نعتّز بجراحنا لأنها جراح أعزاء لا جراح أذلاء

نعتّز بجراحنا لأنها جراح أعزاء لا جراح أذلاء

حزن كبير جداً يملأ قلوبنا وقلوب كل المناضلين الأحرار بفقدان مُلهم الأبطال والرجال سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي ارتقى شهيداً مع مجموعة من رفاقه القادة المقاومين وعدد كبير من المدنيين الأبرياء، نتيجة عدوان آثم وغادر وجبان نفذته دولة الشر والإرهاب بهمجية لا مثيل لها وبخرق فاضح لكل المعاير والقوانين الدولية.

خسارة كبيرة حلّت بنا في هذا الزمن العصيب بفقدان شهيدنا الكبير، هذا القائد المقاوم الاستثنائي، الذي كان بشهادة الناس أجمعين قائدًا صادقًا ومخلصًا وحكيمًا وجريئًا لا يخشى الصعاب.. رجلاً مؤمنًا برب العالمين وثائرًا على الظلم، والاستبداد، ومناصرًا للضعفاء، والمظلومين.. رجلاً شجاعًا مشى في طريق الحق والبطولة رافضًا الذل والطغيان ومؤمنًا بأن الحياة لا تكون إلا في العز ومصممًا على مواجهة المعتدين الظالمين الحاقدين الذين يغتصبون الأرض والمقدسات ويرتكبون المجازر الوحشية ويمارسون أبشع جرائم الحرب والارتكابات اللاإنسانية قتلاً واغتيالاً وتدميرًا وإبادة بغاية اقتلاع أصحاب الأرض من أرضهم والاستيلاء عليها لتتوسع دولتهم المارقة – دولة الشر والعدوان والإرهاب – ولتتحقق أحلامهم التوراتية – الوهمية.

كيف لا نحزن على فقدانك يا قائد الأبطال والمقاومين وفي شخصيتك تجمّعت كل صفات الرجولة الحقة والقيادة المميّزة والبطولة النادرة والأخلاق النبيلة والرؤيا الواضحة وقوة الحضور؟

كيف لا نتألم على فراقك يا سيد، يا من هزمت “الجيش الذي لا يقهر” وصنعت الانتصارات والأمجاد، وفي نفسك الخيّرة وجدنا كل الحب والصدق والنبل والتواضع والوفاء وكل العزم والتصميم والقوة والبسالة وروح الجهاد؟

كيف نتقبّل غيابك وعدم اطلالاتك المحبّبة بعد الآن يا سيد، يا من حرّرت مع المقاومين جنوب لبنان ودحرت قوى الإرهاب الداعشي، وفي نهجك الثابت كنت أملاً ومثالاً يحتذى به في الإقدام والتضحية والعطاء والجهاد حبًا بالوطن، وكرامته، وفداءً لحريته، وسيادته؟

سنفتقد كلماتك يا سيد الكلام، يا من تربّيت على مبادئ العز والعنفوان ويا من سامحت المتآمرين والمتعاملين مع المحتل وأهديت انتصارات المقاومة إلى كل أبناء الوطن، وبالرغم من ذلك ما زالت قلة من يهود الداخل المساومين على مصلحة الوطن يطعنون بالمقاومة ويتآمرون عليها.

يا أبا الشهداء والمقاومين الشرفاء.. يا من طلبت الشهادة وأمنت بها طريقًا لحياة العز، كما آمنَ بها من قبلك زعيمنا الخالد الذي رحّبَ بالموتِ طريقًا إلى الحياة في وقفة عزٍ لا مثيل لها في التاريخ وهو القائل “إنّ أزكى الشهادات في الحياة هي شهادة الدم”، سنفتقد كلماتك الممزوجة بالعز والكرامة والعنفوان.. والمجبولة بالصدق والعزم، وقوة الحق، وبثقة بالنفس، والحياة.. نعم! سنفتقد كلماتك النابضة بالحب والأمل والإيمان بالنصر الأكيد.. إيمانٌ قد عبّر عنه شهداؤنا الخالدون، كما عبَّرتَ عنه بشهادتك الأسمى تعبيرًا صادقًا لا يمحى.

نحن لسنا جماعة تئن وتتأوه وتبكي من ألمها، بل جماعة تعتّز بجراحها لأنها جراح أعزاء لا جراح أذلاء ومقهورين.. في حربنا المفتوحة والشرسة مع عدونا البربري، العنصري، الطامع في أرضنا وخيراتنا، تعرّضنا لنكبات كبيرة في غزة وكامل فلسطين. واليوم في لبنان، في جنوبه وبقاعه وفي عاصمته الأبيّة.. ولكن رغم كل النكبات والجراح والآلام، سنبقى نحن وكل المقاومين على نهج المقاومة والبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة إلى ان نحرر أرضنا المقدسة ونحقق نصرنا المبين. هذا هو إيماننا الذي نستمده من سيرة الأبطال ونهجهم.

يقول الزعيم الخالد: “ليس عاراً أن نُنكب، ولكنه عارٌ إذا كانت النكبات تحوّلنا من أشخاص أقوياء إلى أشخاص جبناء”.

بوحدتنا وإرادتنا ستبقى المقاومة قوية وستسحق الباطل وتنتصر، وستكون لنا حياة العز والشرف في وطن الخصب، والخير، والحب، والجمال.

الخلود لروحك يا سيد المقاومة ولأرواح كل الشهداء. البقاء والنصر للأمة.

*رئيس الندوة الثقافية المركزية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *