منطقتنا بين تجاذب الخارج وواقع الداخل

منطقتنا بين تجاذب الخارج وواقع الداخل

ما من أحد على مساحة الامة او حتى البسيطة ينكر ان منطقتنا هي موضع تجاذب اقليمي وأممي منذ ما قبل التاريخ الجلي فلم تظهر امبراطورية إقليمية او أممية إلا واستهدفتها. واخر المحاولات، هي التي نعيشها اليوم وبالطبع لن تنقطع كائناً من كان المنتصر، فيما نشهده من صراع ان على أراضيها او على ضهر البسيطة ككل.

في سالف الأزمان كانت المواجهات تحدث بين قوى نظامية اكانت مقيمة تدافع، او غازية تهاجم، ومنذ زمن الهكسوس الذين غزو مصر وحكموا معظم أراضيها، والامة في حالة دفاعية لا تحسد عليها. واخر مواجهاتها كانت مع القوى التي انتدبت عليها بعد الحرب العالمية الاولى وجعلت منها مجتمعات مفتتة يقودها حكام يستمدون قوتهم من الخارج وما زالوا رغم جعجعة الحديث عن الاستقلالات.

الانتدابيون تركوا لنا بلوى دعيت لاحقاً (بإسرائيل)، خاضت المنطقة معها حروب نظامية انكسرت فيها معظم الجيوش والاستثناء الذي يعتد به اي حرب تشرين كانت اثاره السياسية توازي الانكسار، رغم البطولات التي قدمت من قبل الجيشين المصري والسوري، اذ ان العالمين الغربي الامبريالي والشرقي أكانا يدوران في الفلك الامبريالي او منافسه كانا تواقان لجعل الدولة السرطانية الحديثة تحظى بفرصة حياة يقومان من خلالها بنهب موارد المنطقة وجعلها تابعة لا يقوم لها قائم.

حدثان غيرا مجرى التاريخ في المنطقة وان كانت اثارهما لا زالت مبهمة للبعض، الحرب اللبنانية ومخلفاتها التي أنتجت مقاومة تدعى اليوم بالإسلامية، وحكم الإسلاميين في إيران. بالطبع كان لجميع المتصدين والرافضين للمشروع الغربي الاستعماري من أنظمة حاكمة او قوى سياسية اسهامات لا يمكن إنكارها. ان حالة التذبذب السياسية والاجتماعية التي خلفها الاستعمار في حلته الانتدابية كما ولبعض رجالات أنظمة التصدي الذين وقعوا في الفخ البتر ودولار أثره السلبي في عرقلة مشروع التصدي وجعله وطنياً وقوميا ناهيك عن سياسة الفتن المتنقلة ولعبة فرق تسد التي تجيدها الأنظمة محليا إقليميا ودولياً.

ان شعبنا اليوم متروك لمصيره، فالأنظمة القائمة لا يعتد بها لتجلس على الطاولة وإذا جلست تناقش امرها هي وليس مصير المنطقة ككل. هذا الامر سيولد أزمات مستقبلية على القوى المتصدية التنبه له لكيلا تذهب التضحيات التي بذلت مصير سابقاتها. ولنا في لبنان أمثولة حية وهي الطائف الميمون، مجتمع خاض صراعاته لعقدين وهدم مؤسساته وقدم شعبه على مختلف توجهاته تضحيات جمة في الأرزاق والأرواح ناهيك عن الهجرة والتهجير ليقيم مكانها مؤسسات يندى لها الجبين وفي شتى الحقول سياسة واقتصاداً واجتماعا ولا يكاد ابناؤه يلتقطون انفاسهم حتى تطفوا على السطح ازمة تكاد تطيح بكل شيء.

ان المقاومة الحالية ان في غزة او لبنان وبغداد وصولا لليمن، قوتها انها ليست نظامية، فهي تقوم بما تقوم به ليس دفاعا عن كرسي حكم او حاكم بعينه، بل تفعل ذلك من منطلقات عقائدية محمولها ديني تحاول من خلالها الدفاع عن الارض والإنسان، إلا ان ذلك لا يكفي لليوم الثاني لان المحمول الديني لا يلقى إجماعاً حتى في أوساط من يتبناه، فضلاً عن الفسيفساء الديمغرافية للمكونات. لذا لا بد للعودة لمشروع الدولة وطنياً وقومياً وحمل لواءه اليوم افضل من الغد وفي الغد افضل من بعده، على ان يحمل بين ثناياه الحرية والحقوق والعدالة اضافة إلى تداول سلطة وتكافؤ فرص وغير ذلك لاستقرار المنطقة انما اضغاث أحلام.