إلى ساحات العزِّ والصّراعِ والبطولةِ الواعيةِ ندعوكم

إلى ساحات العزِّ والصّراعِ والبطولةِ الواعيةِ ندعوكم

في هذا الزمن الصعب، زمن المجازر المروّعة والإبادة الجماعية والمؤامرات المتمادية.. زمن التشرذم، والغيبوبة، والخنوع، والانحطاط.. نعود إلى شهيد الثامن من تموز الذي أسس مدرسة الصراع التي تُخرِّجُ المصارعين الأبطال الرافضين للعبودية والتائقين للحرية.. نعود إلى سعاده رجل القضية لنغرف من معينه إيماناً وعزيمة وقوة ولنهتدي بتعاليمه ومواقفه ونستخلص منها الدروس والعبر ونعمل على تجسّيدها في سبيل خلاص أمتنا من التفكك والانقسامات والانحلال.

سعاده العظيم يقول لنا: “إن أزمنة مليئة بالصعاب والمحن تأتي على الأمم الحيّة فلا يكون لها إنقاذاً منها إلا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة.” ونحن الآن في خضم هذا الزمن المليء بالصعاب والمحن والمآسي.. زمن الجهل والتفاهة والثقافات الظلامية.. زمن الاستعباد والتبعية والعهر الغربي. زمن القتل الجماعي والإرهاب الصهيوني والتخاذل العربي.. لذلك نحن مدعوون لممارسة البطولة الواعية التي تحمي وجودنا وحقونا وثرواتنا.

نحن مدعوون لاستنهاض القوة والأصالة الكامنة في شعبنا الحضاري ولتأهيل مجتمعنا ببعث فضائله وقيمه العليا. نحن أمة معلّمة وهادية للأمم وفيها معين للرجالِ والنساء الناهضين.. وسعادة دعانا إلى الإيمانِ المطلقِ بهذِهِ الأمّةِ وبقواها القادرةِ على قهرِ الباطلِ وسحقِهِ وقالَ: “إنَّ فينا قوةً لوْ فعلَتْ لغيّرَتْ وجهَ التاريخِ”.

ونحن مدعوون لإصلاح مجتمعنا وتوعيته لوحدة حياته ومصلحته ولتحصّينه بخروجنا من الانقسامات والانتماءات الضيقة لننتمي إلى الوطن بأكمله ولنناضل من أجل قضيته بكليتها.. ألا يكفي ما حلَّ بالأمة من ويلات وكوارث لنتعظ ولنضع حداً لكل تناقضاتنا ولنحشد طاقاتنا المبعثرة ونتوحد حول قضية وجود الأمة وحريتها وسيادتها على نفسها؟

ألا يكفي ما مرَّ علينا من حروب أهلية وفتن مذهبية لندرك ان الطائفية كانت ولا زالت علة الأمة كلها؟

سعاده دعانا إلى نبذ الحزبيات الدينية العمياء والقضاء عليها لأنها تعمي بصيرة الأمة وتؤدي إلى تفسخها وتفككها وهلاكها، وقال: “أنَّ المجتمعَ يهلَكُ بالطائفيةِ ويحيا بالآخاءِ القوميِّ.”

وسعادة دعانا لأن نكون مجتمعًا قوميًا اجتماعيا موحدا لا وجود فيه للتعصب الديني والأحقاد المذهبية. ففي وحدتنا الاجتماعية “تزولُ الحزبياتُ الدينيةُ وآثارُها السيئةُ وتضمحلُّ الأحقادُ وتحلُّ المحبةُ والتسامحُ القوميانِ محلَّها…”

وحدة حياتنا ومصيرنا لا يمكن انكارها بالرغم من كل الدعوات الانعزالية، والرجعية، وعوامل التجزئة ،والانقسامات. إن في بلادنا، يقول سعاده، “وحدة قومية فعلية في الحياة الاجتماعية والمصالح النفسية والاقتصادية وفي المصير الشعبي كله لا يمكن كل عوارض الحدود السياسية تقطيعها وتجزئتها.”  ويضيف: “إنّ وحدة الحياة السورية القومية لأقوى من جميع عوارض الحدود السياسية!”

سعاده نبَّهنا من أن الخطر الصهيوني لا ينحصر في فلسطين، بل هو يتناول لبنان والشام، إنه خطر على الشعب السوري كله.. وبالتالي فإن إنقاذ فلسطين هو مسؤولية الأمة كلها، وقال: “لا يمكن ان نصل إلى مصير صحيح إلا بقضية واحدة كلية لا بقضايا مبعثرة لا رابطة بينها”. وقال أيضاً: “لا يمكن لسورية ان تتقدم إلا بقضية سورية قومية ولا خلاص لها إلا بامتداد الوعي السوري القومي وباهتمام الشعب السوري بنهضته القومية الاجتماعية التي تجعل مصيره في يده لا في يد اتفاقات انترنسيونية ولا في إرادات أجنبية يتزلف إليها النفعيون من أبناء البلاد ويبيعون إليها مصالح الأمة ومرافقها ومواد البلاد الأولية.”

فإلى هذا الوعي القومي، إلى ساحات العزِّ والصّراعِ والبطولةِ الواعيةِ ندعوكم يا أبناء شعبنا العظيم لسحق تنين الرذائل والقبائح والأباطيل لكي ننتصر جميعًا ونقيم الحياةِ الجديدةِ للأمّةِ كلِّها.