ولا ريب في أن “الخلق اليهودي” “والنفسية اليهودية” هما السبب الوحيد الذي عمل على استدامة هذا الانعزال، وبالتالي على إثارة هذا العداء. ذلك أن “النفسية اليهودية” المتمسكة بخرافة “شعب الله المختار” والمحافظة على ادعائها “برسالة” خاصة، قد ولّدت لدي الشعب اليهودي شعوراً بالانتفاخ والاعتزاز والكبرياء، وكوّنت عاملاً على انعزال اليهود، ورفضهم الاندماج، واحتفظت للشعب اليهودي بطابعه الخلقي الاجتماعي الخاص، وحصرت جهود اليهود في التعاون الشديد معاً ماديّاً وروحيّاً، وأورثتهم حقداً على العالم الأجنبي، فأثارت بهذا العمل عداء الشعوب التي حل اليهود بينها وكراهيتها.
ولئن كان ثمة من يلام على هذا العداء، ومن يصح اعتباره مسؤولاً عنه، فإنما ذاك المسؤول الملام هو “الشعب اليهودي” نفسه، “والخلق اليهودي” بعينه! وإن المحاولات اليهودية لإلقاء مسؤولية مصير اليهود الكئيب على عاتق ظروف معينة أو شعوب معينة، لمحاولات مردودة في أساسها لأنها تتجاهل العامل الأول والأساسي الذي خلق تلك الظروف وأثار عداء تلك الشعوب.
وبما أن “القضية اليهودية” قضية قد ولدها “الخلق اليهودي” وأثارها “الشعب اليهودي”، فإنه لمن الخطأ والإجحاف أن يحمل “الشعب الفلسطيني” تبعة حل “القضية اليهودية” على حسابه – على حساب مصيره القومي، وحقوقه المقدسة، وحريته في وطنه.
(كلمة الحزب حول” القضية الفلسطينية ” في مؤتمر الجبهة العربية /يافا 21سبتمبر 1945)