المقاومة اليوم هي ضمانة الحكومات لا العكس

المقاومة اليوم هي ضمانة الحكومات لا العكس

بعد الحرب العالمية الثانية تقاسمت الدول المنتصرة في الحرب النفوذ في العالم. الولايات المتحدة الأمريكانية تزعمت الحلف الاطلسي وتزعم الاتحاد السوفياتي حلف وارسو. وعند انهيار الاتحاد السوفياتي تفردت الولايات المتحدة الأمريكانية بالهيمنة على دول العالم. ورأينا كيف تمددت الولايات المتحدة الأمريكانية وحلفاؤها الغربيين بالسيطرة على دول التي كانت من حصة النفوذ السوفياتي.

في ظل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكانية والاتحاد السوفياتي كانت جمهورية الصين تنمو بهدوء بعيدا عن الضجيج الدولي والاطماع الاستعمارية، فتقدم اقتصادها بسرعة وأصبح ينافس بقوة الاقتصاد الأوروبي والأمريكاني، بل غزت منتوجاتها الولايات المتحدة الأمريكانية والدول الأوروبية. مما شكل خطرا حقيقيا كبيرا على اقتصاديات المجتمعات الاوروبية وأمريكانية. كذلك رغم تفكك الاتحاد السوفياتي حافظت روسيا على قدراتها العسكرية وتماسك وحدتها الداخلية واخذ اقتصادها ينمو تدريجيا مما جعلها تسعى لاستعادة نفوذها السابق. وقد نجحت في بعض الاماكن ومنها الشام ودول عديدة غيرها. فأمام نهوض الاقتصاد الصيني، والذي يشكل خطرا جديا على دول الاستعمار وامام استعادة روسيا بعض مواقعها الدولية، وامام تحرر بعض الشعوب واستقلالها عن الهيمنة الأطلسية، ومنها الشعب الإيراني، أخذت هذه الشعوب ببناء قدراتها الوطنية على كافة الصعد، وشبك مصالحها مع العملاق الصيني.

شعرت عندها الولايات المتحدة الأمريكانية ببدء فقدان السيطرة على الجغرافيا التي تخضع لسيطرتها فحزمت أمرها مع حلفائها في الاطلسي وحليفها اليهودي ان تثبت هيمنتها وتطويق روسيا والصين بسلسلة من الحرائق فقررت فتح جبهة مباشرة مع روسيا بواسطة أوكرانيا، والتمدد في البحار بغطرسة بشعة، كما قرروا ان ينهوا ويضعفوا حلفاء الصين وروسيا في بلادنا وفي إيران وباقي المناطق في محيطنا. وبالتوازي مع حرب أوكرانيا أوعز الأمريكان وحلفاؤهم الغربيون الى العدو اليهودي ان يعلن الحرب على محور المقاومة المزعج لهيمنتهم والذي يقف عثرة في وجه تمدد مشروعهم بالمنطقة، والذي نما بشكل كبير مما شكل خطرا على استقرار سيطرتهم.

الحرب التي أشعلها العدو اليهودي المجرم اكملت عامها الاول من القتل والتدمير والتهجير في فلسطين، وحصدت آلاف الشهداء والجرحى. هذه المعركة هي معركة الولايات المتحدة الاميركانية والحلف الاطلسي المتقاطعة مصالحه مع أطماع التمدد اليهودي في بلادنا السورية. فالحرب ليست نتيجة قيام المقاومة في فلسطين بعملية طوفان الأقصى وليست نتيجة إسناد محور المقاومة لبعضه البعض، بل الحرب كان معد لها مسبقا، وما عملية طوفان الأقصى إلا ذريعة لبدء الحرب والتدمير لإنهاء المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن لتتفرغ لإيران ومن ثم للمعركة الكبرى التي تعدها لروسيا والصين، وذلك لتبسط هيمنتها على هذا العالم من جديد دون منازع. وللحقيقة التاريخية جاءت تشكيلات حركات المقاومة في بلادنا وفي المنطقة بعد عجز الحكومات عن مواجهة التمدد اليهودي والاستعماري وعجزها عن اعداد نفسها لهذا الاستحقاق، ولان بعض الحكومات انبطحت امام الأمريكاني والعدو اليهودي لتكون له جسر عبور على حساب مصالح شعبها، من هنا نؤكد ان الحرب المشنة على بلادنا وشعبنا، ليست حربًا عابرة او معركة بين الحروب الطويلة مع العدو اليهودي، بل هي حرب تعني كل جودنا بالصميم. فالوقت ليس وقت فذلكات سياسية داخلية في كل الكيانات السورية، وان الظرف دقيق وخطير للغاية. إما أن يكون لنا امل بالنهوض أو تتراجع أمتنا الى عشرات السنين من التخلف والاحتلال. لذلك فالسوريون مدعوون ان يقفوا وقفة واحدة، وقفة عز للدفاع عن أرضهم ووجودهم، وان تتضافر الجهود والإمكانيات، وان يدفعوا بكل مقدراتهم في هذه الحرب، فأي اختراق لجبهة لبنان أو انكسار لإرادة المقاومة في فلسطين فهذا يعني تقهقر السوريين لمدة من الزمن، وهذا يعني لن تبقى هناك حكومات وستزول وسيبدل العدو شكل المنطقة والأنظمة. لذلك علينا ان نكون موضوعيين وواقعيين ونعترف بأن المقاومة هي ضمانة استمرار الحكومات اليوم وليست الحكومات هي حامية المقاومة. فالمقاومة موجودة وقادرة، ادعموها. هذا أفضل بكثير من ان تشكلوا مقاومة في كياناتكم لإخراج اليهودي والاطلسي منها لاحقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *