عندما يتدحرج نجاح المفاوضات من 90% الى 0%

لا زالت عمليه تقطيع الوقت التي يمارسها الامريكي والوسيط العربي نيابة عن دولة الاحتلال تجري دون توقف، على شكل مفاوضات ماراثونية متلاحقة لإنهاء الحرب أو للوصول الى وقف دائم او مؤقت لإطلاق النار، وهي مسالة، وان كانت معروفة لبعض منا، خاصة من يتابع الحرب ويومياتها، على انها لم تصل الى اية نهاية حميدة، ولكن ذلك قد أصبح معروف اليوم للجميع.

كان الامريكي في البداية يريد الوصول الى اطلاق سراح الاسرى (الإسرائيليين) الذين تحتجزهم المقاومة كنقطة انطلاق لتحقيق وقف الاطلاق النار، لا بل وانهاء الحرب، وان كان من غير الخفي ان (اسرائيل) كانت ستعود لتواصل الحرب بشكل اكثر ضراوة وعدوانية بعد استردادهم، وذلك ما ادركته المقاومة في غزة مبكرا، ولكن الامريكي اليوم، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في منتصف تشرين الثاني القادم، قد اخذه هاجس ان بقاء (الاسرائيليين) الاسرى في قبضة المقاومة من شانه ان يضعف من حظوظ المرشحة الديمقراطية كاميلا  هاريس، الامر الذي ضاعف من الجهد الامريكي في محاولة لا اظن انها ستصيب نجاحا لإتمام صفقته وقف اطلاق النار، وتكون أيضا المسالة الأولى فيها اطلاق سراح الاسرى (الإسرائيليين) ثم العودة لاستئناف الحرب بذات الدعم الامريكي الغربي او بما هو اكثر.

الوسيط العربي (القطري- المصري) لا زال دوره يراوح بين دور السمسار الذي يأخذ الاقتراحات (الإسرائيلية) ويعيد صياغتها بلسان عربي فصيح ويقدمها للمقاومة باعتبارها من بنات افكاره ومن رغبته في حماية الضحايا ووقف عملية القتل والتدمير، وبين دور البوسطجي حامل الرسائل وناقلها ولكن ذلك بالضغوط التي كان يمارسها على المقاومة لتقبل بهذه الشروط، وهي مساله قد انتهت مع انتخاب الشيخ يحيى السنوار رئيسا لمكتب حماس السياسي حيث اصبح يمسك بكامل تلابيب القرار المقاوم مع التنسيق مع حلفائه في محور المقاومة، ودون التعرض الى ضغوط المحور الاخر الذي لا يعيش بكنفه وانما يعيش في نفق صغير فيزيائيا ولكنه رحب وبالغ الاتساع السياسي.

برغم كل ما تقدم لا يريد هؤلاء الوسطاء التوقف عن مساعيهم خاصة بعد ان اصبحت اكثر الحاحا للإدارة الديمقراطية في واشنطن حيث قال رئيس المخابرات المركزية الأمريكية وليم بيرنز قبل ثلاثة ايام ان 90% من المواضيع قد تم الاتفاق عليها ولم يبق الا القليل أي 10%، ليعود نتنياهو ويؤكد أن محور فيلادلفيا سيبقى محتلا من قبل الجيش وان لا نية لديه للخروج من ذلك المحور باعتباره ضروريا من النواحي السياسية والعسكرية والاستراتيجية والامنية، ثم انه مدخل محور المقاومة (محور الشر حسب مفرداته) الذي تدخل منه الأسلحة، هذه التصريحات كان من شانها تحويل ال 90% الى 0% من جديد.

اول امس الاحد اعلن الرئيس الامريكي عن غضبه من نتنياهو باعتباره من يعطل الاتفاق، فيما يزور رئيس اركان الجيش المصري احمد فتحي خليفة الحدود بين مصر وفلسطين ويقف على بعد امتار من الحدود ليؤكد ان جيش مصر قادر على حماية ارضها وحدودها جيلا بعد جيل، ولكن دون تحديد ان كان يريد ان يحميها من (اسرائيل) ام من المقاومة والفلسطينيين، اما وزير الخارجية الاردني فيعتبر في تصريحاته الرسمية ان الحديث عن التهجير في الضفة الغربية للأردن وكانه اعلان حرب ولكن هؤلاء جميعا لا يقرنون أقوالهم بأفعال، وهي في حال كانت جاده فأنها قادرة على وضع حد للجنون الاسرائيلي المنطلق من عقاله.

وفي حكاية (ابريق الزيت) هذه يعود رئيس المخابرات المركزية الامريكية ليعلن في أحد منتديات لندن على انه لا زال يعمل مع مصر وقطر على تدوير الزوايا لإنتاج مقترح جديد خلال ايام وابدى تفاؤله الغريب عن امكانية اتفاق شيخ المقاومة مع نتنياهو على ذلك الاتفاق.

تذهب المؤشرات جميعها باتجاه ان الحرب لا زالت طويلة، وان جبهة الضفة الغربية قد فتحت، وانها لم تعد تستهدف المقاومة وجمهورها الذي يمثل الغالبية إن في غزة أو في الضفة الغربية، وإنما يستهدف أيضا من يمالئها ويدعمها علنا أو سرا ومن يسالمها بالمعاهدات، فالسلوك العدواني لحكومة الاحتلال سيكون من ضحاياه، من وقع معاهدات السلام معها، ومن يعتقد انه يضمن بقاءه، ان بصمته او بدعم اسرائيل في حربها لا على الشعب الفلسطيني فقط وإنما على الأمة جمعاء والإقليم على امتداده.

جنين- فلسطين المحتلة