الفقرة السادسة: المحكمة الحزبية
أولا : المحكمة الحزبية في دستور الحزب الحالي
بتاريخ 27/8/2001 صدرعن المجلس الاعلى القانون الدستوري عدد 13 وهو يتعلق بالتنظيم القضائي وقد نصّت مواده ان للحزب محكمة عليا تتوزع الى غرف ينتخبها المجلس الاعلى وله حق الإقالة بأكثرية ثلثي أعضائه، وان قرارات هذه المحكمة نهائية ومبرمة وصلاحيتها ان تنظر فيما يلي:
1-دستورية القوانين
2-الخلافات الناشئة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشأن تفسير مواد الدستور والقوانين
3-الشكاوى المسلكية والنظامية او الادارية … الخ
يتضح من صلاحيات هذه المحكمة انها مرجع مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا ما استدعى وضع أصول تنفيذ وأصول محاكمات وأصول تبليغ وقضاة وممثل للحق القومي وغرف محاكمة وكل هذا هدر للوقت وللطاقات ومبعث للإطالة والمماطلة في صدور القرارات.
ثـانيا: المحكمة في دستور سعادة المركزي الديمقراطي:
- نصّت المادة العاشرة من دستور الحزب ان المجلس الاعلى يجتمع بناء على دعوة الزعيم «…
لحل مشكل ذي نتائج خطيرة في حياة الحزب الداخلية ولتعديل الدستور الحالي …»
لقد أعطى الزعيم للمجلس الاعلى عندما كان “استشاريا ” صلاحية بت الخلافات الخطيرة في الحزب وتعديل الدستور، ومن البديهي ان المجلس الذي له حق تعديل الدستور عندما كان استشاري اً فبصورة اولى له حق تفسيره والنظر في دستورية القوانين بعد ان تفوّض له كامل الصلاحيات، وتكون بالتالي هذه الصلاحيات التي منحت الى المحكمة العليا هي نفسها الصلاحيات التي يمارسها المجلس الاعلى طبقاً لدستور سعادة. امّا لجهة صلاحيات البت في الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الممنوح للمحكمة العليا فانه طبقاً لدستور سعادة ولنظرية المركزية الديمقراطية فان المجلس الاعلى هو المختص ببت الخلافات بين مؤسستي المجلس الاعلى ومجلس العمد وأعضائهما باعتباره المرجع القيادي الذي تتركز فيه كل السلطات وفي حال أصبح عدد اعضاء المجلس الاعلى 96 عضواً وما فوق وانتخاب العمد من بينهم يصبح من الطبيعي والبديهي ان ي بت اي خلاف بين المؤسستين في اجتماع المجلس الاعلى والاقلية تخضع لقرار الاكثرية وقرارات المجلس ملزمة التنفيذ وبذلك ينتهي الصراع بين المؤسستين المستمر منذ استشهاد سعادة. وعليه، فان المحكمة العليا المستقلةّ لا مبرر ولا مسوّغ شرعي او دستوري لها وهي موضع خلاف إضافي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وليست حلاً لمشاكلهما وان صلاحياتها ودورها وقراراتها ستؤدي الى المزيد من النزاعات.
- اما لجهة نظر هذه المحكمة العليا في الشكاوى المسلكية والادارية المقدمّة بحق أعضاء الحزب ومسؤوليه يمكن ايجاد صيغ متعددة للنظر والبت بها منها ان تنتخب من المجلس الاعلى هيئة تسمّى محكمة او لجنة تحقيق او لجنة تأديبية تحقق مع المشكو منه الذي يعطى حق الدفاع وترفع نتيجة التحقيق والقرار الذي اتخذته الى المجلس الاعلى باعتباره القيادة العليا للحزب الذي له حق التصديق على القرار او تعديله او ابطاله.
ولما كان مجلس المندوبين هو المرجع الاعلى الاخير في الحزب فبتم انتخاب هيئة من بين أعضائه )تسمى محكمة عليا او لجنة تحقيق عليا او لجنة تأديبية عليا( تكون صلاحياتها البت في الطعون المرفوعة اليها والمتعلقة بقرارات المجلس الاعلى ونظاميتها وصحتها وانطباقها على الدستور كما تبث وتنظر في عقوبة الطرد الصادرة عن المجلس الاعلى بحق الاعضاء والمسؤولين وترفع نتيجة تحقيقاتها وقراراتها الى مجلس المندوبين باعتباره السلطة العليا في الحزب الذي له حق التصديق او تعديل او إبطال قرارات هذه الهيئة، ويحدّد نظام الهيئة المنتخبة من المجلس الاعلى والهيئة المنتخبة من مجلس المندوبين بقانون على حده.
الفقرة السـادسـة: الامناء
أولاً: الإمناء في دستور سعادة المركزي الديمقراطي
وضع الزعيم المرسوم الدستوري عدد سبعة المتعلقّ برتبة الأمانة، ومنح عدد اً من الامناء هذه الرتبة. خلال فترة سفره القسري الى المغتربات، انتخب المجلس الاعلى عضويين اضافيين الى المجلس من غير الامناء، فلم يوافق سعادة وطلب ان يكون العضوان من بين الإمناء .ان هذا الاجراء في موقعه الصحيح اذ ان الامناء اختارهم الزعيم بصفته المعبرّ عن إرادة القوميين التي منحوه اياها عند قسمهم بالانتماء الى الحزب، وبالتالي ان انتخاب عضو المجلس الاعلى من الامناء يحول دون انتخاب أعضاء مجلس اعلى وفق وجهات نظر أو مصالح الأفراد في المجلس الأعلى ودون موافقة القواعد الحزبية ،وهذا الاجراء هو مؤقت كون مجلس المندوبين في حينه كان دوره استشاري اً، ولو كان الزعيم يرغب ان يتم انتخاب أعضاء المجلس الأعلى من الامناء بصورة حصرية دائمة لكان من البديهي ان يرد في مرسوم منح رتبة الأمانة نص واضح بأن ينتخب أعضاء المجلس الأعلى من الامناء.
