في لهيب حرب الإبادة القائمة على غزة ولبنان كانت المجزرة المروعة المقصودة في النبطية وعلى مركز بلديتها والتي قضى فيها كوكبة من الشهداء منهم رئيس بلديتها الدكتور احمد كحيل ونائبه الحاج صادق إسماعيل وكثير من الشرفاء من أبناء المدينة فكانت واحدة من ساعات المواجهة وليست ساعة الهروب والرحيل وكانت الة الحرب “الإسرائيلية ” المدمرة قد ارتكبت جريمة بحق الحجر أيضا قبل أيام قليلة دمرت فيها احياء واسعة من اهم مدن جبل عامل عندما دمرت سوقها ومعالمه التي يتعدى عمرها أكثر من قرن من الزمن.
النبطية جهاد وصدى. لا تعرف اليأس، هي الملجأ الأخير للحب والألفة والحياة السعيدة..
اشتق اسمها من فعل ” نبط” ونبط الماء أي فارّ وتدل آبار القنديل على ذلك بوضوح، النبطية في صحراء هذا العالم، وردة لا تذبل ولا تصاب بالشيخوخة، تتطور منذ وجودها وتكبر وتتوسع، فمنذ عهد ” الخانات” في العصر المملوكي إلى يومنا، تصعد وتصعد وتمضي بعيدا في الحضارة الإنسانية، في مقاومة المستعمرين من عثمانيين وفرنسيين ويهود.
النبطية نجمة تحاكينا لن تصمت ولن يخفت ضوؤها، أو يتلاشى ضياؤها … سوقها يوم الإثنين من كل أسبوع، والذي يعتبر من أهم أسواق لبنان بجميع المقاييس من مختلف المناطق اللبنانية، ترفده القوافل الآتية من فلسطين وحوران، وتتكامل الصورة في اللقاء الكبير وتتم فيه أكثر من عشرة آلاف قافلة بيع وشراء، كما كانت النبطية من طليعة البلدان التي وقفت في وجه مشاريع الاستعمار، وما زالت ثابتة على خياراتها المقاومة..
أمام طموحك وأمام تحقيق أحلامك، مدينة اتسعت وسع الكون، انتشر أبناءها في أصقاع الأرض، واحتلوا المراكز الأولى في التجارة والعلم والسياسة والإبداع، من مدارسها تخرج العلماء، أمثال حسن كامل الصباح، رمال رمال ويوسف مروة، أبدع فنانوها وتميز أدباءها وكتابها وهم كثر، وانطلق شعراؤها وحلقوا في الجهات الأربع من هذا الكون، كما لم ترفع هذه المدينة الأبية الأعلام البيضاء في كل المواجهات ، بل رفعت قبضة المقاومة في جنوبنا الأبي ، قدمت الشهداء على مرور الزمن .
نعم، بقيت جراح شهدائها تضيء معالم الطريق وبقيت كطيف ملأ الدنيا علما وثقافة والتزاما.
النبطية أكثر من مجرد مدينة وأكثر من مساحة من الأرض، غرست أعلام مهاجريها في كل القارات، فكانت جامعة دول في بلدة تصعد إلى مستوى المدينة، وستبقى هذا المعلم الجهادي والنضالي الذي لن يتكرر أبدا في تاريخ لبنان والمنطقة..
سنظل نكتب عن الحقب المنتصرة بحبر دماء شهدائك، لن نكتب عن الأيام المظلمة، وغدا لنا موعد مع الفرح، مع الانتصار رغم كل الموت المحيط أيتها المدينة المزنرة بالعلم والرجال المختصرة كل عزة الجنوب وعنفوان الأمة.
الدكتور محمد مروة