مجدل شمس تنتصر على الفتنه

مجدل شمس تنتصر على الفتنه

طيلة في ايام الحرب كان محور المقاومة يؤكد باستمرار التزامه بدعم المقاومة الفلسطينية من خلال وحدة الساحات ورفع شعار ان المحور لن يسمح بهزيمة  غزه، من هنا كانت المشاغلة  و الاشتباك بالنار وبالدعم والحصار والضغط البحري، في مقابل ذلك اثبت المحور الاخر ذات المقدار من الالتزام بالدفاع عن دولة الاحتلال باعتبارها امتدادا للمشروع الغربي ومن المحظور عليها ان تهزم، مقدما اقصى ما لديه من دعم عسكري وسياسي وامني ومالي، كما في الصمت السلبي لبعض اطراف المحور الهامشية التي تقدمت بمبادرات لوقف الحرب ملبيه الشروط (الإسرائيلية).

خلال الشهور التسعة الماضية حرصت كل طهران وواشنطن على تثبيت قواعد الاشتباك والحفاظ على ايقاعها مع هوامش ارتفاع وتائرها حينا وانخفاضها حينا اخر، ولكن على ان لا يتطور ذلك باتجاه ان تصبح حربا اقليمية شاملة لا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها او احتمال اكلافها البشرية والاقتصادية، ولكن الحرص هذا والاتفاق الضمني والنوايا هذه ترافقت مع حشد طاقاتهم السياسية والعسكرية واظهارها على مدى الاقليم تحسبا لأي انزلاق وفي حالة مشابهة لما كان قائم ايام الحرب الباردة وأطلق عليه اسم توازن الرعب.

اسرائيل الدولة: حكومة ومعارضة ، ومؤسسات بحثية وامنية وعسكرية كان لها راي اخر، فهي ترى ان الحرب واتساعها امر لابد منه خصوصا مع المقاومة اللبنانية ،وحسب مناقشات فرعية على هامش مؤتمر هيرتسليا الاستراتيجي ذهبت الآراء بان الاشتباك مع المقاومة اللبنانية لو حصل قبل خمس سنوات لكان افضل من قبل سنتين ولو حصل اليوم فهو افضل من ان يحصل بعد سنه مع خصم تتعاظم قوته وتتراكم تجربه سنه بعد سنه واستقرت الآراء بان الاشتباك مع لبنان سيكون مكلف جدا ويفوق بضراوته الاشتباك مع المقاومة الفلسطينية في غزه ولكن مع ذلك يبقى اقل كلفه من خطر التعايش مع من يمثل تحديدا وجوديا (لإسرائيل).

تحتاج الحرب الواسعة لتوافر أحد عنصرين: الاول هو في حصول (اسرائيل) على ضوء اخضر من واشنطن وبما يشمل احتمال مشاركتها ومعها حلف الاطلسي العالمي وفرعه العربي في الحرب الى جانب دوله الاحتلال ان تطلب الامر، ولا نعلم ان كان نتنياهو قد حصل على ذلك او على شيء من ذلك في رحلته الى واشنطن، اما العنصر الثاني فهو ان يقوم أحد أطراف المعادلة بارتكاب خطا في الحساب يفاقم الوضع ويستدرج ردودا ثم ردود على الردود وصولا الى تجاوز قواعد الاشتباك الى الحرب الشاملة.

الحقل اليوم مليء بالهشيم الجاف وعودوا ثقاب واحد قادر على اشعال ما يصعب اطفائه هذا هو الوضع الذي سقطت به مقذوفة على ملعب كره القدم في مجدل شمس كبرى مدن الجولان التي قاومت الاحتلال والأسرلة منذ عام 1967 برغم كثافة المشاريع التهويدية التي لم تستطع ان تجد لها مؤيدين الا قلة من النفوس المهزومة والتي شجعتها الحرب على سوريا على الاعلان عن وجهها الحقيقي.

منذ قرابة السنة احتج اهل السويداء على واقعهم المعاش فقاموا بحراك سلمي ذو مطالب اجتماعية معيشية تتعلق بخدمات الدولة التي ارهقتها الحرب الطويلة، وما هي الا بضعة اسابيع الا وظهرت تجمعات سياسية واحزاب من المجهول بعضها يتخذ من فرنسا مستقرا له، عمل هؤلاء على اخراج الحراك عن مساره ووضعه في مسار سياسي ومطالب بحقوق للطائفة المعروفيه (الدرزية) وصولا الى الانفصال و اقامة دولة الطائفة، وهذا الطرح ساهم في تشكيله شيخ عقل الدروز في فلسطين المحتلة الذي سبق ان قام بزيارات دورية لرئيس حكومة الاحتلال واركان الحكومة و الجيش للمطالبة بالدفاع عن دروز سوريا الذين حسب ما يراهم  الشيخ المذكور يتعرضون لقمع الدولة السورية وذهب الى ما هو ابعد من ذلك وبما يثير الريبة والدهشة عندما قام بزيارة موسكو وقابل نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف وناقش معه اوضاع الدروس في سوريا وكانه وصي عليهم.

فور سقوط المقذوف على ملعب كره القدم وجه (الاسرائيلي) مخالب اتهامه للمقاومة اللبنانية التي لم تقم طيلة الحرب بقصف اي هدف مدني اسرائيلي واحد، فكيف لها ان تقصف هدفا سوريا وهي تدرك التعقيدات التي يمكن ان تترتب على مثل هذا العمل والمقاومة تملك المصداقية عند نفيها مسؤوليتها، هذه المصداقية لا يسلم بها كاتب هذا المقال فحسب ومن هو في صفهم وانما حتى لدى (الاسرائيلي) العادي الذي لم يسجل على المقاومة ايه أكذوبة.

يصر الاسرائيلي ومن ورائه الغرب الاستعماري على اننا لسنا امه تامة، وما نحن برايه الا اشتات ونتف من طوائف ومذاهب واثنيات وقبائل يعمل على تكريسها فيما يتعالى نباح وزراء في حكومة تل ابيب ويتناغم معهم نباح عملاء اخترقتهم الأجهزة المعادية من (إسرائيلية) وغربيه وعربيه مطالبين بالرد بتدمير لبنان او بالتحقيق في الحادث.

وإذا كان نتنياهو يريد توجيه ضربة قوية الى لبنان ليستدرج ردا يكون شرارة الحرب او على الاقل ليحصل على صورة حريق مشابه لصور حريق ميناء الحديدة فان المقاومة اللبنانية التي طالما ابدت صبرا استراتيجيا لا تبدي امام نباح التهديدات خوفا او ارتعاشا بقدر ما تبدي جاهزية للرد عليها وبما يوازيها بالمقدار.

اما الرهان (الاسرائيلي) الفاشل على ايقاظ الفتنة في الجولان، فان السواد الاعظم بمجدل شمس و سائر الجولان هم الاحرار القابضون على جمر الهوية السورية، و قد استطاعوا التعامل بما يجب و بما يليق بهم امام وفود الفتنة و التحريض التي حاولت الاستثمار بالحدث.

جنين- فلسطين المحتلة