إثر استشهاد سعادة كان يقتضي ان يجتمع مجلس المندوبين باعتباره المرجع الاعلى والسلطة العليا في الحزب طبقاً لما ورد في مرسوم الطوارئ الذي نصّ انه «عند اعتقال الزعيم والهيئة الإدارية المعاونة له يجتمع مجلس المندوبين وينتخب قيادة جديدة»، ويتم بناء لذلك انتخاب مجلس أعلى يتولىّ قيادة الحزب، فتطبق الديمقراطية كاملة في الحزب بأرقى أشكالها ومظاهرها، ولكن ما حصل خلاف ذلك تماماً فقد تنادى الامناء، وانتخبوا مجلس أعلى جديد دون الأخذ بعين الاعتبار ما ورد في مرسوم الطوارئ ودون احترام إرادة القوميين.
ثـانيـاً: الامناء في دستور الحزب بعد استشهاد سعادة
لقد نصّت التعديلات الدستورية الحزبية اللاحقة لاستشهاد سعادة ان يمنح المجلس الاعلى، وليس مجلس المندوبين، رتبة الامانة الى الامناء وفي المقابل ان الامناء ينتخبون المجلس الاعلى وهذه مخالفة صارخة للديمقراطية في الحزب. طبقاً لمفهوم سعادة.
في مطلع العام 2000 تم انتخاب لجنة منح من قبل الهيئة الناخبة في الحزب) اي من أعضاء مجلس المندوبين والامناء (فانتقل الحزب الى مرحلة اصبحت فيها هذه اللجنة تنوب عن إرادة القوميين في اختيار الإمناء، لا بل عملياً في اختيار أعضاء المجلس الأعلى وانتخاب رئيس الحزب وهذا ما الحق بالحزب أضراراً كبيرة لا مجال لعرضها في هذه الدراسة.
ثـالثـا: كيفية مشاركة الأمناء في إنتخابات الحزب
- عدم مشاركة الأمناء
ان الحل السليم والصحيح والمرتكز الى نهج سعادة الدستوري هو ان يشارك الامناء في الترشّح والانتخاب مثل كافة أعضاء الحزب وان ينتخب مجلس المندوبين اعضاء المجلس الاعلى من بين أعضائه ويتساوى في ذلك الأمناء والرفقاء.
- مشاركة الأمناء
ان مشاركة الامناء في انتخاب أعضاء المجلس الاعلى وانتخاب أعضاء المجلس من بينهم، اصبحت مسألة تراثية لها جذور عميقة في تاريخ الحزب. وقد اعتاد القوميون على مشاركة الامناء في انتخاب المجلس الاعلى. وفي حال كانت لدى القوميين رغبة جامحة في اشراكهم
وكانت هذه إرادتهم ففي هذه الحالة وحرصاً على تطبيق الديمقراطية في الحزب يقتضي ان يتم في الحالتين معاً في حالة انتخاب اعضاء المجلس الاعلى من بينهم و/أو في حالة اشراكهم في انتخابه ان يوافق مجلس المندوبين على منحهم وهذا يتطلب وضع قانون على حدة يجيب على جملة من الاسئلة من بينها:
1- كيفية تقييم الامناء واختيارهم؟ 2-عدد الامناء الجدد والقدامى؟ 3- هل يشاركوا بشكل دائم في الانتخابات ام في دورة واحدة او دورات انتخابية محددة؟ 4- هل يعتبر الامناء جزءاً من السلطة العليا وبالتالي جزءاً من سلطة القرار ام يشاركوا فقط في الانتخابات ؟ 5- هل يتم انتخابهم من مجلس المندوبين مباشرةً ام يتم انشاء لجنة منح تعد ملفاً لكل أمين وتدرسه وتقدّم تقريراً الى مجلس المندوبين لإتخاذ القرار كون مجلس المندوبين هو فقط المخول وصاحب الحق بمنح رتبة الامانة بعد استشهاد سعادة؟
ان هذه الاسئلة وغيرها يقتضي دراستها وصياغة تشريع جديد يجيب عليها. مع القناعة انه من المفضل ان يشارك الامناء في الترشّح والانتخاب كبقية أعضاء الحزب وان تقتصر سلطة القرار في الحزب على مجلس المندوبين.
قال الزعيم ان انشاء المؤسسات هو أعظم أعماله. وهو على حق ان المؤسسات الحزبية التي نصّ عليها دستور سعادة صيغت تشريعاتها بكل دقة ووضوح وبلغة علمية سليمة.
بعد استشهاد سعادة طبقت نظرية فصل السلطات وجرت الحزب الى كوارث يدفع القوميون والبلاد بأثرها ثمنها.
يجب الخروج من تطبيق نظرية فصل السلطات في الحزب، خلافه سيستمر الحزب في التآكل والتراجع الى ما لا نهاية، ويجب الاستفادة ليس من نصوص وتجارب الدول الديمقراطية الغربية، بل من تجارب الحزب وتجارب الاحزاب في العالم لصياغة تشريعات جديدة انطلاقاً من دستور سعادة.
ان انهاء نظام فصل السلطات ينهي النزاعات والصراعات الداخلية، ويعود الحزب الى الانتاج فكراً وصناعة وغلالا ً، وينجز ما كان يؤمل منه انجازه من مؤسسات اجتماعية وثقافية واقتصادية وتربوية… ويستعيد دوره السياسي والوطني.