لسنا في الزمن الغابر أو القرون الوسطى عندما كان البرابرة يزحفون من الشرق والغرب يحرقون الأخضر واليابس ويرعبون الناس في طريقهم، وعندما تصل أخبار الزحف للناس يكون قد سبق السيف العذل.
إمبراطوريات الأرض قاطبة قامت بفعل النار والهمجية. ما أشبه الحاضر بالماضي وحتما لن يكون المستقبل أفضل بكثير إذا ما بقيت الإنسانية نائمة في سبات عميق.
استبشر العالم خيراً بقيام الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لوضع حد للغطرسة وعقدة التفوق لدى النازيين بشكل خاص والفاشيين بشكل عام. كما وضعت قواعد لاحترام حقوق الإنسان والجماعات لتقرير مصيرها. الذي حدث أن التركة الاستعمارية للأوروبيين ورثتها الولايات المتحدة الأميركية التي ورثت ايضاً مجموعات مالية كانت قد نزحت إليها من ألمانيا المهزومة وأوروبا المثخنة بالجراح. هذه المجموعات أطبقت على الاقتصاد الأميركي وفي طريقها استحوذت على الإعلام والدور الأكاديمية وصناعة الترفيه ومن خلال اللوبيات والفضائح سيطرت على أهل السياسة في الحزبين المتنافسين. والأمثلة على ابتزاز الساسة لا تحصى ولا تعد وكان الابتزاز سيد الموقف. لو عدنا قليلاً إلى الوراء لوجدنا ان لطخة صغيرة في ملف أي منافس سياسي كانت تقصيه عن السباق الرئاسي حتى كانت فضيحة لوينسكي والتي معها فتح الباب على مصراعيه لأصحاب الملفات للوصول إلى البيت الأبيض وبوش الابن واوباما وترامب لأكبر دليل على ذلك. هذا التبدل لصانعي القرار في الولايات المتحدة حدث بالتزامن مع وقف تغطية العملة الأميركية بالذهب ومحاولة نيكسون كانت الأخيرة لعدم الوقوع في المستنقع فكانت ووتر غايت وبداية التدخل المباشر في المسألة الشرقية بجزءها الثاني النفطي.
الوعي البيئي أصاب كارتل النفط العالمي بالذعر، فتقرر إرجاء كل المقررات الملزمة ذات الصلة لأخر مؤتمر بيئي في كيوتو بعد ان ضمنوا استثماراتهم النفطية من خلال حروب الشرق الأوسط من تقسيم قبرص ،لحربي الخليج بحيث وصل سعر البرميل لرقم قياسي 150$.مع قرب انتهاء عهد النفط ، أدخلت الدول النفطية في إنفاق ووضعت لها أفخاخ لم يسلم منها إلا من كان انبطاحاً بالمطلق كسلطان بروناي أو أي دولة ضعيفة أخرى،بينما الدول المؤثرة من نيجيريا في إفريقيا لفنزويلا في أميركا اللاتينية للجزائر لليبيا للعراق لدول الخليج جميعهم وقعوا في الفخ وما زالت تلك الدول تكابد لتاريخه.
كان النفط بمثابة صمام الأمان للعملة الخضراء، وعصر الطاقة النظيفة دون ان تضمن الولايات المتحدة ما كان قائما بالنسبة للنفط لجهة التسعير وما شابه، معناه أن عملتها لن تكون كما في السابق والمحاولات التي جرت عبر القطريين والأتراك وصعود التيار الإخواني كان لضمان ذلك. الفشل هنا حتم اندلاع الحرب الأوكرانية وإجهاض المحاولات الروسية للتوريد إلى أوروبا ويمكن قراءة طوفان الأقصى وما يجري في جنوب لبنان في هذا السياق وان تعددت أسبابهما.
المحاولات الحالية لدول «البريكس» لإيجاد نظام تبادلي جديد وإنزال الدولار عن عرشه مغمسا بدماء الفلسطينيين واللبنانيين وأهل اليمن هو سقطة أخلاقية، إذا لم يبادر التجمع لوضع حد للفاشية الجديدة المتمثلة بالصهيونية وإعادة الحق لأصحابه.
خوضنا للصراع الحالي لا يكفي معه التنديد والشجب كما يفعل معظم أعضاء تجمعكم والقول بشرعية دولية سقط مع تمزيق مندوب الكيان الغاصب لميثاق الأمم المتحدة في عقر دارها وبقاء دول الغرب الذي وقع في براثن الصهاينة بعد الحرب العالمية الثانية، بدعم غير مشروط للدولة الاستيطانية في بلادنا. تذكروا مقولة أُكلت حين أُكل الثور الأبيض .
منذر عبد الباقي