هل ستتسع دائرة الحرب؟

عند النظر الى ما تفكر به عوالم الاكاديميا والاجتماع والسياسة والاقتصاد والامن والعسكر في دولة الاحتلال نجد ان هنالك اجماعا عاما على المضي قدما في حربهم لإبادة الشعب الفلسطيني وحسم الصراع مع امتنا في هذه المسألة. ولا خلاف بينهم حول الخطط العامة والرؤية الجمعية، فجميع المكونات الاحتلالية متفقة، وان كان ثمة خلافات حول التفاصيل، وتحديدا في مسالة الاسرى الذين تحتجزهم المقاومة، حيث يرى بعض منهم في المعارضة ان استردادهم يمثل اولوية ملحة فيما يرى اخرون في الحكومة ان هذه مسالة ثانوية في وقت تخوض فيه الدولة حرب وجود.

وحسب ما ذكر الوزير المتطرف” سموتريتش” في أكثر من تصريح وتغريدة، فإن التضحية ب 100 اسير امر مفهوم ومباح وشرعي إذا كان ذلك في سبيل حماية الدولة وملايين المواطنين. لكن تطورات كثيرة  قد طرأت على الموقف (الاسرائيلي) ودعت الى فتح معارك إضافية، إن في الضفة الغربية او في الشمال او الشمال الشرقي لفلسطين المحتلة، فالفكرة السائدة أن غزة لم يبق فيها ما يدمر وان الجيش (الإسرائيلي) لا يستطيع ان يفعل اكثر مما فعل طيلة ال 11 شهرا الماضية، وبالتالي فان الخطة المتصورة لغزة يمكن العمل على تنفيذها من خلال ادخال قوات عربية موالية للمحور الأمريكي، ظاهر مهمتها الفصل بين المتحاربين وتحقيق الامن الداخلي، وإعادة الاعمار والإغاثة وما الى ذلك، ولكن جوهر مهمتها سوف يكون في اكمال عملية نزع سلاح المقاومة وكشف شبكات أنفاقها وضربها املين بأن تحقق هذه القوة ما لم يستطع الجيش (الاسرائيلي) ان يحقق، وانشاء معسكرات لجيش الاحتلال بجوار المناطق المسكونة فلسطينيا والعمل منها على طريقة ما يجري في الضفة الغربية من اجتياحات واغتيالات ومحاولات تدمير الانفاق ثم الانسحاب الى معسكراتهم المحصنة، واخيرا التهجير الذي يمثل هدفا رئيسا وان كان غير معلن سواء من شمال غزة الى وسطها وجنوبها او الى خارج غزة، وعند هذه النقطة تتحول الحرب في الجنوب الى معركه ثانويه بالمقارنة مع المعارك والجبهات التي ستفتح.

في معركة الضفة الغربية تبدو الاهداف الاحتلالية أكثر وضوحا، فهي مسجلة في الاوراق الرسمية للحكومة (الإسرائيلية) ووزرائها وهي تعرض الضفة الغربية والفلسطينيين فيها لأخطار محدقة منها ضم أكثر من 81% من الاراضي وتهجير قسم كبير من السكان للأردن طوعا او قهرا، بعد جعل حياة هؤلاء بالغة الصعوبة ووضعهم امام ثلاثة خيارات اعلنها الوزير “سموترتش” بقوله: الموت أو الهجرة أو العيش الذليل.

في جبهة الشمال والشمال الشرقي أخذ (الاسرائيلي) بتهيئة العمل على فتحها عسكريا من خلال نقل كثير من قواته العاملة في غزة الى الجليل ثم اخذت مؤسساته الإعلامية في حملة جديدة للحديث اولا عما يعانيه المستوطنون اليهود الذين اضطروا الى ترك مستوطناتهم ومساكنهم في الجليل في هجرة الى مناطق اكثر امنا، ثم في نقل كثير من قواته العاملة في غزة الى الشمال والشمال الشرقي مترافقا ذلك مع الحديث عن خطورة الوضع الذي يمثله هذا الشمال باعتباره خطرا وجوديا دائما يجب الخلاص منه واشتملت هذه الحملة شيطنة كل من دمشق والضاحية الجنوبية وتأكيد وزير الدفاع ان قواته جاهزة لاحتلال شريط امني في جنوب لبنان، غير اخذ في الاعتبار فشل التجربة السابقة التي سبق ان انتجت ظاهرة سعد حداد وانطون لحد وانتهت الى فشل ذريع، ثم فيما يقوله نتنياهو في المجلس الوزاري المصغر بان الوضع في الشمال لن يستمر ويجب ان يتغير من خلال العمل على ميزان قوى جديد.

تضيف الحملة الاعلامية هذه ان اعدادا غفيرة من القوات الخاصة اليمنية قد تم نقلها لسوريا او للجنوب اللبناني وان اخرى إيرانية ومنها خبراء صواريخ وحرب.

هذا ما حاولت الة الاعلام (الإسرائيلية) توزيعه من خلال الاخبار التي تم فبركتها مع جهات مشبوهة تعمل ضد الدولة في قصة قصف مركز الابحاث في مصياف والحديث عن اختطاف او اغتيال ضباط ايرانيين كبار.

هذه الحرب الدائرة منذ 11 شهرا مستمرة ومرشحة للانتشار والتمدد وتبدو انها قد اكملت عناصرها وذرائعها (اسرائيليا) باستثناء الحصول على ضوء اخضر من الإدارة الأمريكية، ولكنها قد تحدث اليوم بدون ذلك الضوء الاخضر من خلال تصعيد الاشتباك وصولا الى الحرب المفتوحة حيث ستجد واشنطن نفسها متورطة بها ولن تكون حيادية، هذه الحرب سوف تكون طويلة ومرهقة للجميع والنصر بها لمن يقدر على الاحتمال اكثر.

جنين- فلسطين المحتلة