان تحت عنوان جاذب لعنوان السيادة الفضفاض ،الا وهو حصرية السلاح مع الدولة، في وقت هي أضعف ما تكونه اقتصادياً، بعد الانهيار المالي الذي عرفته البلاد و تأثيره على رواتب العاملين في القطاع العام والمؤسسات الامنية خاصة ويجري العمل على تعزيز ولائها للدولة بتقديمات من دول خارجية وايضا بعدما بات الجيش في موقع انعدام قدرة الدولة على تسليحه، وقد سدت الأفق امامها بعد حصار الغرب وتجفيف مصادر التسليح عليه من أماكن أخرى، فلا يحظى سوى بما يصح وصفه بالخردة من مستودعات السلاح الأميركية وبعض الدول الأوروبية .
الى هذا الجيش الممنوع من التسلح، والدعم (سوى الكلامي واللفظي) من الدول، تريد الدولة اللبنانية تسليم مهمة الدفاع عن لبنان، ونزع سلاح المقاومة، وبالتالي الغاء معادلة الجيش والشعب والمقاومة، من خلال مساندة غير محدودة من الاعلام المرتهن لتعليمات الخارج لاسيما الاعلام (السوروسي) الذي يتولى وبنجاح عملية غسل العقول، وبناء اسوار الكراهية بين أبناء الشعب الواحد.
إزاء النقاش الجاري لعملية نزع سلاح المقاومة وتسليم الجيش حصرية الدفاع عن لبنان لا يمكن للجيش الاستفادة من سلاح المقاومة، لأن النزع يتلازم مع مطلب أميركي إسرائيلي بإلزامية التدمير لهذا السلاح، فالواضح ان الهاجس عند الأميركي هو حماية دولة الاحتلال، وهذا ما يحول الشك إلى يقين عن الدور المرسوم لجيشنا الوطني الشجاع وبات عليه ان ينسى معركة المالكية البطولية، وواقعة العديسة الشهيرة ويعود جيشاً عاجزاً يقتصر دوره على مجرد مراقب لارتكابات العدو، وليس مواجها.
بهذه العقلية، التبسيطية ارتضت حكومة لبنان الإسراع بتلبية رغبات المبعوثين الاميركيين وسفراء الدول الأجنبية والعربية وأقرت قرار حصرية السلاح، في مجلس الوزراء بعيدا عن ميثاقية المطلب ومتخطية الشروط الأكثر أهمية، الا وهي انسحاب الاحتلال الإسرائيلي، وتثبيت وقف إطلاق النار، ثم المباشرة بعودة الجنوبيين إلى ارضهم والاعمار، واستعادة الثروات.
أي لبنان يريدون؟ لا شك ان الأشد ايلاماً هو السير بسياسة تقويض قوة لبنان، للعودة إلى نغمة «قوة لبنان في ضعفه» ولا حاجة بنا لتعداد ما ألت اليه هذه النغمة من مصائب.
ثم والأخطر ان يتم هذا التقويض للقوة الذاتية، بناء على مطالب الخارج، ومن خلال تدمير الوحدة الروحية الاجتماعية بين أبناء المجتمع في سياسة تحريضية واقصائية مستمرة بحق طائفة من طوائف البلد.
لسنا من أنصار التفكير الطائفي ولا التمييز، بل اننا نرى بموجب عقيدتنا ان البديل عن أي تفرقة طائفية، هو الاخاء القومي كونه السبيل الوحيد الذي يحيي البلاد محل التنابذ الطائفي، وان المطلوب هو زرع المحبة محل الحقد والتعصب، فيصبح ولاء المواطن للوطن بدل ان يكون ولاءه للطائفة
فلبنان الذي نريده نحن يحيا بالآخاء القومي ويفنى بالبغضاء.
ان سياسة الكيد السائدة تلبية للخارج لا تبني الوطن وان أخطر ما يحصل ان يكون الامر مقدمة لسياسة اضعاف فريق على حساب اخر، لأن في ذلك تمهيد لسياسة تدمير ذاتي بأشراف خارجي.
وكأن نتنياهو بتصريحه الأخير قبل أيام معدودة يريد تذكيرنا بأهدافه فيقول انا في مهمة تاريخية لرؤية «إسرائيل الكبرى» التي تضم فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر ” .
توجه العدو هذا ليس جديدا دون شك لكنه يجب ان يدفع سياسيي البلد إلى مزيد من الحذر من التمادي في سياسة التطويق الاجتماعي والاقتصادي لأهل المقاومة ولخيارهم بمواجهة هذا العدو الوجودي لأن في ذلك مؤشر لخراب لن يبقي ولن يذر .

