لا شك أن تأسيس أنطون سعاده للحزب السوري القومي الاجتماعي أعاد لهذا المشرق الوظيفة التي ضاعت لعشرات القرون حين تم مصادرة إرادة المجتمع لخدمة أهداف ميتافيزيقية لم تعكس حقيقة الأمة ولا مثلها العليا.
والمشرق هذا الذي يطلق عليه تلامذة سعاده سوريا والآخرين الهلال الخصيب وأحيانا سوراقيا، تفاعل أبناءه مع الأرض وفيما بينهم أعطى البشرية في حقبات موغلة في القدم الأسس التي ينبغي على من ينشد الحياة الحرة الكريمة الاقتداء بها. من التدجين للمعزق للدولاب لأسس التقويم ولائحة تطول ختمت بأبجدية يستخدمها كل من يريد التواصل اليوم.
إقامة المنظومة ليس هدفاً بحد ذاته، بل أن مفهوم سعاده للمنظومة أنما هي وسيلة لتحقيق غاية العقائد والمنظومات التي لا تخدم المجتمع والبيئة التي تحضنه، لن يكتب لها الفلاح مهما جملت وزينت ومهما أعطيت من صفات القداسة.
بعد كل هذه السنين التي ستصل للقرن بعد اقل من عقد، على المؤلفة قلوبهم من القوميين، أن لا يستكينوا ولا يجزعوا من مواصلة طرح الأسئلة الكبرى على أنفسهم وعلى مؤسسات أنيط بها قيادتهم لبعث نهضة. وليتذكروا أن خلاص هذه الأمة لتاريخه هي بالعقيدة التي أرسى مداميكها سعاده. أن التجارب التي شهدناها بعد سايكس بيكو على مساحة الأمة أن بالأنظمة أو الأحزاب، التي تعمل داخل المجتمع لم تستطع خدمة المجتمع ككل كما أنها أخفقت في استرداد الحق المغتصب. ويمكن القول أكثر من ذلك انها تعاند في تصحيح مساراتها لأنها بالأساس لا تعمل وفق الحق العام.
وعظمة حزب سعاده هنا هي في قدرة أعضائه الذين يتخذون من العقل شرعا اعلى، على تصحيح المسار حين تعثر قيادتهم أو تضيع البوصلة.
أمام الأهوال التي يعيشها مجتمعنا على مساحة الأمة، ومع الهجمة القديمة الجديدة للاستعمار وأذنابه، أن بالكيان الغاصب أو ممن يعيشون بيننا، لا بد من مضاعفة الجهود لتلامذة سعاده، فكرا صناعة وغلال والبقاء في ساح الصراع متحلين بالمثل العليا من حق وخير وجمال وبالمناقب القومية الاجتماعية التي لا خلاص من دونها.
الإنسانية بأسرها بحاجة لنموذج لمثل هذه المثل كما والمناقب على الصعيد الروحي وبحاجة لتوزيع غنى لا توزيع فقر على الصعيد المادي. العالم بأسره حاله كحال مجتمعنا يتعرض للاستغلال والتعمية من قبل أهل الجشع ومهووسي السلطة. وإننا كأمة هادية علينا ممارسة الواجب لنوفي سعاده ونبقيها كذلك.