سر الحقد الدفين بين حزب القوات اللبنانية وإيران وحلفائها

سر الحقد الدفين بين حزب القوات اللبنانية وإيران وحلفائها

يلاحظ الكثيرون حجم الحقد الذي يكّنه حزب القوات اللبنانية لإيران ولكل من يتحالف مع إيران، والذي يبدو للمراقبين واضحا بشكل جلي على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال مناصري هذا الحزب ومريديه، ناهيك عن خطابات مسؤوليه ونوابه في البرلمان اللبناني ورئيسه ايضا.

في عودة سريعة الى صيف العام 1982، وتحديدا في الخامس من تموز منه (بعد شهر على الاجتياح الاسرائيلي للبنان، وقبل انطلاق عمليات حزب الله ضد العدو الاسرائيلي في لبنان وواجهة هذا الاحتلال في الجنوب جيش لبنان الجنوبي)، قامت عناصر من حزب القوات اللبنانية بخطف أربع دبلوماسيين على حاجز البربارة وهم: محسن الموسوي، كاظم اخوان، تقي راستغار واحمد متوسليان، بعد عودتهم من زيارة لسوريا.

ونتيجة للعلاقات التي كانت تربط حزب القوات اللبنانية بالإسرائيليين في تلك الحقبة، ونتيجة للحقد الاسرائيلي على إيران بعد ثورة الامام الخميني وتسليم السفارة الاسرائيلية الى منظمة التحرير الفلسطينية لتكون اول سفارة لفلسطين في العالم، فقد اتهمت إيران حزب القوات اللبنانية بتسليم دبلوماسييها الى الكيان الصهيوني.

بعد طي صفحة الحرب الأهلية اللبنانية بموجب اتفاقية الطائف (التي شارك بالتوقيع عليها حزب القوات اللبنانية)، وانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وتشكيل حكومة لبنانية (رفض ايامها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الانضمام اليها بعد صدور مراسيم تشكيلها وورود اسمه كوزير فيها)، وبعد حادثة تفجير كنيسة سيدة النجاة، تم اعتقال جعجع بتهمة تفجير الكنيسة، وبناءً على طلب من الحكومة الايرانية لمعرفة مصير دبلوماسييها المختطفين مثل جعجع امام قاضي التحقيق العسكري لمعرفة مصير الدبلوماسيين فيجيب انه تم نقلهم الى جهاز الامن الذي يرأسه ايلي حبيقة وقتلوا بعد وقت قصير من خطفهم وتعذر العثور على رفاتهم.

وأواخر عام 1990، يلتقي جعجع وفداً دبلوماسياً إيرانياً، ترافقه عائلات الدبلوماسيين المفقودين، في محاولة لجلاء مصير الأربعة، ويعيد المعلومات نفسها التي أدلى بها أمام المحقق. (المصدر: جريدة القبس الكويتية).

عام 2005، وفي مقابلة له مع صحيفة السفير، يكشف جعجع للمرة الأولى أن الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة تمت تصفيتهم على أيدي عناصر حزبية.

روايات إيران:

البيانات السنوية لوزارة الخارجية الإيرانية كانت تصرّ على أن المختطفين يقبعون في زنازين الكيان الصهيوني.

وأواخر مايو 2016، أفاد وزير الدفاع الإيراني السابق حسين دهقان بأن طهران حصلت على معلومات تظهر أن متوسليان وثلاثة إيرانيين آخرين اختفوا في بيروت «ما زالوا على قيد الحياة».

وعام 2020، كشف مدير مؤسسة «أوج» للإنتاج الفني والإعلامي، المقربة من «الحرس»، إحسان محمد حسني، أن الدبلوماسيين «تم رميهم بالرصاص في شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وذلك بعد اختطافهم بأيام قليلة، على يد ميليشيات حزب الكتائب، العميلة للكيان الصهيوني»، مضيفاً أن «رفاتهم قد تُعاد إلى إيران خلال الفترة المقبلة».

ماذا كانوا يفعلون؟

تقول صحيفة الوفاق الإيرانية إن “الإيرانيين كانوا يريدون أن يساعدوا الشعب اللبناني على تأسيس المقاومة، وهذا ما كان كافياً لكي تقوم ميليشيا القوات اللبنانية بقتلهم.”

ولو اخذنا بعين الاعتبار العلاقات التي كانت تربط حزب القوات اللبنانية “بإسرائيل” في فترة الاجتياح الاسرائيلي للبنان لوجدنا ان تحليل صحيفة الوفاق أقرب ما يكون الى الواقع أنذاك حيث ان لا مصلحة لحزب القوات اللبنانية في قيام اي مقاومة اخرى تقف في وجه اسرائيل اثناء قيام اسرائيل بالتخلص من المقاومة الفلسطينية في ذريعة اجتياحها للبنان بعد مقتل سفيرها في بريطانيا شلومو ارجوف اغتيالا.

وفي كتاب بعنوان «سر أحمد»، يروي الباحث في الشؤون الحربية حميد داود آبادي، تفاصيل رحلة متوسليان إلى سوريا، ومنها إلى لبنان، واختطافه على حاجز البربارة، ويستنتج أنه قُتل عقب التوقيف بفترة قصيرة.

ويذكر الباحث في كتابه أنه في الأيام الأخيرة من بحثه عن مصير متوسليان، التقى بالجنرال قاسم سليماني، الذي أكد له ان «الأربعة تم قتلهم في تلك الليلة».

ما بين العام 1982 والعام 2024، اي بعد اثنين وأربعين عاما، ما زال الحقد بين حزب القوات اللبنانية وبين إيران مستشريا، خاصة بعد اعلان حزب الله مساندته لغزة، نتيجة ارتباط حزب الله بإيران عبر فيلق القدس.

السردية تقوم على (حزب السلاح، قرار السلم والحرب بيد الحزب، سيادة الدولة اللبنانية المفقودة، العمالة لإيران، حياد لبنان، لبنان لا يريد الحرب الخ .. )، وفي نفس الوقت يطالبون بقطع العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وايران وطرد البعثة الدبلوماسية من لبنان (الأمر الذي حدث سابقا بعد تولي امين الجميل رئاسة لبنان وتوقيعه اتفاقية 17 ايار 1983 حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وايران)، وترى مسؤولهم الاعلامي يبدأ بإظهار حقده من كلمته (لا يشبهوننا) الى اعادة مطالبه بتطبيق الفصل السابع على لبنان في قرارات الامم المتحدة، كما ترى حجم التشفي والسخرية من مؤيدي حزب القوات اللبنانية على مواقع التواصل الاجتماعي، من استشهاد أمين عام حزب الله وقياديي الصف الأول، الأمر نفسه الذي استخدموه عندما تم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية ومن بعده السنوار، متذرعين بحرية إبداء الرأي ومتناسين انهم يتناقلون ما يقوله الاعلام الاسرائيلي (وفي بعض المرات حرفيا)، في الوقت الذي ينبغي فيه التكافل والتضامن بين أبناء الوطن الواحد كي لا يتحقق المشروع الصهيوني ببث نار الشرذمة والتفسخ والتباعد الامر الذي ستستفيد منه آلة القتل والتهجير الإسرائيلية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *